3. عيون كالزبرجد

2.4K 119 96
                                    

بدل ملابسه و جلس على الكرسي الخشبي أمام الطاولة بملل داخل تلك الخيمة الصغيرة الخاصة

تنهد بضجر : تأخر أرو , ما الذي يفعله ؟

فكر للحظات , لما هو الآن يجلس بكل هدوء و ينتظر اروليان ؟ هو لا يفعل هذا عادة بل يستغل أي لحظة تبتعد عينا اروليان عنه حتى يهرب لمكان آخر !

لذا و كما يفترض أن يحدث وقف و ترك تلك الخيمة البائسة

نظر يميناً و شمالاً حيث خيام الجنود و بقية المتطوعين تحيط به

تجاوزها لتستقبله تلك المسطحات الخضرات الفارغة من أي شجرة لعدة أمتار قبل الجهة التي تقع فيها مخيمات اللاجئين

و كما تقوده قدماه للمشاكل قادته إلى هناك , بين تلك الخيام الواسعة و المساحات الفارغة , يوجد قلة من الناس قد استيقظوا و البقية على وشك ذلك الآن

لفت نظره الأطفال اللذين يلعبون بالطين في جهة , بينما هناك نساء يجلسن حول النار التي علق فوقها قدر الحساء

كانوا يحدقون به , شخص جديد يظهر في هذا المكان

رغم أن الأطفال كانوا يركضون في المكان و يصرخون و يلعبون إلا أنه أستنفر من الوجوه المتجهمة للكبار هنا , فالنساء عابسات و عيونهن تخترق كل جندي يقبل عليهم , بينما لم يكن هناك سوا قليل من الرجال

لاحظ أيضاً آثار الحرب عليهم فهناك رجل عجوز لديه جرح كبير على وجهه و تلك امرأة فقدت بعض أصابعها و الكثير منهم يسير مستنداً إلى عصى بل أن هناك البعض لا يسيرون بل يحمهلم الآخرون من مكان لآخر

تلك المناظر كانت كفيلة لتخبره مبدئياً أي نوع من الأماكن هي دوريشيا

لكن السؤال الذي تبادر لذهنه حينها هل يفكر هؤلاء في وطنهم و العودة إليه أم أنهم باتوا يعدون ذلك المكان جحيماً لا يمكن العيش فيه ؟

- أيها الوغد !!!

شهق بفزع حين سمع ذلك الصراخ و التفت إلى تلك الناحية ليجد مجموعة من الأطفال بين العاشرة و الثانية عشر يحملون الحجارة و يرمون أحدهم بها !

اتسعت عيناه و هو يرى ذلك الفتى يتجاهل الاحجار التي تصطدم برأسه و يتابع عمله في قطع الخشب حيث يمسك بتلك الفأس الكبيرة و يرفعها للأعلى ثم يهوي بها على قطعة الخشب الموضوعة أمامه

بتلك الملابس الخفيفة و الجسد النحيل المنهك من تلك الفأس الثقيلة , ذو شعر كستنائي طويل جمع كضفيرة لنهاية ظهره

جرح احد الاحجار وجنته التي سال الدم منها لكنه لم يهتم , بل رفع فأسه و استمر في تقطيع الخشب

أما الأطفال فقد تابعوا رميه بالحجارة و التراب بينما هم يكررون بلهجة ساخرة بغيضة : أيها الماريني ! أعمل بجد و إلا سنلقيك في البحر !

قمر الصباححيث تعيش القصص. اكتشف الآن