" جدتي ! لقد حلمت هذا الصباح بحلم غريب ، حلمت بأن ليو قد عاد الى المنزل ، ركضت أليه لأحتظنه ، و ما أن أقتربت منه ، حتى بدا لي شخص أخر "
" و من هذا الشخص ؟ ! "
" لا أعرفه ، لم يسبق لي رؤيته من قبل "
*
؛تنعق الغربان فوق أغصان الشجر ، في الوقت التي بدأت فيه الشمس تلوح في الغرب مودعة ، خيط الوسن الأخير كان الفاصل بين عتمة الليل المقبلة و ضوء النهار المولي ، كان هناك من يهرب متخفي بين الشجيرات ، و يجر بأقدامه المتجرحة نحو المجهول ، طرق لم يألفها من قبل بات يختار المضي بها دون أن يعي نهايتها ، معلقا رمق حياته بالآمال ، و خيم الليل عليه سريعا ، و لم ينفك يجاهد بالهرب بخطوات مترنحة ، و قوى خائرة ضعيفة ، و أنفاس لاهثة ، و عيون مجهدة ، لم تعد تستطيع أن تبصر و جهتها ، حتى انطفئ نظرها ، و أستسلم الجسد و هوى على الأرض مغشيا عليه .
*
أكمل ليو يومه الأول ماضيا في مسيرته نحو حربه ، سيفه نائم في غمده و مربوط بحزام على خصره ، تتهادى خطواته بروية بعدما تعبت من مدى المسافة المقطوعة طوال لطريق .
"12 عاما يا أخي و انا أتجرع قسوة الأيام لأجلك ، و كنت تزيدني مرارة فوق ألمي بسبب عنفوانك الثائر ضدي ، كنت ترفض تآمري عليك محتجا بكوني لست أمك "
" الان انت ماذا تفعل ، انت تعاقبني من جديد ، تعاقب سهري و تعبي و و تفسد وفائي لوصية امي بألقاء نفسك الى الحرب ، سحقا لأنانيتك يا ليو ! "
لم تتوقف رنين تلك الكلمات في رأس ليو ، و ما أنفك صداها يتردد في رأسه ، شعور من الحزن على حال أخته ، و مشاعر من التأنيب و كره الذات كانت تعتريه كلما تذكر صمته و سكوته ، كان في جعبته ما يقول ، و لكنه لم يقله ، كان لديه تبرير و لكنه لم يوضحه.
أكان الكبرياء من منعه ، أم هي عزة و كرامة النفس ، أم ربما كانت أميلي محقة في كونه أناني .
رأى ليو كومة سواد من بعيد على الأرض أجفلته مكانه ،أستل سيفه بهدوء و روية ، و تقدم ببطء شديد ، متحصنا بالحذر و الحيطة ، حتى بلغها و وشاهد جسد شاب ممدد على الأرض ، دنا منه ليو يجس نبض قلبه ، و لاح وميض من الحياة لازال يجاهد لينير في عتمة الضوء التي أبتلعته .
*
فتح كريستو عينيه بتثاقل شديد ، و صداع فضيع يحتل رأسه ، و برؤية مشوشة رأى سقف بيت في مرمى بصره ، أستدار برأسه و رأى المدفأة و النار بالقرب من سريره ، لحاف أبيض يتغطى به ، و وسادة من ريش البط يرتاح رأسه عليها ، و منظدة قرب الجدار عليها بعض الأغراض ، لم يسعفه نظره في معرفة ماهيتها ، وشبح أقبل ، شبح فتاة أقبل و يحمل في يده شيء ما ، لازالت الرؤية غير واضحة المعاني ، حتى جلست الفتاة بقربه على السرير ، مدت يديها نحوه ، و سرعان ما أنتفض فزعا و أنقض من مكانه جالسا يحكم قبضته على معصميها ، مانعا أياها من لمسه ، خافت الفتاة و أبتلعت ريقها ، سألها كريستو بغضب:
أنت تقرأ
حرب الدلو الخشبي
Historical Fictionفائزة بالفئة التاريخية عن فعالية بوابة الابتكار. أحداث خيالية ضمن وقائع حقيقية.. مؤخوذة عن قصة حرب دامت 12 عاما بسبب دلو خشبي مسروق بين مدينتي مودينا و بولونيا الأيطاليتين، و راح ضحية تلك الحرب قرابة الألفين جندي، و تعتبر من أكثر الحروب التي فقدت...