الغراب المتهم
الحلقة 4
بقلم طارق اللبيب
نظر ابن ورقة الي عيني يوسف.. ولم يرف له جفن.. ولم ترتعش له يد .. كان ثابتا لايظهر عل وجهه شي من الفرع..
قال له يوسف ماهذا الذي اسمعه يافتى؟
قال هل اخبرتك زوجتك بقولي ؟
قال نعم .. وهل انت تعترف بماتقول؟
قال له ليس هنالك امر عيب فانكره .. ولم اقل شيئا يستحق مني الخوف من عضبك.. سألتني زوجتك عما اشعر فاخبرتها بالحقيقة .. انتم اهل الشأن ..ان كان ماقلته يستحق العقاب . فعلى الدنيا السلام .. من اجل هذه النظرات التي تنظر بها الي..
يكذب عليكم اولادكم .. وينكرون مايفعلون خوفا .. فتدفعونهم الى الكذب دفعا .. لكن لن تجدني جبانا لو قتلتني ..
قل يا عماه .. ماذا اغضبك في قولي؟ ..
لانني شعرت في قلبي شعورا لا اتحكم لي فيه .. ام لانني تكلمت بالصدق عما شعرت؟
قال له يوسف .. كان لك من اول ان شعرت.. هذا الشعور ان تغادر الدار ..
قال له لماذا؟ انا لا اخاف على احد من نفسي ..
لا تسول لي نفسي امرا يجر علي اللوم .. يصغرني في اعين الرجال ..
انا لا اخون من يطعمني في داره ..
انقضت فترتي ولم ير مني اولادك غير البر والاحسان.. واحتمال الاذى والصبر المتواصل ..
كل هذا الحديث يدور بين سعد ويوسف وزبيدة تنظر ..
التفت اليها زوجها يوسف وقال لها . هل رايت منه ما يجعلك تشكين في شي ؟
قالت اللهم لا.. ما لفتني شي .. غير وعيه الزائد .. وعقله الراجح .. فرايت انه ليس كالاطفال .. فانتابني الخوف منه فسألته ..
قال له يوسف ..يا بني ليس لدينا عليك مأخذ حت نعاتبك .. ولانستطيع ان نرميك بسوء لم تفعله فنعاقبك .. ولكن ابتعد عن اطفالي ..
قال له سعد سافعل ولكن هل بشي قبل اغادر محكمتك؟
قال قل .. انا اسمع ..
قال له يا عماه لقد وعدتني بتزويج بنتك .. وانا قد اخترت سلمي
فاريدك ان تجدد العهد لي بها تحديدا .. ولا اريد غيرها ..
قال له يابني ان الاوان لم يئن لهذا الكلام .. ونحن اتينا بك للتعليم ..
قال له ولا يمنع ذلك . ان اعلم من هي شريكتي في حياتي ..
قال له يوسف .. هب اني واقفت لك عليها.. ثم كبرت ورفضتك .. ماذا تفعل ؟؟
قال له تكون انت قد افيت بعهدك .. ولكن الله لم يقسم لي فيها نصيب ..
فليس عليك لم بعدها ملامة ..
قال له اقول لك حسنا .. ماذا تقولين يا ام سلمى؟ .. قالت له
انا لم اعده بشي .. ولن اعترض اليوم على عهدك له.. ولكن لي كلمتي في وقتها .. لكل حدث حديث..
ارتحل ابن ورقة الى دار ام الكرام .. كان بين الدارين .. سبعمائة خطوة حسبها سعد يوم ارتحل ..
اقام ابن ورقة مع ام الكرام اربعة سنوات .. كان يحبها حبا جما .. يحترمها ..فمثلت له امه وعطفت عليه واحبته .. كانت تؤثره بالطعام الجيد على اولادها .. اذ انه اصغر من في البيت ..
كان اولاد ام الكرام فرسان اشاوس لايشق لهم غبار ولا تلين لهم قناة
ولا يستطيع المحاربون مجابهتم في ساحات الوغى ..
في هذه السنوات التي اخذها سعد تعلم كل شي .. فكان يخرج لمجالس العرب فيسمع العلم والفقه والأدب الحكمة والشعر والقصص .. وتعلم فنون القتال واسرار الحروب من يوسف التيمي ..
وتدرب كثيرا مع ابناءه المحاربين الافذاذ ..
وكان ذكيا لبقا لماحا.. لما بلغ السادسة عشر من عمره لم يكن احد في البقاع والاصقاع يستطيع منازلته ..
لكنه كان دائما مشغول البال بسلمي.. التي منذ ان خرج من بيته لم يراها ولا مرة ..
حتي في يوم موت اخيها جابر .. ابن ابيها توفي في الثلاثين من عمره .. بسبب الحمر التي اجتاحت اليمن في تلك الايام ..
وكانت تسمى حمى السحايا .. وهو السحائي المعروف ..
لم تخرج سلمي في وفاة اخيها .. ولم تحضر جنازته ..لم يستطيع سعد ان يسأل عنها طيلة تلك الفترة ..
كل اخواتها الصغار والكبار يخرجن .. الى العراء ويذهبن الى الجوار والاعراس ..
الا سلمى .. وكل ما يريد سعد ان يسأل عن سبب عدم خروجها ..كأن شيئا يمسكه ويمنعه .. ولكن جل تفكيره .. يقول انهم ربما يمنعونها الخروج خوفا عليها مني ..
في تلك الفترة كانت الحروب في هذه المنطقة .. تتلاشى وتضمحل الا غارات هنا وهناك ..من طوائف الشيعة الروافض على بعض القبائل السنية ..
وكان يوسف التيمي قائد الجناح العسكري في السنة .. وكان ابن عمه القاسم بن عبدالله التيمي .. من جهابذة العلماء الذين كانوا ينيرون الليالي بعلومهم الغزيرة ..
وكان ايضا بعض الصعاليك البدو يعتدون على الابل ويسرقونها
وكثيرا مايقطعون الطريق على المسافرين والتجار فينهبون اموالهم ويسوقون ابلهم .. وبعد ذلك اما يقتلوهم او يتركوهم في الصحراء للموت بالعظش ..
لما بلغ سعد السابعة عشر من عمره وقد قوي عوده .. وسمق جسده .. فكر في الرجوع الى اهله ..
تغيرت فيه كثير من الطباع .. فاصبح كثير السكوت .. يطيل النظر الأرض .. كثير الحياء والخجل ..
جلس يوما في الصباح امام يوسف التيمي .. وراسه مطأطا الى الارض بكل ادب ..
وقال له ياعماه .. منذ شهر وانا اريد ان اتحدث معك ولكن الحياء منك يمنعني .. فاليوم جررت الغطاء على قلبي لاخاطبك .. ياعماه .. لقد اكرمت نزلي .. وعطفت علي عطف الوالد على الولد .. وربيتني كانني من صلبك .. ما رايت منك ظلما .. ولابخلا .. ولا سوءا .. فاصبحت عندي بمقام ابي .. وانني لا اقوي على فراقك .. ولا امي ام الكرام .. ولا اخوتي .. ولكن لكل امر منتهى .. ولكل مدخل مخرج ..الفترة التي رمناها ..تمت
ونلت الهدف .. فقد علمتني .. ماجئت من اجله.. وما لم أت من اجله
فلم اكن اعلم اني سأتعلم الفقه والعلم والادب والشعر .. علاوة على فنون القتال .. فكم من الفضل لك علي .بعد الله .. وان لساني يخذلني ان اوفيك شكرا .. اني اطلب الاذن بالرحيل الى داري وانا ملتفح بالخجل ومتسربل بالحياء..
فقال له يوسف التيمي .. لقد اكملت تعليمك .. واصبحت بطلا تهابه الفرسان .. وجبلا تخاف منه الرياح ..
ولكن قبل ان تذهب نحن عندنا .. دين عليك نريد ان تقضيه .. وعندك معنا وعود نريد ان نوفيها معك ..
فلما قال له ذلك فرح سعد فرحا عظيما .. اخيرا سيهنا بلقاء سلمي التي طالما اشتاقت نفسه لرؤياها ..
قال له اما الدين الذي عليك .. هو ان بني سهيل جيراننا قد اغار عليهم بدو من جيهة صيعر ..
وقادوا منهم ثلاث من اعرق الابل وانقاها ..
وان اخوك البشير اراد ان يلحق بهم ويرد لبني سهيل ابلهم .. فهل تستطيع ان تركب بدله وتذهب الي هولاء الصعاليك البدو .. ترجع لبني سهيل مالهم؟
قال سمعا طاعة ياعماه .. ساذيقهم مر العذاب .. وسانزع منهم الحق الذي سلبوه ..
قال اركب فرسي الذي وعدتك به .. واحمل سيفي الذي وعدتك به ..
انتصر عليهم ثم سيفي وجوادي حلال عليك .. سواء نجحت في مسعاك ام لم تنجح ..
قال له ياعماه ماشأن الوعد الثالث..
قال انا علي وعدي لازوجك سلمى .. ولكن اخشى ان تنكص انت عهدك .. وتغير مطلبك .. فخير لنا ان نسكت.. ونترك هذا الوعد لئلا يكون لك امتحانا عسيرا يابني ..
قال قل ياعماه .. فانك لن تجدني جبانا ولا عاجزا ..
قال يوسف يابني ان سلمى مريضة منذ اربع سنوات ..
ال اللقاء ..
أنت تقرأ
الغراب المتهم
Romansaغرابا يكون السبب في فقدان البطلة لعقلها ولكن البطل الا وهو حبيبها اللبيب ذو العقل المميز يبحث ويبحث حتي يعرف كيفية معالجة حبيبته واختفاء الغراب والي الابد