(الذين سقطوا من السماء)
تأليف
اسلام عبدالله
اللعنة .. اضاءة النيون البيضاء ساطعة للغاية .. لم أعلم انها ساطعة هكذا من قبل .. أنظر إليها كما أنظر للشمس مرغمًا لأنها فوق رأسي لا تتزحزح .. أتقلب يمينًا أو يسارًا .. أجد الضوء مسلط في جوانب عيناي .. والصوت .. صوتها المقزز يطرق رأسي بمطارق من الجحيم .. لماذا لهذه الاضاءات تلك الأصوات اللعينة .. إنها تتداخل مع دقات ساعة الحائط الرتيبة فتصنع لحنًا نشازًا يضاهي في صخبه أصوات غناء المراهقين وهم يتراقصون علي نقيق المهرجانات المزعج .. ما هذا الضيق والضجر .. من الذي قال بان المستشفيات صنعت لعلاج وراحة المرضي .. لماذا لم يخبرونا الحقيقة .. انه تم صناعة هذه المستشفيات لكي يستشعر المريض أن هذه الحياة لا تطاق ويجب الرحيل منها سريعًا .. نعم تلك وظيفة هذه البنايات .. ان تشجعك على الرحيل سريعًا من هذه الدنيا .. فالموت لي أفضل من سماع آهات المرضي المتألمين لكونهم بدون رعاية طوال الليل او ضحكات الممرضات ونميمتهم أثناء النهار .. يا ليتني اختفيت من قبل مع الذين اختفوا من قبل في صمت وغموض .. تطلعت إلي الممرضه البدينة القصيرة من خلف ستارة بالية فوق سريري وهي تلوك قطعة علكة كبيرة بين اضراسها المتهالكة وهي تحدثني برتابة ..
" ضابط الشرطة قد قدم لرؤيتك الان .."
ليهل علي من خلفها ضابط الشرطه المبتعث للتحقيق معي .. ولم يكن كما توقعته وسيم وبجسد رياضي كما يظهرون في الأفلام والأعمال الدرامية ولكن كان يحمل نفس الصفات الجسدية التي يستخدمها المخرجين في تلك الاعمال لتقديم المخبرين والمرشدين .. نظر الي الضابط بعيون متفحصه متمحصة وبشاربة الضخم الكث الذي يجسم فوق فمه الكبير .. ثم سحب كرسيًا وجلس بجوار سريري في الحال ، وظهر خلفه شاب في منتصف العشرينات بيده دفتر وقلم ووقف بجوارنا يستند علي الحائط واخذ يدون الحديث الذي دار بيننا .. الذي بدأه الضابط في الحال وهو يحدثني بصوته الشديد الغليظ :
" نحمد الله علي سلامتك ياسيد ماجد .. انا اعلم بانك مصاب ولم تستعيد صحتك بالكامل بعد .. ولكني ارغب في ان تمد لنا يد المساعده في تحقيقاتنا لانك الوحيد الذي يزعم انه يعلم ماحدث في تلك الاحداث الغامضة التي ارقتنا جميعا .. فارجو ان تشرح لي بالتفصيل الشديد ماحدث معك من البداية ."
فبادل الضابط نظرة الي الشاب المرافق له فتعلق الشاب في الحال بقلمة وهو متحفز كالفارس وهو يحمل سلاحة استعدادا للمعركة .. جالت في خاطري العديد من الافكار .. وترددت للحظات هل استطيع ان اخبرهم عن هذا السر بالفعل .. ولكن يجب علي ان افعل ذلك لنفسي اولا لكي اشعر بالارتياح .. فما احمله من اسرار مابين طياتي ارهقتني كثيرا وجعلت النوم يجافي جفوني لليالي طويلة .. اخذت نفسًا قويًا من انفي واخرجته من فمي فاخرجت معه الكثير من مخاوفي وقلقي .. فتوجهت الي الضابط ومرافقه وبدأت في حديثي ..
أنت تقرأ
الذين سقطوا من السماء
Horrorأفضل قصص اثارة وتشويق كتبت بالعربية على الانترنت بقلم الكاتب / اسلام عبدالله مؤلف العابث والشماس