'2'

795 128 31
                                    

"أيُّ نوعٍ مِن الألعاب؟" سألتْهُ بعد فترةً صغيرَةٍ مِن الصّمت، تُقلّبُ عرضَهُ فِ رأسِها، تُفكّر إذا كانت سـتكونُ تلكَ فِكرةً سيّئةً بـالفعلِ أم لا.

"جمِيل." قالَ ثُمّ أخرجَ مِن حقيبتِهِ نرداً أسودَ الّـلون، لـتعقدَ هيَ حاجبِيّها، هذا ما يُرِيدُ أن يلعبَهُ؟

"هذا نَرد، لكنّهُ ليّسَ عادِيّاً، إذا دقّقتِ النّظرَ سـتجدِينَ عِوضاً عنِ الأرقامِ طلبَات، وعِندما يُلقِي أحدُهُ مِنّا يقومُ بـالطّلبِ الّذِي أُختيرَ لهُ." بدأ يُوضّح لـتستمعَ لهُ هيَ، تستفهِم.

"إذن، إنّها كـحقيقةٍ أو تحدّي، لكنّها فقَط تحدّيات." قالت ما فهِمتْهُ مِن حدِيثِه.

"ليّسَ تحدِيداً، انتَ تبوحِينَ بـبعضِ الأشياءِ كذلِك. كما ترَين، هذا نردٌ مُتعدّدُ الزّوايا أكثرَ مِن الطّبِيعيّ، لـذا التّحدّيات الّتي عليّهِ كثيرَة، لكِن عندما يظهرُ واحِد، نُنهِي الّـلُعبة." قال، يُحرّكُ النّردَ بـعشوائِيّةً حتّى أراها التّحدِي الّذِي يرمزُ لهُ، وكانَ قد حُفِرَ على النّردِ كلِمةُ 'قُبلة.'

"أـيتوجّبُ فِعلهُ حقّاً؟" سألت هيَ بـتوتّرٍ ملحُوظ لـيبتسمَ ليام على توتّرها ذاك، مُحرّكاً رأسَهُ بـالنّفي.

"لا، لا تقلقِي، لستُ بـذلكَ السّوء." قال مُقهقهاً لـتتنهّدَ بـراحة، رُبّما الأمرُ بـرمّته ليسَ بـذاكَ السّوء.

"إذَن، انتَ تفعلُ هذا عادةً مع الغُرباء؟" سألتْهُ إيڤانچلِين أثناءَ إرتِشافِه لـقهوتِه لـيبتسمَ لها.

"لا، إبتعتُ النّردَ صباحَ اليوم، ووضعتُ القوانِين، لـذا انتِ اوّلُ من يستخدِمُه، هنيئاً لكِ." قال مُقهقهاً لـتبتسمَ هيَ لهُ.

'لـرُبّما لُعبةٌ صغيرةٌ لن تَضُر، يبدُو شخصاً جيّداً.' ، هذا ما حدّثت بهِ نفسَها بيّنما كانَ هُو يتناولُ الكعكَ والقهوى.

"لمَ لا تأكلِين؟" سألَ وهو يُحرّكُ الطّبقَ لـيُقابِلها لـتبتسمَ لهُ بيّنما أخذَت قِطعةً مِن الطّبق، لن تُنكِر، رائِحةُ الكعكِ كادَت أن تجعلَ لُعابَها يسِيل!

أخذَت نظرةً عليّهِ بيّنما كان هُو مُنشَغِلاً في تفكيرِه يتناولُ قطعةً من الكعك، يبدُو كـرجلِ أعمالٍ لها بـرسمِيّتِهِ تِلك، بِذلةٌ وحقيبةٌ سَوداء، شعرٌ مُصفّفٌ بـعناية، لـرُبّما أتى هُنا فقَط لـصفقةِ عمل، لـذا فكّرت أنّهُ مِن المُمكنِ أن يصعدا على نفسِ القطارِ سَوِيّاً، والّا ما الّذي يُفسّرُ وجودَه فِ المكانِ القريبِ مِن المحطّة؟

"إذَن، مُستعدّةٌ للـبدأ؟" سألها بعدَ ان وضعَ النّقودَ على الطّاولةِ بـجانبِ الكوبِ الفارغِ وهو يهمّ بـالوقوف بعدَ ان أخذَ بعضَ كعكاتٍ مُتبقّية، لـتعقدَ هيَ حاجبَيّها.

"إلى أيّن؟" سألتْهُ.

"بـالطّبعِ لن نبقى للـلعبِ هُنا، فلـنذهَب للـمُننزّه، إنّهُ ليّسَ بعيداً من هُنا، هيّا." قالَ وهو يأخُذُ حقيبتَهُ لـتستسلمَ معهُ، آخذةً حقيبةَ سفرِها بـجانِبها حتّى لم يُكمِلا خمسةَ دقائِق لـتجدَ كلاهُما قد وصلا للـمتنزّه، وهمّ هُو بـالجلوسِ لـتفعلَ هيَ بـجانِبِه، تارِكةً مسافةً كافيةً بيّنهُما.

"سـنعقدُ إتّفاقاً، إذا وقعَ الإختيارُ على شخصٍ منّا لـكيّ يبوحَ بـشيّءٍ أو ما شابَه، سـيفعلُهُ كلانا لـنكونَ مُتعادلَيّن." قال لها لـتبتسمَ وهي تهزّ رأسها إيجاباً مِمّا أدّى لـإبتِسامِه، يمُدّ النّردَ لها.

"الرّميةُ الأُولى لكِ." قال لـتأخُذَهُ مِنه، تتفقّدُ خاناتِه.

'سِر، تحدّي، قُبلة، تمثِيل، إحراج، غِناء، نِكات، إعتِراف، حُزن، حُب.' ، هذا ما كانت ترمُزُ لهُ كلّ زاوية، وفضّلت عدمَ السّؤالِ ورُؤيةَ كيّفَ سـيجرِي الأمر.

"هذا غرِيب، ولكِن حسناً." قالت وهيَ تُلقِي بِهِ فِي المساحة الفارِغةِ بينهُما لـيتوقفَ على 'قُبلة.' مِمّا أدّى الى إتّساعِ عيّنيّها، وضحكِ ليام بـقوّة، مِمّا فقط زادَها حرَجاً.

"لا بأس، يُمكِنُنا تجاهلُ الأمر، أعِيدي الإلقاءَ بِه." قالَ يبتسمُ لها لـتأخذَهُ مِنهُ بعدَ ان تنهّدت، تُعاوِدُ الإلقاءَ بِه لـيتوقّف على 'إعتِراف.'

"حسناً، يُمكِنُكِ الإعترافُ بـشيّءٍ الآن، مهما كان." قالَ يبتسمُ لها، لـتقضُمِ هي على شِفتها السّفليّة، تُفكّر في ماذا يُمكِنها ان تعترِفَ بِه.

فكّرت انّهُ حتّى إن أخبرتْهُ بـشيّءٍ كبِير، هو غريب، مُجردُ رجلٍ مجهولٍ إلتقَت بِهِ صِدفة، ولن تلتقِيَ بِه مُجدداً، لـذا الأمرُ لن يُشكّل فارِقاً كبيراً، أياً يكُن ما سـيعرفُه عنها، هو بـكُل تأكيدٍ لن يراها مرةً أخُرى.

"حسناً..لا يعرِفُ أحدٌ على إطلاقِ بـهذا الشّأن." قالت لـينظُرَ لها بـكُلّ إهتمامٍ لـتُكمِل:" في مرّةٍ أثناءَ قيادتِي، إصطدمتُ بـقِطٍّ صغيرٍ عن طرِيقِ الخطأ. أخذتُهُ الى الطبيبِ البيّطرِيّ، ومِن ثمّ أبقيّتُه معي في المنزِل، وحتّى الآن لا يعلمُ أهلِي او أيّ أحد انّنِي إصطدمتُ بـكِيتِي."

"هذهِ لـصِدقكِ." قال مُبتسماً وهو يمُدّ قطعةَ الكعكِ لها لـتقبلها مِنهُ بـكُلّ سرُور مُبتسمة.
"بـالنّسبةِ لِي، أخبرتُ أهلي مرّةً انّني سـأبيتُ مع أصدقائِي لـنهايةِ الإسبوع، لكِن فِعليّاً كُنّا قد سافَرنا الى مينيسوتا لـأنّ صدِيقي كانَ مُشتاقاً لـحبيبتِه، وكذلِكَ لا يعلمونَ حتّى الآن." قالَ مُقهقهاً لـتنظُرَ لهُ مُتفاجِئة، بـالتّأكيدِ كان إعترافُه أكثرَ قوّةً وحماساً عن خاصّتِها.

"هذهِ لـصراحتكَ أيضاً."قالت تبتسمَ وهي تُخرِجُ لوحَ شوكولاتةٍ مِن حقيبتها النّسائِية، لـيبتسمَ وهو يأخذُهُ مِنها، شاكراً إيّاها.

أخذَ النّردَ وهمّ بـإلقاءِه، ليـتوقّف على 'تحدّي'، لـينتُجَ عن ذلكَ تذمّر إيڤانچلِين، وضحكُ ليام.

"لن أكونَ قاسِياً." قال مُبتسماً ثُمّ نظرَ حولَهُ لـيجدَ ثُنائِيّاً يجلِسُ سوِيّاً، لـتَتّسعَ إبتسامتُه."اتحدّاكِ، ان تذهبِي لـذلكَ الشّاب، وتُخبريهِ بـأنّكِ تُحبّينُه كثيراً."

"حسناً، مُزحةٌ جيّدة، ماذا تُريدُنِي ان أفعلَ حقّاً؟"قالت تبتسمُ لُه لَيُقهقه هُو.

"انا جاد. ولا تتحجّي بـعدمِ إتقانِكِ للـفِرنسِيّة، مَن لا يعرِفُ قولَ أُحِبُّك بـهذهِ الـلُّغة؟" قالَ لـتنظُرَ لهُ بـملامحٍ خاليةٍ من التّعبِير.

"انتَ مجنونٌ حتماً." قالت وهي تضمّ يدَها الى صدرِها، لـيضحكَ هُو.

"اذا لم توافِقِي على التّحدّي، يُمكِنُني تغييرُه، للـأسوء، لكِ حُريّةُ الإختيار." قالَ يبتسمُ وهو يُعيدُ ظهرهُ للـخلف، يضمّ كلتها يديّه الى صدرِه.

"انا أكرَهُك." قالت بـضِيقٍ وهي تقفُ مِن مكانِها لـيضحكِ ليام أثناءَ إتّجاهِها لهُما.
-

 The Dice » L.P {Completed}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن