في الأشهر الأولى من الحرب العالمية الثانية كان لقوة طيران بريطانيا الفضل في إنقاذها من الغزو الألماني والهزيمة المنكرة. وفي كتاب للسيدة أديلا روجز سنت جان (St. John Adela Rohers) يرد وصف لناحية غريبة من نواحي تلك المعارك الجوية التي استمرت عدة أسابيع.وقد استقت السيدة سنت جان معلوماتها من احتفال جرى في بريطانيا بعد انتهاء الحرب العالمية ببضعة أشهر، لتكريم اللورد هيو داودنغ (Ld. Hugh Dowding) قائد سلاح الجو. حضر ذلك الاحتفال الملك ورئيس الوزراء وعشرات من الشخصيات البارزة. وفيه ذكر قائد سلاح الجو قصة صراعه العجيب في المعركة الجوية عندما كان رجاله القليلون لا ينامون إلا نادراً، وطائراتهم تكاد تواصل طيرانها بلا توقف. وذكر قصة طيارين قاموا بمهمة جوية فأصيبوا وتعطلوا أو ماتوا، ومع ذلك ظلت طائراتهم تطير وتحارب. بل في بعض الحوادث خيّل إلى طياري الطائرات الأخرى أنهم شاهدوا شخصاً يواصل السيطرة على طائرة مات طيارها. كيف يمكن تفسير ذلك؟ قال قائد سلاح الجو إنه يعتقد أن ملائكة كانت فعلاً تواصل تسيير طائرات كان طياروها قد ماتوا وهم ي مقاعدهم.
من جهة، لا نستطيع البرهنة بشكل قاطع على أن الملائكة طيّرت طائرات بعد موت طيّاريها في معركة الدفاع عن بريطانيا في الحرب العالمية الثانية، لكننا، من جهة أخرى، نعرف من الكتاب المقدس أن الملائكة عملت بعض الأعمال، وهي تستطيع أن تنجز أعمالاً عظيمة- ولاشك أنها فاعلة- فيما يقترب التاريخ من ذروته. والسؤال الهام الذي يخطر ببال كل منا هو: كيف يمكن للملائكة أن يساعدونا في حياتنا الحاضرة، وكيف يكون ذلك؟ كيف يمكنهم مساعدتنا لكي نحرز الانتصار على قوات الشر؟ ما هي علاقتنا الدائمة بهم؟
نعرف أن الله أوصى ملائكته بالمحافظة علينا وبمعاضدتنا، حتى إننا لا نقدر، دون مساعدتهم، أن ننتصر على الشيطان. قال الرسول بولس: "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات" (أفسس6: 12). فلنر كيف يمكننا الاستعانة بالله فيكلف ملائكته مساعدتنا.
إله هذا الدهر:
إن لوسيفر، عدونا الأكبر، يسيطر على أداة هي من أقوى أدوات الحرب في الكون كله، إذ يسيطر على الرئاسات والسلاطين والممالك. إن كل أمة ومدنية وقرية والأفراد الذين فيها خاضعون جميعاً لقوة الشيطان الشريرة. وكأنما قد شرع هذا العدو في جمع أمم الأرض لخوض المعركة العظيمة الأخيرة ضد المسيح في هرمجدون. لكن يسوع يؤكد لنا أن الشيطان ما هو إلا عدو مغلوب (يوحنا12: 31÷ 16: 11). وفي تيموثاوس1: 10 يقول بولس إن يسوع المسيح "أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل". كما يصرّح بطرس أن يسوع "قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له" (1بطرس3: 22).
هزيمة الشيطان:
بينما يعتبر الشيطان عدواً مغلوباً من حيث المبدأ، نجد أن الله لم يبعده بعد عن مسرح العالم. لكن الكتاب المقدس يعلمنا أن الله سيستخدم الملائكة للحكم على الشيطان وإزاحته كلياً من الكون. فنقرأ في سفر الرؤيا 12 عن هزيمة الشيطان الأولى: "ميخائيل وملائكته حاربوا التنين، وحارب التنين وملائكته، ولم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء، فطرح التنين العظيم، الحية القديمة، المدعو إبليس والشيطان، الذي يضل العالم، طرح إلى الأرض". (الآيات 7-9). وفي رؤيا20: 1- 3 يصف يوحنا كيف أن سلطة الشيطان الحالية على الأرض تصبح مقيّدة وقتياً:
