الفصل الأول

642 36 12
                                    

أهتزّ المكان، سقطتْ قذيفةٌ على أحدِ المنازلِ، جعلتْ عاليها سافلها، و بقيتْ جثثُ ساكنيها تحتَ رُكامها، نجى القليل،  لكن بجروحٍ بليغة.

كان هناك طفلٌ صغيرٌ ذو 8 أعوام يقفُ على مقربٍة من الأنفجار، لازالَ في حالةِ اللاوعي التي أفقدتْه الشعورَ بما حوله، طنينٌ مزعجٌ طويل يصّمُ سمعهُ عن ندائاتِ أختهُ الكبرى، و هي تهزُّ بجسده النحيل من أكتافهِ الهزيلة ، لم ينفع صراخها في إثارة إنتباهه و أستعادة وعيه ، حاجزٌ من الضياع قد أبتلعه و حبسهُ في عالم اللاشعور  منعه من الرد على أخته التي يرى الخوف و الجزع في عينيها ، و آلسنةُ اللهب تتراقصُ خلفها رقصةَ الموتِ الشنيعة ، حتى صدحَ أخيراً صوتُ إميلي منادية :

_ لــيــو !!!!!

   توالت الجموعُ الخائفة تهربُ بنفسها ، متناسية كل ماهو ثمين داخلَ دورها ، فلا ثمين الان سوى النجاة من أمطارِ النار التي بدأتْ تُرسلُ وابلها غضباً من السماء .
تراجفت الامُ ليزلي على منْ أندثرَتْ بقاياهُ تحت رُكام منزلهم المتحطم ، الأبُ أندريا حُصِرَ بالنار التي ألتهمتْ محيط المنزل حينما كان يحاول الصغيرة روز لينقذها كما فعل مع أخويها ، و لكن السقف المتهاوي فوق رؤوسهم كان الأسرع في قبض أرواحهم قبل أن تستلذ النار بصرخاتهم قبل الموت.

أستغاثت ليزلي و صرخت و نادت ، ألا من مجيب ينقذ أحبائها بعدما عجزت أناملها الضعيفة عن أجترارهم ، لكن الشهامة كانت هي الأخرى تجمع متاعها هاربة ،
فلم يعد لها مكان في قلوب البشر ، فلا عزيز الان سوى الروح و الجسد ، و لا تهم حياة شخص آخر.

اندفعتْ الامُ ليزلي نحو أبنها ليو و أبنتها أيميلي ، تحتظنهما بعدما يئستْ من أخراج المتبقون تحت أنقاض منزلهم الخشبي ، سألت ألأم ليزلي أحدهم بجزع و خوف: 

_ ما الذي يحدث؟ 


ردَّ عليها الرجلُ دون أن يتمهل في سرعته حتى: 

_ يقال أن دلوا ً خشبيا ً قد سُرِق !

شخصٌ مرَّ هارباً يصيحُ بجزع:

_ لقد قامت الحرب ! لقد قامت الحرب!

فسأل ليو أمه ببراءة متعبة:

- ما هي الحرب أمي ؟

نظرت ليزلي و الخوف يملءُ عينيها ، تنظر الى ولديها تارةً و تحول نظرها الى المستقبل المظلم الذي دخل حياتهم عنوة دون أن يقرع باب طمئنينتهم حتى !

أرخت بجسدها ، و هبطت لمستوى صغيريها و قالت و هي تشحذ نفسها بأخر رمق من شجاعتها :

_ هي الكراهية التي غامت فوق قلوب البشر قبل أعينهم ، عزيزا أمكما ، لم يعد هذا المكان منزلنا ، و علينا الهرب مع الأخرين قبل أن يأتي الموت ليشطب أسامينا من هذه الحياة .

حرب الدلو الخشبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن