الفصل الثالث

117 22 9
                                    

" جدتي ! لقد حلمت هذا الصباح بحلم غريب ، حلمت بأن ليو قد عاد الى المنزل ، ركضت أليه لأحتظنه ، و ما أن أقتربت منه ، حتى بدا لي شخص أخر "

" و من هذا الشخص ؟ ! "

" لا أعرفه ، لم يسبق لي رؤيته من قبل "

*
؛

تنعق الغربان فوق أغصان الشجر ، في الوقت التي بدأت فيه الشمس تلوح في الغرب مودعة ، خيط الوسن الأخير كان الفاصل بين عتمة الليل المقبلة و ضوء النهار المولي ، كان هناك من يهرب متخفي بين الشجيرات ، و يجر بأقدامه المتجرحة نحو المجهول ، طرق لم يألفها من قبل بات يختار المضي بها دون أن يعي نهايتها ، معلقا رمق حياته بالآمال ، و خيم الليل عليه سريعا ، و لم ينفك يجاهد بالهرب بخطوات مترنحة ، و قوى خائرة ضعيفة ، و أنفاس لاهثة ، و عيون مجهدة ، لم تعد تستطيع أن تبصر و جهتها ، حتى انطفئ نظرها ، و أستسلم الجسد و هوى على الأرض مغشيا عليه .

*

أكمل ليو يومه الأول ماضيا في مسيرته نحو حربه ، سيفه نائم في غمده و مربوط بحزام على خصره ، تتهادى خطواته بروية بعدما تعبت من مدى المسافة المقطوعة طوال لطريق .

"12 عاما يا أخي و انا أتجرع قسوة الأيام لأجلك ، و كنت تزيدني مرارة فوق ألمي بسبب عنفوانك الثائر ضدي ، كنت ترفض تآمري عليك محتجا بكوني لست أمك "

" الان انت ماذا تفعل ، انت تعاقبني من جديد ، تعاقب سهري و تعبي و و تفسد وفائي لوصية امي بألقاء نفسك الى الحرب ، سحقا لأنانيتك يا ليو ! "

لم تتوقف رنين تلك الكلمات في رأس ليو ، و ما أنفك صداها يتردد في رأسه ، شعور من الحزن على حال أخته ، و مشاعر من التأنيب و كره الذات كانت تعتريه كلما تذكر صمته و سكوته ، كان في جعبته ما يقول ، و لكنه لم يقله ، كان لديه تبرير و لكنه لم يوضحه.

أكان الكبرياء من منعه ، أم هي عزة و كرامة النفس ، أم ربما كانت أميلي محقة في كونه أناني .

رأى ليو كومة سواد من بعيد على الأرض أجفلته مكانه ،أستل سيفه بهدوء و روية ، و تقدم ببطء شديد ، متحصنا بالحذر و الحيطة ، حتى بلغها و وشاهد جسد شاب ممدد على الأرض ، دنا منه ليو يجس نبض قلبه ، و لاح وميض من الحياة لازال يجاهد لينير في عتمة الضوء التي أبتلعته .

*

فتح كريستو عينيه بتثاقل شديد ، و صداع فضيع يحتل رأسه ، و برؤية مشوشة رأى سقف بيت في مرمى بصره ، أستدار برأسه و رأى المدفأة و النار بالقرب من سريره ، لحاف أبيض يتغطى به ، و وسادة من ريش البط يرتاح رأسه عليها ، و منظدة قرب الجدار عليها بعض الأغراض ، لم يسعفه نظره في معرفة ماهيتها ، وشبح أقبل ، شبح فتاة أقبل و يحمل في يده شيء ما ، لازالت الرؤية غير واضحة المعاني ، حتى جلست الفتاة بقربه على السرير ، مدت يديها نحوه ، و سرعان ما أنتفض فزعا و أنقض من مكانه جالسا يحكم قبضته على معصميها ، مانعا أياها من لمسه ، خافت الفتاة و أبتلعت ريقها ، سألها كريستو بغضب:

حرب الدلو الخشبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن