الغراب المتهم الحلقة ،،5،،

269 4 0
                                    

الغراب المتهم
الحلقة 5
بقلم طارق اللبيب .
لما سمع ابو ورقة عن مرض سلمى.. ارتعب وعلاهو الخوف والشفقة عليها ..
وقال ليوسف .. اخبرني ياعماه مم تشكي سلمى ..
قال له انها يتملكها الخوف.. كلما خرجت من غرفتها.. وترتعد فرائصها .. وربما تصرخ ويغمى عليها .. من شدة الخوف ..
ولكنها في غرفتها لاتشتكي من شي .. تأكل وتنام جيدا .. وتصلي فروضها.. وتتنفل.. وتقرا القران .. حتى انها حفظت كتاب الله كاملا ..
ولكنها لاتستطيع الخروج من قوقعها ..
قال له ولكن ياعماه ما الذي يخيفها ؟.. قال له هي تذكر انها كلما خرجت من غرفتها .. ترى غرابا" مخيفا يطاردها.. حتى تدخل غرفتها .. وهي على يقين انه مرسل اليها ليؤذيها .. ولكننا لم نرى هذا الغراب يوما .
وكثيرا تتخيل اشياء.. لا واقع لها وترى اشخاصا ..
ونعتقد انها تتوهم الأمر.. وهي مجرد خيالات.. لا علاقة لها بالواقع ..
وقد سعينا لها بكل سعي .. ولم نجد لها دواء ..
قال له ياعماه هل لي ان اراها قبل ان اسافر؟
قال اذهب ال مهمتك المكلف بها .. وبعد ان ترجع منتصرا باذن الله
ونشاورها في لقاءك.. فان سمحت لنا اذنا لك ..
قال له سمعا وطاعة .. الان ياعماه لابد ان انتصر.. واتي بالابل وانا سليم معافى ..
قال له يوسف.. لابد ان تنهي مهمتك قبل اسبوع.. حتى تحضر عرس اخيك . الاكبر بعد عشرة ايام ..
قال له ان شاء الله .. ساكمل المهمة في اقل من اسبوع
المسيرة ثلاث ايام ذهابا وثلاث ايابا" .. وساتخلص من اللصوص في يوم واحد .. بأذن الله ..
وركب سعد بن ورقة.. وعمره حينها في نهاية السابعة عشر .. ولكنه في جسد فارس .. وقوة محارب عظيم ..
وركب الفرس الاسود.. الذي كان يراقبه من خمس سنوات .. صحيح ان الفرس اصابه الوهن.. ولكنه مازال جموحا لايقهر ..
وحمل سيف يوسف التيمي .. والسيف الذي خاض اكثر من ثلاثين حربا مابين صد وغارة . حمل ابن ورقة معه الزاد الكافي.. وماء في شن ( سعن) ..
وركب الريح.. وتوجه في اتجاه الشرق الشمالي.. الى اولئك البدو المتفلتين .. وكان يعرف الطرق .. فهو بن البادية الذي يعرف اسماء الجبال والوديان .. فلن يضل في طريقه ..
بعد مسيرة يوم كامل .. وفي المساء بعد ان اسدل الليل ستوره .. وتسربلت الارض بغطاء الظلام .. تعب ونزل منزلا عل بطن وادي ..
وربط فرسه .. وصلى المغرب والعشاء.. وافترش بردة كانت معه واضجع لينام .. فسمع اصوات قريبة منه ..
اصوات غناء وطرب.. وصفير وصياح غريب.. لم يسمع مثله من قبل ..
فقام وتلفت يمينا وشمالا.. ولم ير احد ولكن الاصوات قريبة جدا ..
فعرف بما لايدع مجالا للشك.. ان هولاء هم الجن .. لان تلك الاودية معروفة انها مأهولة بالجن .. فهي تسمى ربع الارض الخالي ..
وفيها وادي عبقر.. ووادي الهواشير .. وتخوم الجن .. وجبل الشيطان ..
وكل هذه التسميات.. تدل عل الناس رأوا فيها الجن.. فاطلقو على البقاع هذه الاسماء ..
قام سعد ابن ورقة من مكانه.. وحل رباط فرسه .. وذهب الى وادي اخر ..
ولكنه مالبث كثير.. فسمع تلك الاصوات تقترب منه.. مرة اخرى ..
فصاح فيهم.. وقال اذهبوا بعيدا.. فاني اريد ان انام.. اليس لديكم اكرام لضيف؟ ولا عابر سبيل؟ .. اهكذا ترعجون المسافر؟
انصرفوا ال مكان اخر .. فقال له احدهم .. انت جئت الينا .. ونحن لم نأت اليك .. فارتحل ..
قال له ان كنت رجلا حقيقيا.. فاظهر نفسك ولا تتكلم معي مختفي مثل الجبناء.. فظهر له رجل في الثلاثين من عمره.. في بنية قوية .. وجسد ممشوق .. تلمع عيناهو كانها جمرتين .. ويحمل سيفا يبرق كألذهب ..وقال له انت تصفني بالجبان في ارضي وامام قومي؟
والله لن اتركك .. هلمو ايها الابطال .. فظهر قريب الاربعين من الفرسان على هيئة هذا الاول .. فقال لهم ابن ورقة من اي القوم انتم .. قال له نحن من قبيلة فزام .. الم تسمع بابي نهشل الفزامي ..
قال لا والله ماسمعت بالرجل ولا بالقبيلة ..
هل انت من الجن ام من الانس .. فقال له نحن لانجيبك عل سؤال ايها المعتدي ..
اقبضوا عليه .. فاجتمع الفرسان عل ابن ورقة .. فاستل سيفه وبدا يضرب يمينا وشمالا .. ولكن الضرب لايصيبهم .. فهو يضرب في الهواء وهم يضحكون عليه .. وحتى الان لم يعلم هل هم جن او سحرة من سحرة الصحراء ..
ولكنهم استطاعو ان يمسكو به.. فلما مست ايدهم جسده انشل ولم يستطع المقاومة .. واصبح لايستطيع ان يحرك يدا ولا رجلا .. ثم اخذوه ووثقوهو بالسلاسل ..وحملو وساقو فرسه الى جبل وادخلوه هو والفرس في غار في بطن ذلك الجبل .. ثم اجتمعوا علل صخرة كبيرة .. فسدوا بها الغار حت لايراه احد لو مر بالجبل
وليس هنالك اصلا انسي يمر بالمكان .. من مئات السنين .. وبعد ان اغلقوا عليه الغار هو وفرسه تركوه وذهبوا .. والوقت ليس فيه قمر مكتمل ..
فلما التفت ابن ورقة ال لم يجد اي وثاق ولا اثر ربط عل يديه وقدميه .. فما اصبح علي الصبح رأ انوار الفجر تلوح من اطرف الصخرة التي سدت الغار .. قام وصلي واخرج شيئأ من زاده فاكل واعطى الفرس من زاد كان يحمله له من الحنظة والشعير .. واكل.. وشرب قليلا وسقى الفرس ..
ولكن هذا الزاد والماء لن يدوم طويلا فكان عليه ان يقتصد فعلا ..
فلربما يطول به امد الحبس.. في بطن هذا الجبل الغريب ..
لما اضاء النهار.. ودخلت اشعة الشمس من اطراف الصخرة .. اضاء الكهف قليلا .. فقام ابن ورقة ليحرك الصخرة .. ويخرج .. ولكنها كانت كبيرة جدا.. لايستطيع .. هو ولا عشرة من امثال قوته ليزحزحوها ..
فلما عجز من تحريكها .. بدأ يحفر الارض تحتها لتسقط .. ولكن كانت الرمال قليلة.. فلما نفدت الرمال .. تبين له الصخرة موضوعة عل كبد الجبل باحكام .. فليس هنالك سبيل للحفر .. وجلس يفكر .. ماذا افعل؟ .. وماهذا الذي ابتلاني الله به .؟
قام وربط حبل الفرس في اطراف الصخرة .. واخذ بلجام الفرس الى الداخل.. لعل الفرس يستطيع ان يحرك الصخرة.. ولو قليلا .. لكن هيهات .. ذلك الحصان الاسود القوي.. عجز عن تحريك الصخرة ولو قيد انملة ..
لما تقطعت السبل به.. وانتهت كل حيلة في طريق للخروج.. من هذا النفق .. اتجه الى الله .. وقال اللهم انت القائل .. (امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء) .. اللهم اني مضظر .. والم بي السوء .. فاجب دعوتي .. واكشف السوء عني ..
وجلس ينتظر الله ..
ومر اليوم الاول والثاني والثالث .. وهو لايزال عل الدعاء
والماء عل شك ان ينفد .. والزاد اصبح شحيحا ..
وصلى ابن ورقة في هذا الغار الى الان خمسة عشر فرضا .. وقراكثيرا من القران ودعاء دعاء كثيرا لايمل ولايكل ..
وقال مرة في ماقال ..
وهو يشكي الي الله تعالى حاله وهو في بطن الغار..
واذا انتهى عزي وشاخت قوتي ..
فالله يرحم من يبــــــــــدل لونه
فهو الذي اجرى السحاب بمائه..
وهو الذي خلق الانام وكونه ..
يا ملجئي بالعفو اطلب راجــيا ..
اجعل لعبدك مخرجا كن عونه..
احس ابن ورقة في هذا الوقت بتعب شديد .. وغلب عليه النوم.. فنام ..
ثم راي في النمام انه الصخرة قد انفرجت.. وخرج منها وذهب.. الى البدو وقابلهم.. وهم سبعة .. وقاتلهم.. وهزمهم واستسلموا له بصلح ..
وسلموهو ابل بني سهيل .. ورجع ال الدار .. ورأي سلمى وكانت في جمال لايضاهى .. وتعافت من مرضها .. وتزوجها وخرجت معه في ابهى حلة .. حتى اشرقت الارض من حولها من شدة جمالها وبريقها .. وكان سعيد سعادة لا تشبهها سعادة .. ولكنه فجأة استيقظ من نومه .. فراى انه مازال محبوسا في الغار .. فانطبق عليه الهم بعد الفرح الذي كان قد احسه في منامه ..
ال اللقاء ..

الغراب المتهم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن