المقدمه*******
أحياناً نظن ان حياتنا تمشي بطريقة رتيبة
ولكن
يحدث موقف بسيط يكون سبب
في انقلاب حياتك
رأساً علي عقب
فهناك من تجده بطريقك
ويكون سبب هذا الانقلاب
وهناك من يسمع صوتك
فيكون سبب هذا الانقلاب
ولكن
الأهم هنا..
هو
الإيمان بالآخر
******" كانت معكم... محدتثكم من وراء مايكروفون الإذاعه..
أمنيه مجدي "
أنهت حوارها واستقامت من مكانها من وراء طاولة المفاتيح الخاصه ببث
الأغاني علي الهواء
وتعديل مستويات الصوت... لتقف وهي يتآكلها القلق والترقب المضني
فموعد الرساله... هو اليوم..
خرجت من الإستوديو الخاص ببث برنامجها وتوجهت لغرفة صديقتها ألاء
حيث تعمل معها بنفس المحطة الاذاعية..
أسرعت بمشيتها متجهه للغرفة المنشودة... بدون أن تطرق الباب
فتحته ودخلت بموجه من الإرتباك.. وحاله من الهيستريا المسيطرة عليها
ألقت نفسها علي الاريكة بجوار الباب تحت نظرات صديقتها التي تنظر لها بمحبه وشفقة..
وهي علي علم بما بها... فبالتأكيد وصلت الرسالة..
استقامت ألاء من وراء مكتبها متجهه لصديقتها التي جلست بإنهيار
ووضعت وجهها بين كفيها.. اقتربت منها ألاء وجلست بجوارها
ووضعت كفها علي كتفها.. هاتفه بمواساه..
" هوني عليك أمنيه.. بالتأكيد سيأتي اليوم الذي نعرف فيه هويته "
رفعت أمنيه وجهها تنظر لصديقتها بحده.. هاتفه بفراغ صبر..
" كيف ألاء كيف... أخبريني بالله عليك كيف سأعرفه.. رساله وصوره لي
من وقت دراستي بالكليه في جواب مغلق مع توصية بالإرسال يد بيد... ويأتي علي عنوان عملي..
من هو... لماذا لا يواجهني ويخبرني بهويته.. فقط اريد ان أعرف
وكيف يعرف عني هذه التفاصيل..ومن أين يأتي بالصور هذه... "
سكتت لحظات وهي تستقيم من مكانها.. تقف بتوتر
وتتحرك في أرجاء الغرفة بهيستيرية واضحة للعيان.. تدور وتدور
حول نفسها... الي أن توقفت تنظر مره أخري للتي تنظر لها في شفقه منها علي وضعها المزري..
حينها نظرت لها ألاء تحاول التفكير معها بمنطقية.. وهتفت مستفسره
" أمتأكده أنكِ لا تعرفيه ؟!! .. أو ليس هناك من دخل حياتك في وقت من
الاوقات!! "
نظرت لها أمنيه في عدم تصديق لما قالت.. فهي صديقتها المقربه وتعرف عنها كل شئ.. اذاً كيف تسأل مثل هذا السؤال اللطيف..
أجابتها أمنيه بفراغ صبر وتأفف وهي ترفع راحتي يدها تمسك بهما رأسها
" يا إلهي يا ألاء... أتسألين؟!! .. أقسم لك لا أعرف أحداً .. ولم أعرف أحداً يوماً "
هتفت صديقتها وهي تستقيم من مكانها تحاول تهدئة الاخري أمامها
" الأمر برمته محض جنون صدقيني... ولا أعرف ما هو المغزي
وراء ما يحدث "هتفت أمنيه وهي مازالت علي وقفتها تحاول قدر الإمكان الدخول لذكرياتها لتحاول معرفة هوية من يطاردها بهذا الشكل..
" أكاد أجن صدقيني... هذا إن لم أكن جننت بالفعل... أنها الرساله رقم
سته وثلاثون... أتعرفين معني هذا؟!! "
سكتت تنتظر رد فعلها ولكن الأخري نظرت لها في تساؤل وكأنها أعطتها إشارة تتابع الكلام... فهتفت بضيق مؤلم..
" معناها ان هناك المزيد .. يا إلهي.. لا أعرف ماذا أفعل "
مع آخر حروفها انهارت جالسه علي الكرسي المجاور للأريكة وهي تدفن وجهها بين يديها غارقه بدموعها.. دموع عدم المقدره علي فعل شئ
أو توقعه... دموع عدم المقدرة علي التفكير ..
اقتربت منها صديقتها بحزن.. لا تعرف كيف تواسيها.. ولا تعرف طريقة
لحل مشكلتها ومساعدتها في معرفة هوية هذا الشخص..
جلست ألاء بجوارها تمدها ببعض كلمات القوه لعلها تتحلي ببعض الإرادة
لكي تسيطر علي حالها وتكون لديها المقدرة علي التفكير جيداً
بعد قليل هدأت أمنيه من إنفعالها .. وبدأوا بالتفكير سوياً لعلهم يقدرون علي الوصول لحل لهذه المشكله .. ولكن لا حل.. و ليس هناك
أي إتجاهات يحاولون من خلالها الوصول الي حل او الي نتيجة ..
وفجأه انتفضت ألاء من مكانها بسعاده وهي تصفق بيدها كعلامة علي الفرحه
وهتفت بصوت صارخ..
" وجدتها... وجدتها "
نظرت لها أمنيه بدهشة ومتسعة العينين.. وهتفت بترقب لما ستقوله الاخري
" ماذا يا مجنونه... أخبريني بسرعة "
جلست ألاء مره أخري بتفاخر وهي تضع قدم فوق أخري وترفع يدها
وتعدل ياقة قميصها كحركه متباهيه.. ولكنها انتفضت مكانها إثر صرخة
أمنيه بها..
" إنطقي يا حمقاء... فأنا أكاد أفقد عقلي "
حينها تحدثت ألاء بجدية عندما وجدت حالة صديقتها في تدهور..
" ما رأيك أن نستغل برنامجك؟!! "
نظرت لها أمنيه وهي لا تفهم شيئاً مما تقولها المجنونة الجالسة أمامها..
رفعت إحدي حاحبيها بتهكم وهتف مستفهمه..
" وكيف ذلك يا فيلسوفة هذا الزمان؟!! "
هتفت ألاء بتوضيح لفكرتها..
" ركزي معي أمنيه... هو يعلم مكان عملك.. إذاً يعرف هوية عملك هذا
وبالتأكيد يستمع الي برنامجك.. فنقوم بإستغلال برنامجك لتوصيل رسالة له "
تجهمت ملامح أمنيه بتفكر وكأنها تدرس الفكرة .. وهتفت وهي شارده بذهنها كالمغيبة ..
" وما هي هذه الرسالة التي سأقوم بتوصيلها إليه؟!! "
جزت ألاء علي أسنانها وهي تتحدث الي صديقتها الحمقاء..
" أي شئ أمنيه.. أي شئ تريدي إخباره به.. تحدثي إليه وكأنه أمامك
... تخيلي لو كان أمامك ماذا كنتِ ستخبريه "
حينها لمع الادراك في عقل أمنيه وهي تتخيل كما قالت صديقتها
وبدأ خيالها ينسج الكثير من الحوارات التي ترتبها لكي تخبره بها
ولكن ظل هناك مشكلة.. وهي انتظارها إسبوع كامل حتي موعد
الحلقة المقبلة من برنامجها الأسبوعي
ولكن ماذا بيدها غير الانتظار.. ستنتظر وتنتظر
*****
مر الأسبوع بترقب قاتل واحساس بالتوتر يملأها..
وكأنها علي وشك خوض اختبار مهم بحياتها.. واليوم هو موعد حلقتها
الاسبوعية... وأيضاً موعد استلام الرسالة المرتقبة التي تحمل رقم
السابعة والثلاثون.. وهي يملأها الخوف لا تعرف لما.. ولكنها خائفة
استلمت رسالتها قبل دخولها الاستديو .. وتوجهت نحوه لتبدأ رحلة حلقتها
جلست قبل بداية الاذاعة بخمس دقائق كالمعتاد.. وفتحت الرسالة
ووجدت بها صورة .. صورة لها بين صديقاتها في الجامعة
وكانوا جالسين علي عتبات الدرج المؤدي لقاعة محاضراتهم..
وكانوا يتناولون فطارهم.. ياإلهي... كنت بشعه..
كيف يحتفظ بصورة بشعه كهذه !! .. حدثت نفسها بهذا..
وألقت الصورة أمامها.. وأمسكت الرسالة تقرأها بنفس متهدج من
كثرة تأثرها بما كُتِبَ بها .. كان يصف فيها جلستهم وحكي أنه كان يتواري خلف إحدي
الشجيرات المحيطة بمكانهم.. وإلتقط لها هذه الصورة التي كانت رفيقته لأيام
يتخيلها تضحك له .. وتأكل معه هو .. ويخبرها بما يجعلها تضحك هذه الضحكة
الخلابة التي أسرته لأيام وشهور وسنين
ارجعت الصورة والرسالة للمظروف الذي حوي كلاهما.. وبدأت حلقتها
بذهن مشتت.. وعقل مغيب..
وكلمات شاردة لا تعرف مغزاها... قبل نهاية الحلقه..
كانت كلماتها اليه..
" أعزائي المستمعين.. قبل ختامي للحلقة.. هناك ما أود قوله لو سمحتم لي..
هناك شخص لا أعرفه.. ولكنه يعرفني جيداً .. لا أعرف كيف.. ولكني متأكده
من هذا.. وأعلم تمام العلم أنه يستمع اليّ الآن.. وكم أود أخباره أني تعتبت
... نعم تعبت وأرهقت لرغبتي في معرفة هويته.. أرجوك..
أخبرني من انت.. لا أعرف كيف ستخبرني ولكن بالتأكيد هناك طريقة
... فقط جد طريقة ما.. "
سكتت قليلاً تحاول ان تستجمع باقي كلماتها المبعثرة.. لا تعرف ماذا
تقول... أتخبره انها حقاً تريد رؤيته.. تريد معرفته.. أتخبره انها أصبحت
تنتظر رسالته.. ولكنها حقاً تريده وتريد رؤيته ..
تنهدت بحيره وقلة حيله.. وأكملت لختام حلقتها..
" والان.. إنتهت حلقتنا.. كانت معكم من وراء مايكروفون الإذاعة ..
أمنيه مجدي "
أنهت حوارها وإستقامت للذهاب الي صديقتها تخبرها عن رسالة اليوم وما حوته..
وأثناء حوارهم.. كان السؤال الأهم بين حديثهم ..
هل سيظهر؟؟ .. بل.. هل سمع الحلقة ووصلت رسالتها إليه؟؟!
ولكن بالتأكيد الإجابات علي هذه الأسئلة معدمه..
ولذلك ليس أمامهم سوي الإنتظار.. الإنتظار ليظهر.. أو
إنتظار موعد الرسالة المقبلة .. ولكل مقام مقال وقتها..
مر اليوم التالي بعدما أرسلت رسالتها.. ولكن لا جديد..
ومر اليوم الثاني وأيضاً لا جديد..
ومر اليوم الثالث.. ولا جديد..
وهي؟!!! ..
بالتأكيد ستجن.. ستفقد عقلها لا محاله ..
تضطرب مع رنين جرس باب بيتها.. تفقد دقات قلبها
بعض الدقات مع رنين جرس هاتفها سواء جوالها أو هاتف بيتها
أو هاتف مكتبها داخل مبني المحطة الاذاعية التي تعمل بها ..
وأيضاً لا جديد...
بدأت تفقد أملها في ظهوره.. حتي جاء موعد الحلقة الأسبوعية
ولشدة توترها الذي إمتزج بعدم اللامبالاه بتقدم برنامجها وكم ودت
لو اعتذرت اليوم عن برنامجها.. ولكن للقضاء علي توترها
هذا ستذهب الي إحدي الكافيهات القريبة من مكان عملها لطلب الاسترخاء
وبالفعل... توجهت لكافيه ويسمي " سحر القلوب " يبعد قليلاً عن مكان عملها
.. دخلت وهي يملأها الكثير والكثير من فقد العزيمة .. لا تريد شئ
ولا تريد فعل شئ... لا لا هي كاذبه ..
هي تريد وبشده معرفة هويته.. دخلت بعزيمة مفقودة وارادة مسلوبة
واختارت طاولة بعيده عن البقية .. تريد الاسترخاء لذلك قررت الابتعاد عن محيط الناس... وصلت طاولتها وجلست بأكتاف متهدلة .. وجاءها النادل بعد قليل وطلبت قهوتها المعتاده... وللقضاء علي توترها.. أخرجت أوراقها
وبدأت بالتخطيط العفوي لبعض الرسومات التي تجعلها تفقد نفسها
ومن حولها أيضاً ... ولكن كل تفكيرها يصب في إتجاه معين
أو في الحقيقه شخصاً معيناً .. ولذلك وجدت أصابعها لا إرادياً منها
تخط ملامح رجولية فوق أوراقها.. أينعم تعد خربشة أقلام..
ولكن أصابعها ترجمت ما أراده عقلها..
" هل يمكنني الجلوس؟!! "
كان هذا سؤال أحدهم ولكنها لم تهتم حتي بالنظر اليه وردت وهي ما زالت
علي وضعها... أصابعها ترسم.. وعينيها مثبتة فوق أوراقها تتابع
ما تصنعه يدها..
" لا يمكنك... أمامك المكان كله.. أختار لك مكاناً آخر "
سكتت تتوقع مغادرته ولكنها كانت مخطئة ... حين وجدته يسحب الكرسي الذي أمامها ويجلس .. اشتعلت غضباً من وقاحته
واقتحامه لخصوصيتها.. ورفعت عينيها بحده لتؤنبه.. ولكنها صدمت
وابتلعت حروفها لأكثر من سبب في الحقيقة .. السبب الاول
وسامته الأخآذه والتي تجبر أي شخص عاقل للتحديق به
ورمادية عينيه التي تشبه الغيوم .. يا الهي انه وسيم بالفعل..
ولكن ما جعل صدمتها تصل لأقصاها.. عندما وجدته يجلس بأريحية
مغيظة لها وكأنه مدعو من قِبلها لتناول القهوة برفقتها.. ولكن هذا لم يعد شئ مقارنةً بصدمتها التالية
حينما وجدته يرفع يده واضعاً بظرف وكأنه رسالة علي طرف المنضدة من أمامه... ويمدها بإتجاها .. نظرت للظرف الذي يُمد اليها وهي تتعرف اليه ..... شكله ليس
بغريب أبدا.. لا .. انها تعرف هذا الشكل المميز لهذا المظروف ...
فغرت فاها في دهشة وعدم تصديق لإدراكها لمعني ذلك.. وسماع حروف
كلماته ما جعلها وكأن أحدهم ضربها بمطرقه فوق رأسها..
" سأجلس.. لأنك انتِ من طلبتي رؤيتي وليس تطفل مني "
نظرت اليه في عدم تصديق.. ولم تتحدت.. فقط علامات الصدمة مرتسمه
علي ملامحها.. وجدت شبح ابتسامة ظهرت علي شفتيه
وتحدث بنبره آخاذه..
" ماذا... ألن تقولي شئ؟!! "
رفرف بأهدابها في تأثر.. وبلعت ريقها بترقب..
وهتفت بصوت متلعثم ويكاد يكون مسموع..
" انا.... أنا فقط.. أحاول فقط إستيعاب ما يحدث "
دققت نظرها اليه تحاول التعرف اليه.. او تتذكره ولكن لاشئ.
فأكملت حديثها..
" من أين تعرفني؟!! .. ومن أين تأتي بصوري الغريبة هذه؟!! "
تحرك للأمام واستتد بمرفقيه علي الطاولة أمامه..
وهتف مبتسماً .. متأثراً بمشارعه تجاهها..
" أعرفك من سنين أمنيه.. من وقت دخولك الجامعة "
شهقة صغيرة خرجت منها غير مصدقه ما يقوله.. ورفت كفها ووضعته علي فمها في محاوله منها لكتم تأثرها بما قال.. ولكن هيهات..
إذا كانت تكتم تأثرها بيدها.. فماذا عن تأثر قلبها الذي وقع أسيرا من النظرة
الأولي .. وقع أسيرا لسحب الغيوم في عينيه ..
" يا الهي .. لا أصدق ما تقول ... كيف هذا؟!! "
أجابها وهو يفيض ويغلف كلماته البسيطة بمشاعره الجياشة الكامنة
داخله تجاهها من سنين مضت..
" صدقي أمنيتي... لقد جذبتي قلبي لبراءتك من الوهلة الأولي..
وقتها كنت انا بالفرقة الثالثه... وانتي بالفرقة الأولي..
وكنت مراسل لإحدي الصفحات الالكترونية داخل الجامعة وكان مطلوب مني
ان أغطي الحدث بالجامعة والذي لم يكن سوي عرض مسرحي
كمشروع تخرج لإحدي المجموعات ووجدتك بالمسرح بين المشاهدين
ووقتها قمت بتصويرك اكثر ما صورت العرض مما سبب لي مشكلة بعملي
ولكني تخطيت الأمر .. "
سكت يضحك متذكراً ..وهي مع كل حرف من حروفه تستعيد الذكري..
ولكنها انتبهت اليه حين اكمل...
" حاولت التقرب منك ولكنك لم تعطيني المجال.. ولم أحاول مره أخري
لاني بالحقيقة فاشل جدا في مثل هذه المواضيع.. "
حينها نطقت بإستغراب..
" حاولت التقرب مني انا؟!! "
ابتسم لها وهو يستعيد الذكري.
" نعم... كان هذا وأنتي بالفرقة الثانية.. كنت لا أفارق حضورك.. لدرجة اني سجلت حضور بالخطأ بإحدي محاضراتك وتم طردي من المحاضره "
ضحك وهو يتذكر ما حدث.. وأكمل قائلاً ..
" وفي الحقيقة ما أراح قلبي وقتها.. انكِ لم تسمحي لأحد آخر
بالتقرب منك.. فعلمت ان هذا الإقصاء ليس مرتكزاً عليّ .. ولكنه كان لأي شخص حاول التقرب اليكِ ... بعدها تخرجت انا.. وعملت في فترة من الفترات
ببلد عربي.. وكان هذا تابع لعملي بالصحيفة الالكترونية.. وكان لتغطيه
إحدي المؤتمرات الهامة... ووقتها فقدت أثرك.. حتي عدت مره اخري من سنه وشهرين... بحثت عنك ولم أعرف عنك معلومة ... ولكنه وبالصدفة
استمتعت الي برنامجك وانت تنهيه وتقولين إسمك كعادتك.. حينها
أرتعبت من تولد الأمل بداخلي وأن لا تكوني أنتِ .. ذهبت لمكان عملك.. وجمعت معلوماتي عنك
ورأيتك... وهنا لم أتمالك نفسي ولا مشاعري تجاهك.. اقتربت منك بدون وعي... وهتفت منادياً بإسمك... حينها التفتِ لي.. ونظرتي لي بتفحص ولكن بنظره غير مباليه.. هتفت أسألك.. ألم تعرفيني.. نطقتي حينها
ولماذا سأعرفك.. وغادرتيني محطماً .. أقسمت حينها أن أجعلك تتذوقي لوعتي بحبك.. "
سكت ينظر اليها.. وهو يري الأسف علي ملامحها فمن الواضح انها نادمه علي ما مر به.. ولكن أوقفهم رنين هاتفها.. أخرجته ولم يكن المتصل سوي
ألاء صديقتها.. تخبرها ان موعد حلقتها حان ولم تأتي بعد..
نظرت للجالس أمامها يتابع حديثها بإهتمام.. وكأنه ينتظر رد فعلها
حينها نطقت أمنيه لصديقتها..
" إعتذري عن الحلقة بالنيابة عني ألاء.. لن أستطيع الحضور اليوم.. "
سكتت وهي تنظر اليه.. ولمحت ابتسامته التي ارتسمت علي شفتيه وكأنه يشكرها علي قضاء مزيد من الوقت برفقته..
سمعت صديقتها.. تسألها عن رسالة اليوم وهي تخبرها ان الرسالة لم تأتي بعد.. رددت أمنيه وكأنها تغكر بالأمر..
" الرساله؟!! "
وجدت ملامح الجالس أمامها تزيد وسامه إثر ابتسامته الواسعه وكأنه يتخيل مظهر صديقتها المرتقب لمجئ الرسالة ..
إبتسمت هي الأخري تأثرا بإبتسامته.. وهتفت لصديقتها
" لا تقلقي ألآء.. لقد إستلمت الرسالة.. "
" إهدئي يا ثرثاره.. كل هذه أسئلة .. سأخبرك كل شئ
حين أراكِ "
" لا أعرف متي ألآء.. حين أنتهي سأهاتفك.. "
" وهذا أيضاً سأخبرك به عندما أراكِ... إلي اللقاء يا فضولية "
وأغلقت الخط بدون السماح للأخري بالرد ..
رفعت راسها تنظر اليها.. وجدته يبتسم لها بشكر.. ولكن ما أثار زوبعة بداخلها عندما وجدته يمد يده في سلام من فوق الطاولة ويتحدث بصوت هادئ
" أظن انه الوقت المناسب لنتعرف... انا اسمي يوسف علام "
وقع إسمه موسيقي وله سحر جذاب.. ولكن ماذا ستفعل
هل من المفترض انها ستمد يدها وتسلم عليه... يا إلهي
الفكره نفسها مثيرة لمشاعرها.. مدت يدها بخجل وصافحته ووجهها يتلون
بجميع درجات اللون الاحمر ...
وعند ملامسة يدها ليده أدركت انها وقعت في فخ حبه وعينيه ..
رحمها هو عندما وجدها متوتره بهذا الشكل.. وترك يدها.. وسحبتها هي
ولو عليه لما ترك يدها ابدا..
مرت الأيام بينهم مليئة باللقاءات وحديثهم كلٌ عن نفسه.. وبالرغم من أنه يعلم عنها معظم تفاصيلها الا أنه أراد أن يسمعها تتحدث.. تتجاوب معه ومع عاطفته التي يكنها لها..
مرت بينهم شهور لم يمل ولم يترك لها المجال لتمل.. فدائما كان يعتمد علي عنصر المفاجأه بينهم.. سواء في خروجاتهم أو هداياه اليها..
والتي كانت دائماً تحمل البساطه وفي نفس الوقت تحمل الكثير من معاني الحب المرسلة من قلبه لتخترق قلبها بدون استئذان..
وفي أحد اللقاءات طلب منها الزواج ولم ترد.. فقط صمتت وحين
حثها علي الرد.. أخبرته أنها ستفكر بالأمر.. لا تعلم لماذا أخبرته
هذا... هي أصبحت تحبه... نعم تحبه ويومها غير مكتمل سوي بوجوده
ولكنها خائفة من هذه الخطوة .. لانها لم تكن تسمح لأحد ان يتقرب منها
هو فقط ... الوحيد الذي أكتسح حصون قلبها .. وهي خائفة من تغلغله داخلها بهذه الطريقة.. ولذلك طلبت منه التفكير.. وقد كان.. مر اسبوع ولم تراه
وهو أيضاً لم يرد أن يضغط عليها.. ولا حتي في الاتصال فقط كان يكتفي
برسالة نصيه كل ليله ليطمئن عليها ويخبرها بنهاية الرسالة أنه يحبها
حتي إستبد به شوقه ولم يعد يقوي علي هذا..
في الاسبوع التالي... في نفس يوم حلقتها قرر أنه سيجبرها علي
الموافقة بطريقة عابثة .. نعم بالتأكيد ستوافق بعدما ينفذ خطته
اما هي..
جالسه بداخل الاستوديو تذيع حلقتها.. وتتحدث بكل ثقة حتي أخبروها
في السماعات الهوائية التي تصلها بالمخرج... ان هناك اتصال..
قالت بكل اعتياديه..
" ألو.. انت الان علي الهواء... تفضل... من معي "
رد الطرف الآخر..
" أنا ي . ع "
لم تنتبه لإختصار الإسم وقالت بكل تقليدية في عملها...
" أهلا بك ي . ع... تفضل ماذا تريد ان تقول في موضوع حلقتنا اليوم "
رد الآخر بكل ثقة من نفسه ومن حبه..
" أريد أن أخبرها أن ترفق بي... "
وسكت... وهي زاد انتباهها عندما قال ما قال إنه صوته ... نعم صوته .. وبسرعه تذكرت إختصار إسمه.. ي . ع.. اتسعت عينيها
وهي تدرك هذا.. نطقت بدون وعي منها..
" يوسف!! "
ابتسم بحنان.. ورد بصوت ملأته العاطفة ..
" نعم إنه أنا أمنيه.. لم أقوي علي الإنتظار أكتر.. فأعذري تهوري "
" يوسف "
قالتها بنبره محببه اليه ولكن بها بعض التأنيب..
ضحك وقال..
" ماذا أفعل.. أحببتك وتركتيني... عشقتك وتركتيني..
أردتك وتركتيني.. فأرحمي رجل في محراب عشقك يتعذب "
شهقه صدرت عنها بعد ما قال.. ورددت وكأنها غير مستوعبه
" يا إلهي... يوسف "
زادت ابتسامتة التي لا تراها بالطبع وهو يتخيل توترها وخجلها
بعد حديثه..
" ماذا أمنيه... أردت أن أجعل جميع مستمعينك الأعزاء شاهدين علي ما سأقول... لعلك ترفقي بي.. "
سكت لحظه وتابع..
" أحببتك من سنين مضت.. ومازلت أهواكِ .. أردتك لي وبجانبي.. تعلمت معني ان يحارب الانسان من أجل حبه معك.. لم أكن أتخيل أبدا هذا
ولكنه حدث.. وكل ما قمت به من أجل الوصول الي قلبك سأفعل مثله وأكثر
ولست نادما علي أمر فعلته من أجلك.. ولدي الإستعداد لفعل المزيد فقط من أجل الحصول علي قلبك.. ولذلك.. طلبت منك طلب منذ عشرة أيام ولم تعطييني الجواب... لذلك سأستغل حلقتك الآن وسأطلبه علي الهواء "
سكت عندما نطقت بإسمه بتحذير..
" يوووسف "
ولكنه لم يعطيها بالاً .. وأكمل حديثه..
" أتتزوجيني أمنيتي؟!! "
شهقه خرجت من فمها وهي لا تصدق أنه نطقها هكذا أمام الملايين ممن يستمعون اليها.. نظرت حولها ووجدت صديقتها تنظر لها في فرحه وتلوح لها
من وراء الجدار الزجاجي للأستديو بعلامات معناها أن توافق.. أخبروها في
السماعات الهوائية أن تنظر للصفحة الإلكترونية للبرنامج وجدت جميع
التعليقات تحثها علي الموافقه.. واخبروها أيضاً أن تنظر للهاتف الخاص
بالرسائل النصية للبرنامج.. ففعلت ووجدت عشرات وعشرات وعشرات الرسائل تطالبها بالموافقة..
" يا إلهي!!!! "
ضحك بإستمتاع لإرتباكها.. وهتف بخبث يحثها..
" هااا أمنيتي.. ماذا ستقولين لي أمام جمهورك العزيز؟!! "
سكتت لا تدري ماذا تقول.. وعندما همت بالنطق أوقفها صوته..
" أمنيه... حبيبتي... وعد مني أمام الجميع.. أن أرعاكِ.. وأحافظ عليكِ
واحافظ علي حبي لكِ الذي سيرويه حبك لي.. أعدك أن تكوني لي الحياه
أن تكوني لي كل الفرحة في الدنيا.. أعدك أن أكون لكِ السند.. والحبيب
والزوج.. أعدك حبيبتي أن أكون لكِ ما تحتاجين إليه..
فقط قولي موافقه.. "
سكت لحظه يستجمع فيها مشاعره التي بُعثرت بسببها.. وأكمل
بعبث..
" قولي موافقه أمنيتي لإني لن أسمح بغيرها "
ضحكت وهي تخبره دون وعي وكأن قلبها ما نطق وليس فمها
قلبها الذي سلمته اليه بين لحظه وأخري
" موافقه "
همستها بخجل ولكن صدمتها كانت في أقصاها عندما رفعت عينيها
للجدار الزجاجي وجدته يقف أمامها بوسامته وجاذبيته التي تأثر القلب و
العين.. والهاتف بيده ويبتسم ابتسامته الخلابة الرائعة
وبيده الأخري ممسك بعلبة صغيرة من المخمل الأحمر وبها خاتم زواج بين يديه ويرفعها لتكون في محط نظرها
استقامت من مكانها ستذهب اليه.. غير مصدقه لما يحدث.. وفرحتها التي ليس لها مثيل
فلقد أنعم الله عليها بحب ورجل مثله.. وهو أخيراً أصبح حلم سنواته الفائتة
بين يديه.... وسيقضي باقي سنوات عمره بين أحضان حبها** تمت **