بين صفحات الماضي
افتح دفتر الذكريات .. اقلب صفحاته .. فأجد بين صفحاته عشق كتب القدر سطوره ...
ساعود لأعوام كثيرة ... وساترك لها القلم لتقلب صفحات الماضي بنفسها ...
ندى :
الفصل الاول
صدفة
كان يوم حبك اجمل صدفة .. لما لقيتك مرة صدفة ..
صدقني قابلتك ولا على بالي .. شفت ساعتها جمال الدنيا ..
صدفة لقيتني تغير حالي .. واتبدلت لوحدي في ثانية ..
خذني جمال الروح والخفة .. كان يوم حبك اجمل صدفة
اشرقت الشمس على منطقة بغداد القديمة ... تحديدا على حي شارع الكفاح ...
ارتديت عباءة الرأس وخرجت من المنزل ... سرت في شارعنا الضيق ...
مرت ام احمد جارتنا بجانبي قائلة : صباح الخير بنيتي ندى .
- صباح الخير خالة .
- رايحة تجيبين قيمر ؟.
- اي خالة .
- خوش لعد هستوني جبت صمون حار حجيب حمودي واجي يمكم .
- خوش لعد لان امي دتسوي الجاي هسة .
تركتها وذهبت لأحضر الـ ( قيمر ) ... احضرته واثناء عودتي رايت سيارة تقف على قارعة شارعنا ... سرت بسرعة لأرى من ...
وصلت لمنزلنا .. سمعت اصوات اشخاص غريبين ... ربما لدينا ضيوف !.
دخلت بأبتسامة على وجهي دون ان اعلم من ... ولكن بدى لي صوت احدهم مألوف ... صوته المخملي لم يغادر ذاكرتي ...
نظرت اليهم ... انهم اقارب امي كان يجلس كما عرفته دوما بشموخ وهيبة يجعل الكبير والصغير يحترمه ...
قالت امي : شبيج صفتني تعالي سلمي لو نسيتيهم ؟.
اتجهت الى والدته كانت ترتدي ثياب فخمة للغاية ... صافحتها وقبلتها ..
- هلو خالة شونج ؟.
- الحمد الله .
اشعر بتكبرها على الجميع ... على الرغم من اننا اقربائهم الا انها تحمل الكبر في قلبها علينا ...
نظرت اليه فابتسم لي قائلا : ها ندى نسيتيني ؟.
قلت بتلعثم : لا اتذكرك .. عمو اياد .
ضحك فضحك العالم معه : ههههه لتكبريني وتقولين عمو .
اكتفيت انا بالابتسامة ... تناولنا الفطور كنت ادقق بملامحه ... لونبشرته الخمري ... ذقنه الرجولي ... سواد عيناه .. اناقته ... احمل له من ذكريات في طفولتي كان هو مازال في الجامعة يدرس في الخارج ولكنه يأتي للوطن في العطل .. كان يحظر الشوكولاته لي بينما كنت العب في الشارع ...
قطع سرحاني سؤاله قائلا : ندى شكد معدلج ؟.
اخفضت رأسي بحزن وقلت : 70
قالت والدتي مدافعة ومخففة عني : خطية شكد قرت سودة علية .
اياد : زين شوكت تطلع النتيجة ياتخصص ؟.
- عقب باجر ... بالمستنصرية .
- خوش لعد عود اوديج ونشوف بلكي يطلع خوش تخصص.
- يارب .
كنت اتوق لأن يأتي اليوم الذي اتفقنا عليه ليس من اجل تخصصي بل من اجل رؤيته ...
اتى ليقلني يوم الاحد الموافق 20\9\1978 اثناء طريقنا الى هناك تناولنا اطراف الحديث ...
- احس متوترة .
قلت لأخفي توتري بسبب وجوده : لا بس ضايجة هسة صديقاتي يطلعلهم تخصص احسن مني واني هسة مدري بيا جامعة يشمروني .
- لا اني متفاءل صدقيني .
ابتسمت له وقلت : اوك .
وصلنا الى الجامعة ترجلت من السيارة قلت له : انتظرني هنا هسة اشوف اسمي واجي .
- متريديني اجي وياج ؟.
- لا ماكو داعي .
بهرت بالجامعة ... تمنيت لو انني اصبح طالبة بها ... صعدت الى الطابق الثاني كان الدرج في المنتصف طووويل جدا ... وقفت امام اللوحة لأرى اسمي .. قرأت ندى محمد المعموري - اداب لغة انجليزية - الجامعة المستنصرية
بقيت اقرأ الاسم مرارا وتكرارا !!... لا اصدق انه التخصص الذي رغبت به ؟.. في الجامعة التي تمنيتها ...
بسرعة كبيرة جريت الى الاسفل ... ركضت وركضت لأصل اليه ...
ترجل من السيارة عندما راني اجري نحوه ... قال بدهشة : بشري ؟.
- اداااااااب انجليزي بالمستنصرية ااااااااااااااااااااا مداصدق هههههههههه.
- ههههه مبروك ... مو قلت استبشري خير .
وضعت يدي على قلبي وقلت : الحمد الله والشكر يارب .
اعادني للمنزل وقبل ان ارتجل من السيارة قال : يلا اشوفج على خير ومبروك مرة ثانية .
قلت بأستفسار : ليش مرح اشوفك مرة لخ ؟.
- باجر مسافر .
- وين ؟.
- راجع اكمل ماجستير بروسيا .
قلت بحزن : روسيا بعيدة وباردة .
- هههه اي كلش باردة ... بعدين تقدرين تدزيلي رسايل اطمن عليج .
- اطيني عنوانك هناك وادزلك .
بحث حوله عن ورقة .. قلت : اطيني القلم الي بسترتك واني حكتبه على ايدي.
ناولته يدي ... امسكها .. شعرت بقشعريرة جميلة سرت بجسدي ... بدأ بالكتاب فضحكت : هههههه.
نظر لي باستغراب ...
- شبيج ؟.
- هههههههه وانت تكتب ايدي تدغدغني .
- هههههههه
اكمل الكتابة ...
ندى : ههههههههه يلا بسرعة خلص .
ترك يدي وقال : خلصت .
وناولني القلم قال : هذا القلم كلش اعتز بيه كتبي بيه بالجامعة .
ابتسمت : شكرا وتروح وتجي بالسلامة .
بقيت اقف عند باب بيتنا انتظره المغاردة ... اخرج راسه من نافذة السيارة قائلا : يلا دخلي .
- اوك .
دخلت وبشرت امي .. كأمرأة امية لم تفهم قيمة هذا بالنسبة لي ولكنها فرحت لأنها راتني فرحة ...
غيرت ثيابي وخرجت متجهة لبيت جدتي الذي يقع على قارعة شارعنا ... حيث يسكن هناك خوالي وزوجاتهم ...
دخلت المنزل والقيت التحية على الجميع ... ذهبت الى المطبخ حيث كانت جدتي وابنة خالي سهى ...
قبلت رأس جدتي قائلة : شونج ست الحبايب .
- هلا بنيتي شونج .
- الحمد الله ... سهى تعال نطلع نقعد بالمرجوحة شوية .
سهى : يلا .
خرجنا وجلسنا على الارجوحة قلت لها بحماس : شفتي اياد .
- اي ذاك اليوم اجة وقعد ويا ببيبي .
- اااااخ قلبي .
- ليكون ؟.
- قلبي يدق بسرعة بسرعة ... احس رجلي طايرة من الكاع ... فرحانة واريد ابقى مبتسمة ... عطيت وجهي بيدي خجلا وقلت : ياربي شديصييرلي .
- الحب هذا .
قلت بغناء : اول مرة تحب ياقلبي واول يوم اتهنى ... تعرفين اذا يحبني احس ملكت العالم كله .
- زين انتي تحسيه يحبج يعني معاملته شونها .
قلت بخيبة امل : المشكلة هو حباب ويا الكل مادري يعني يجوز ميقصد شي بس هيج حباب وياي .
- انتي لتعلقين نفسج بعدين تنصدمين .. واحتمال عده حبيبة بروسيا .
- شنو يعوف بنت بلده وقرايبه ويحب روسية ؟.
- هسةاحنا رنقول يجوز شدراني .
- ان شاء الله لا .
- هههههه ان شاء الله .
الفصل الثاني
كامل الاوصاف
كامل الاوصاف فتني .. والعيون السود خدوني ...
من هواهم رحت اغني .. اه ياليلي اه ياعيني ...
مرت اسابيع كل ليلة احاول فيها ان اكتب له رسالة .. الاحرف تخونني ... يدياي ترفض ان تترجم مافي جوفي ... اريد ان اخبره بشوقي ... امنت بالحب من النظرة الاولى ... ولكن حبك شاق ... انت في عالم وانا في عالم اخر ...
كل مساء عندما اجلس في برهة المنزل المفتوحة في المنتصف ... ارى القمر .. اخاطبه قائلة : انا لست بعيدةعن حبيبي ... فها هو يراه من مكانه وانا اراه من مكاني ...
مضى شهران ذات يوم كنت عائدة للتو الى المنزل بعد ان عدت من الجامعة ... سمعت صوت طرق الباب .. فتحته كانت سهى ...
- ندى ندى ... كانت تتنفس بسرعة.
قلت بخوف : شكو ؟.
- اياد ببيتنا .
اتسعت عيناي فرحا ... امسكت قلبي قائلا : صدك لعد يلا حجي .
سمعت صوت امي تقول : ندى منو دك الباب ؟.
صلت بصوت مرتفع لتسمعني : هاي سهى حروح وياها لبيت بيبي .
- زين يمة بس لتتأخرين على الغدة .
- لا حتغدة يمهم .
خرجت برفقتها سرنا الى منزل جدتي وفي تلك الاثناء قلت لها : اقولج استحي هسة خاف عباله خفيفة وانتي صايحتني .
- لعد سوي نفسج جاية تطلبين شغلة خوش ؟.
- شطلب ؟.
- قولي امج تريد اي شي عود .
- اوكي .
وصلنا الى المنزل سمعت صوته يختلط بصوت خوالي في غرفة الضيوف ... دخلتها وقلت : هلاوو خالو .
التفت الجميع الي مرحبا بي ...
خالي احمد : هلا حبيبتي شونج ندو .
اتجهت اليه وقبلت رأسه : بخير الحمد الله .
خالي احمد : مسلمتي على اياد .
اتجهت اليه وكأن المسافة تزيد وضربات قلبي تزداد ...
مددت يدي فتناولها مصافحا ...
اياد : شلونج ندى .
بأبتسامة خجل قلت : الحمد الله .. انت ؟.
اياد : الحمد الله .
سحبت يدي من يده وانا نادمة وكم تمنيت ان تطول تلك اللحظة ...
قالت جدتي : ليش ماجتي امج وياج من عرفتوا اياد اجة ؟.
ندى : ماجنت ادري بس جيت اخذ منكم طحين ... وراجعة للبيت .
اياد : اذا راجعة لعد اجي وياج واسلم على امج .
قلت بأبتسامة يتشقق منها فمي : يلا لعد لأن تأخرت على امي .
ليتني كنت بمفردي في تلك اللحضة لقفزت فرحا ...
خرجنا من المنزل انا وهو .. سار بجانبي .. تمنيت ان يطول الطريق ..
قال : ليش مادزيتيلي رسالة ؟.
اجبته بنفس سؤاله : وانت ليش مدزيتلي ؟.
وقف ثم قال : ممممم لأن ماعرفت شقول .
- اني همين .
بقينا نقف امام بعضنا ينظر الي وانا انظر الى الارض ... قلت مستفسرة : أأ .. انت شون حياتك هناكة يعني شتسوي منو تعرف .
كنت اود ان اعرف ان كان لديه حبيبة ام لا ...
اجاب : طول الوقت شغل ودراسة .
قلت بغيرة : الروسيات حلوات ؟... يعجبنك ؟.
قال ضاحكا : هههههه شمعنة .
- لا قصدي انو .. يعني مثل مانشوفهم بافلام ؟.
- اي حلوات .
- معجبتك وحدة بيهم.
- مايعجبني هالنوع .
رفعت رأسي وركزت نطري لعينه قائلة : لعد يانوع يعجبك ؟.
- يعجبني وحدة بغدادية شعرها اسود والعيون وساع ... عدهة رصعة وحدة .
قاطعه صوت جارتنا في الشارع قائلة : ندى .
بارتباك سرت اليها: هلا خالة .
- يمة نجلاء صار ساعة تدور عليج .
- ااااي نسيت على اساس نروح سينما .
ام نجلاء : خطية مو ضاجت الطلعة انلغت عباس ابني مايقدر يوديكم .
قال اياد : ادويكم اني .
قلت بفرح : صدك ؟.
اياد : اي جهزوا نفسكم .
ذهبنا لمشاهدة فيلم نغم حياة لفريد الاطرش وحسين فهمي وميرفيت امين ... كان الفيلم رومانسي ... كنت اشعر بالسعادة لأنه بجانبي ... عندما خرجنا من الفيلم كنت اتحدث مع نجلاء بحماس عن الفيلم ...
نجلاء : بس ضجت من حسين فهمي طالع خبيث .
ندى : لا يحبها بعدين رجعلها ويخبللل شفتي شون عيوني اوويلي ... اعشقه اعشققققققققققققققه .
: كاااااااااااااااااااافي .
صرخ بي اياد ... صدمت ... تنفس ببطئ ثم قال : ندى اني ...
تجمعت الدموع في عيني وجريت في الشارع ... جرى خلفي ...
اياد : ندى ... ندى ... انتظري .
دخلت منزلنا بسرعة وانا ابكي ... لحسن الحظ كانت امي في السوق واخوتي يلعبون في الشارع لم يروني ... سمعت صوته وهو يقرع الباب ... مسحت دموعي واتجهت لأفتح ...
فتحت وقلت : ها شتريد ؟.
- اني اسف بس صرت عصبي .
- ليش تصير عصبي علية شسويت ؟.
- اضوج .
- منيش ؟.
- تحجين هيج .
- اني جنت داحجي على الفلم .
- اي ادري بس ماحب تحجين هيج على احد ... يلا اني اتوكل واسف مرة ثانية.
رحل قبل ان يسمع ردي ... يا اللهي هل من الممكن ان يشعر بالغيرة علي !!..
في الصباح التالي كنت ذاهبة للجامعة صادفته في الشارع ...
قال : صباح الخير.
قلت بأبتسامة : صباح النور ... شنو بتت ببيت بيبي ؟.
- اي ... رايحة للجامعة .
- يلا اوصلج ؟.
- خاف اتعبك .
- لا يمعودة تعبج راحة .
وصلنا للجامعة بقيت في السيارة انتظره ان يقول شيئا ...
اياد : جبتلج هدية وياي من روسيا .
قلت بفرح : صدك !.
الهدية تعني لي الكثير ... لا يهم ان كانت ثمينة او جميلة معنى الهدية ان الشخص تذكرك ... عندما كان في المكان الفلاني فكر بك فقرر ان يحظر لك هدية ....
تناول كيسا كان في الخلف ناوله لي ... فتحته كان به سلسلة بها حرفي N
قلت له بمفاجأة : هاي ذهب ؟.
- اي .
- ليش كلفت نفسك .
- لا ماكو كلفة ولا شي .
وكان في الكيس دفتر لأوراق رسائل ...
قال : هاي حتى تدزيلي رسائل تقوليلي كلشي يصير وياج .
قلت بخجل : اوكي ... شوكت تسافر ؟.
- عقب باجر .
- تروح وتجي بالسلامة لتنسانا .
- مستحيل .
@farahsabri_