الظبي والجزيرة

3.9K 80 3
                                    

زادت ظلمة الليل باختفاء القمر وازدادت النجوم تألقا وبهاء. وامتلأ المكان بشذى الزهور ورافينا واقفة وحيدة في الشرفة المطلة على البحر تستجمع شجاعتها لتبدو مرحة في الحفل فبعد قليل تتدفق جحافل الناس الى فناء الدار وتضاء المصابيح وتبدأ جوقة الموسيقى بالعزف. ارتدت رافينا ثوبا رائعا لم تجرؤ السؤال عن صاحبته وانما وجدته على فراشها في غرفة برج الفارس وزاد الثوب من تألق سحر عينيها وابرز فتنة وجهها وانتظرت في عصبية حتى يراها مارك وسمعت وقع خطواته الهادئة تعبر ارضية الشرفة حتى وقف بجوارها وامسك برسغها وادارها نحوه لينظر اليها ولم تتفوه بكلمة عندما راحت عيناه تتأملان مظهرها في ثوب الجزيرة. 
قال:
" كم انت فاتنة ولكن ارجوك ان تبتسمي الثوب يخص جدتي وقد طرأت لي فكرة انه يناسبك "
وبدت الدهشة في نظرات رافينا وقالت:
" هل تقصد ان لانونا سمحت لي بارتدائه؟ "
تلألأت اسنانه وسط وجهه البرونزي في ابتسامة وقال:
" ليست لانونا...انما جدتي السلتية ديلمزا التي كانت تتحلى بصليب وهي ترتدي هذا الثوب "
حكت اصابعه عنقها وهو يثبت حوله السلسلة الذهبية التي تحمل الصليب المرصع باللآلئ واستقر الصليب على صدرها ولمسته رافينا فأحست الدفء الذي بقي فيه من يد مارك. فتمتمت قائلة:
" كم هو جميل. شكرا لك يا مارك لانك سمحت لي بارتدائه هذه الليلة "
" انا اعطيته لك "
" ولكن...."
ووضع مارك اصبعه فوق شفتيها ليمنعها من مواصلة الحديث وقال:

" لم يرتده احد سوى ديملزا وقد قدمه لها جدي عندما جاءت الى هنا "
وشعرت رافينا فجأة بالدموع تحرق مآقيها فقالت:
" مارك احيانا تبدو رحيما للغاية "
وعرفت يداه طريقهما الى وسطها وقال لها:
" ولكني في اغلب الاحيان ابدو قاسيا اليس كذلك؟....كم احب ان تقبليني يا رافينا "
ووقفت رافينا على اطراف اصابع قدميها وكانت تنتعل خفي ديملزا الاسودين وقد زينا بشرائط وردية ثم مست شفتاها خد مارك غير المشوه وفجأة شعرت به يتوتر فقد ادرك انها لا تستطيع ان تحتمل لمس ندوبه لأن التفكير في لمسها كان يثير الرعب في قلبها. واحكم قبضة يده حول وسطها فمالت برأسها الى الوراء وزادت عيناها الخضراوان اتساعا عندما مال بوجهه نحو وجهها وظنت انه سيقبلها ولكنه قال:
" كان يجب ان يكون الحفل تنكريا...ما رأيك لو انني غطيت وجهي؟ "
انطلقت من بين شفتيها صرخة قائلة:
" مارك...لم اقصد..."
ولكن قاطعها قائلا:
" وجهي يفزعك...كما افزع تلك الطفلة التي خرجت من المدرسة "
" كفى...."
" افزعك ولكنك ستتعلمين كيف تعيشين معه مثلي"
وانسحب وقد ثبت ربطة عنقه وارتدى سترة سوداء وقميصا ابيض اللون ثم قال:
" تعالي..من الافضل ان نهبط لمقابلة الناس الذين وصلوا فالحفل اوشك على الابتداء "
وكان الفناء حاشدا بالناس رجالا ونساء يرتدون افخر ثيابهم يحدوهم المرح والضحك وبدا حب الاستطلاع في عيونهم عندما ظهر مارك في الفناء بصحبة عروسه الشابة فصاحوا:
" مرحبا بك في منزلك يا بدرون جئنا للاحتفال بالزواج السعيد "
واقبل عدد كبير منهم لتحية رافينا. البعض يضغط على يدها والبعض يقبلها واحست ان ابتسامتها تجمدت على شفتيها ازاء الطريقة المتكلفة التي تنظر بها النسوة اليها وادركت انهن يقمن بمقارنتها بالعروس التي سبقتها ووقفت الى جوار مارك. كانت دوناتا واحدة منهن مشرقة ذات وشاح يكسو شعرها الاسود مثل لون بشرة مارك اما هي فشعرها احمر اللون وبشرتها شاحبة. شعرت رافينا بالتوتر وودت ان تبكي. واحست
بالمهانة من الصورة التي تعرض بها على الجميع ولكن سرعان ما زايلتها هذه المحنة عندما اقبل الخدم يحملون اللحم الذي تنبعث منه رائحة الشواء والخبز واطباق المكرونة 

العروس الأسيرة - فيوليت وينسبير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن