ركضها المتسارع ، أنفاسها المتقطعة ،وتراقص خصلاتها البندقية من أثر الرياح ، تجر خلفها فستانها الأبيض الطويل الذي تعلقت به حبات الرمال الذهبية من أمام المذبح
صيحات متألمة بداخلها حينما ألتفتت إلي حشود المدعوين خلفها لتعالي أصوات همساتهم ، تفرقت النظرات إليها بين اللوم والحسرة ، زفرت الهواء بتملل وهي تعيد بناظريها إلي ظله الذي ظهر في الأفق أمامها
سكنت خطواتها علي جانب الطريق المرصوف ، الذي يقف علي جانبه الأخر ذو الحلة السوداء التي تصرخ بالفخامة ،وربطة عنق كالفراشة استقرت علي قميصه الأبيض، في حين شعره المماثل لليل قد صُفف بعناية إلي الخلف
عيناها ضاعوا بين ثنايا هيئته الفخمة في حين شعر بنظراتها المعاتبة تخترق جسده ،وضعت يدها علي صدرها تحاول تهدئة نبضاتها المتسارعة ، لوهلة تثاقلت الحروف عند محاجر شفتيها حتي جمعت شتات نفسها منادية علي حبيب أو بالأحري زوج بعد هذه الليلة
"أرجوك توقف"
ابتسم بغير أدراك عند سماع صوتها العذب ، استدار مواجهاً نظراتها ولا زالت يده في جيب بنطاله تشير إلي مشاعره الثائرة مغلفاً أياها بالهدوء
كانت الشمس علي وشك الأستتار معلنة نهاية يوم أخر وأفتتاحية لأمسية حالكة ، قبضتها تشتد حول فستانها المنتفخ تخفي توترها عندما التقت عيناها التي تضئ بحب إلي خاصته الغاضبة ، مترقبة كلمة منه ليفاجئها بصوته البارد كنظرات عينيه
"لن أتراجع عن قراري لذا غادري"
"لا لن افعل .. لا يمكنك هجري في يوم زفافنا !"
نبرتها يكسوها الاستنكار ، علي عكسه حينما ارتفع ثغره في ابتسامة جانبية وهو يجيبها بهدوء يخفي ألم أشد
"إذاً راقبيني يا حبيبتي"
سكون بارد خلف ارواحهم المضطربة من الداخل ، الرياح تهب بقوة ممهدة لما هو أتٍ ، فاض بها الغيظ حتي ملئ صوت صراخها المتألم المكان
"ما الخطأ الذي أقترفت حتي تقسو عليّ هكذا "
أطال نظره إليها يمعن النظر في كل أنش من ملامح وجهها ، أخفض بصره لتظهر ابتسامته الساخرة تخفي الغيظ الذي يدق في عروقه
"كبريائي يمنعني من الزواج بمن تخفي عني الأسرار .. بالتي فضلت حبيبها السابق عليّ .. بالتي كذبت باستمرار ساخرة من تصديقي لها .. بمن ضحيتُ بحياتي في سبيلها وهي قابلتني بالنكران .. كبريائي يمنعني من الزواج بكِ "
تلفظ كلماته بحدة موجهاً كامل غضبه عليها، هي فضلت الصمت فقط نظرات المعاتبة التي يبادلها أياها
تتساقط حبات المطر الواحدة تلو الأخري كألحان موسيقي مريرة تعزف ببطئ حتي تمزق قلوب العاشقين ، تشوشت رؤيتها بسبب الدموع التي تزاحمت في مقلتيها ، أمام من أحبته وأختارته شريكا لها حتي أخر نفس في حياتها .. الآن صار شخص أخر لم تكد تتعرف عليه
أنت تقرأ
ذكري لن تمر
Short Storyلا وجود للموت في قصة حبها .. لأنه في قلبها حي .. ملامحه ليست إلا جزءً منها.. صورته تضئ عتمة حياتها .. كموسيقي عذبة يعزف ألحانه بداخلها .. لم يعد للنسيان وجود فحبه ينبض شوقاً إليها في .. ذكري لن تمر قصة قصيرة تصف الحب في أقسي أشكاله عندما تكون التضحي...