لحن روما البارد

720 45 87
                                    


"تجيد أرواحنا اللوم على الزمن و مع الوقت نشعر بأن الزمن هو خير معلم لعقولنا المتشبعة بجهل الماضي."

لطالما تلك المقولة هي التي آمن بها ماثيو منذ صغره رغم تعارض حياته معها لكن شغفه لتحقيقها كان أقوى..

استقر ماثيو في موطنه روما تاركاً باريس لعله ينسى أيسل محبوبته الجميلة، لم تكن الحياة بالنسبة له طبيعية بل كانت أحلامه تلومه على الفراق بتجسيد أيسل معه في الخيال فقد أحبها كثيراً لكن سرعان ما تحول هذا الحب إلى رماد بعد أن رفضه والدها بسبب خسارة عمله.

-صباح الخير ماثيو.

خرج ماثيو من شروده ليتطلع إلى سيلفيا و التي كانت مبتسمة له كعادتها منذ زواجهم، ابتسم هو أيضاً لعله يستطيع تقبلها في حياته الجديدة فرغم وجودها معه منذ صغرهم إلا أنهم كانوا أصدقاء فقط بالنسبة لماثيو لدرجة أنه لم يصدق نفسه حينما وافق على الزواج منها أما سيلفيا فقد أحبته منذ تعارفهم حينما كانوا صغار فهي قد رأت فيه الفارس الذي بإبتسامته ينتشلها من الظلمات رغم حبه لأيسل..

تنهدت سيلفيا لتنظر إليه في شئ من حزن لكنها عدلت ملامحها لتقول متجهة خارج غرفة الجلوس:

-سأذهب إلى العمل، وداعاً..

خرجت هي ليقلب عيناه بعد أن شعر بوجع قلبه المعتاد فهو كان يعرفها أكثر من نفسها، هو يعلم أنها تحبه و أن ما يفعله الآن ليس ذنبها لذلك نظر لها من النافذة قائلاً بأسف:

-سامحيني..

أخذت خصلات شعرها الأسود تتطاير أمام عينيها العسليتين كلما ازدادت سرعة مشيها بينما الرياح الشتوية تقابل دموعها الصغيرة بجفاء قد كان في رأيها أهون بكثير من برود مشاعر ماثيو اتجاهها..

.
.

-هل يعجبكَ ما تفعله؟

ازداد خنق ماثيو بعد كلمات صديقه المعاتبة ليضع ورقة الطلبات أمام الطاهي بعنف ثم نظر لكارلوس صديقه قائلاً في غضب:

-ماذا علي أن أفعل؟

-إما أن تطلقها و تزيح عن قلبها أمل كاذب و إما أن تحبها و تنسى أيسل..

أخذ كارلوس الطلبات ليقدمها للذبائن تاركاً ماثيو في حيرة فكيف سينسى من بات ينام بعد رؤية صورتها كل ليلة و كيف سيترك من بات مساؤها يكتمل بوجوده؟

عاد ماثيو إلى بيته البسيط بعد أن تنزه ككل يوم برفقة السحاب، نظر حوله ليقترب من المطبخ ناظراً لسيلفيا التي كانت تنظم طعامه و الذي نادراً ما يتناوله..

لحن روما الباردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن