الفصل الاول ٣

86 4 3
                                    



فمضى المخبر نحوه مسرعا و تحسسه مفتشا عما يريب في صدره أو جيوبه ، فعل ذلك بمهارة و خفة و دربة و هو يقول :
-اسكت يا ابن الثعلب ،ماذا تريد ؟
-جئت للتفاهم على مستقبل ابنتي ..
-أنت تعرف التفاهم !!
-نعم من اجل ابنتي ..
-عندك المحكمة ..
-سألجأ إليها عند اليأس !
وصاح عليش من أعلى :
-دعه يدخل ،تفضلوا ..
اجمعهم حولك يا جبان .وعند الأجل لا ينفع مخبر و لا جدار . و دخلوا حجرة الاستقبال ،اما المخبر فقد جلس إلى جانب سعيد وراح يعبث بحبات مسبحة .ودخل عليش سدرة ، رافعا وجه . صافح سعيد متاظهرا بالشجاعة و قال :
-حمدالله على سلامتك !
وسرعان ما تأزم الجو بالصمت حتى عاد عليش يقول و كأنما يرغب في فتح صفحة جديدة :
-مافات فات ،و كل ما حصل يقع كل يوم ،و قد تحدث أمور مؤسفة و تنهار صداقات قديمة، و لكن لا يعيب الرجل إلا العيب !
بدا سعيد و هو يتابعه بعينيه البراقتين و جسمه النحيل القوي كأنه نمر يتربص بفيل ، ولم يسعه إلا أن يردد قوله :
-لا يعيب الرجل إلا العيب ..
فقال المخبر:
-ادخلوا في الموضوع و أعفونا من اللف ...
فتساءل سعيد بسخرية خفية :
-من أي ناحية ؟
ناحية واحدة هي التي يجوز الكلام فيها و هي ابنتك !
-وزوجتي و أموالي يا جرب الكلاب !الويل...الويل ،أريد أن أتلقي نظرة من عينيك .كي أحترم من الآن فصاعدا الخنفساء .سحقا لمن يطرب لأنغام امرأة.
ولكنه هز رأسه بالإيجاب ،فقال:
-بنتك في الحفظ و الصون ،مع أمها ،وشرعا يجب أن تبقى مع أمها بنت ستة أعوام ،وإن شئت أزورك بها كل أسبوع...
فرفع سعيد صوته متعمدا ليسمع من الخارج :
-شرعا هي حق لي لشتى الملابسات و الظروف ..
فتساءل عليش في غلظة:
-ماذا تقصد ؟
-لم ارتكب جريمة و لكنها القسمة و النصيب ،و الواجب أيضا ،واجب المروءة دفعني إلى مافعلت ،ومن أجل البنت الصغيرة أيضا !!
-واجب المروءة يا ابن الأفعى !الغدر و الخيانة و المزدوجة .ولكن ما شكل سناء الآن ؟
وقال بهدوء ما استطاع :
-لم أتركها في حاجة ،كانت لديها أموالي ،أموال طائلة ..
فهتف المخبر:
-تقصد مسروقاتك ؟!تلك التي أنكرتها في المحكمة !

اللص و الكلاب(مختصر)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن