1

385 28 31
                                    

كانت الغرفة عتيقة بنافذة واحدة مغلقة بإحكام،
مظلمة عدا عن ضوء مركز على المنتصف فوق سرير أشبه بأسرة العمليات بشكله المسطح و الطاولة قربه بأدوات الجراحة المختلفة،
كان ليخيل للراءي أنه في غرفة في المشفى عدا عن أن من كان يقف على السرير لم يكن مظهره كالأطباء قطعا.
قميص ذو أكمام قصيرة لتبرز ذراعين خشنتين قويتين،
طول فارع و بنية قوية،
يدان بقفازين أبيضين ناصعين،
كان كل شيء إعتياديا عدا رأسه، كان رأس خنزير.

إنكمش رافع في ركن الغرفة المظلم و هو يحاول ألا يضعف، مع دقات قلبه المتسارعة و حدقتي عينيه المتسعتين كان يراقب بصمت صديقه نعيم و هو مسجى على سرير العمليات،
مقيد اليدين و القدمين، غائب عن الوعي في عالم آخر،
كان رافع يراقب ظهر رأس الخنزير فقط،
لم ير ما كان يفعله -لحسن الحظ- لكنه سمع صوت طقطقة الأدوات المعدنية مع بعضها البعض،
صوت منشار تكساس الكهربائي و هو يزمجر عاليا،
أغمض رافع عينيه و غطى فمه بيديه ليواري شهقاته،
كانت الأصوات كفيلة بجعله يتخيل ما يجري،
صوت المعدن و هو يمزق الجلد و اللحم، صوت الدماء المتفجرة،
ثم اختفى الصوت لبضعة ثوان ليعقبه صوت يد و هي تبحث في الأحشاء عن شيء ما.

لم يستطع رافع تحمل ذلك، راوده شعور عظيم بالخوف و الذعر ممتزج بإحساس قاتل بالذنب،
هو من اقترح هذا على رفيقه و هما يدفعان الثمن الآن.
نهض ببطء و جسد مرتعش ليتسلل بهدوء وسط انهماك القاتل في عمله، كان الباب قريبا، لقد كاد أن يصل إليه...

داست قدمه بشكل غير متعمد على إناء حديدي لتصدر فرقعة عالية،
تجمد رافع حينها و هو يشاهد القاتل يتوقف عن عمله ليلتفت بإتجاهه، كان المنشار الكهربي في يده،
ثم تقدم ببطء نحوه خطوة خطوة.

"لا ... أرجوك لا.."

" أتوسل إليك... أرجوك اتركني.."

"لا.. لا... لا.."

تقهقر رافع ليلتصق بالحائط و هو يشاهد حتفه يقترب منه، كان ملطخا بالدم، رأس زهري مع أذنين طويلتين
و بعض الشعيرات البيضاء، أنف أحمر مسطح كالحيوان البري، كلما اقترب ازدادت بشاعته و فظاعته لتجري بعض الدموع من عينيه لا إراديا،
لم يدر رافع إن كان هذا بشريا أم لا، بيد أن حدسه يخبره أنه أمام الشيطان نفسه.

صوت المنشار و هو يعلو، ثم يهبط بسرعة نحو وجه رافع المفزوع، كان آخر لحظاته البائسة من الدنيا.

غرفة القتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن