الجزء الأول

12.3K 134 3
                                    

(سيليا)

قصة قصيرة

~ مُقدمة ~

فُستان وطَرحة وأين الفَرحة؟.. 
كُسرت وتناثرت ولم يتبقي سوي الظلام الدامس الذي غلف حياتها فجأة، لتُصبح تائهة بين أحزانها وإلحاح الآخرين لإخضاعها كما أرادوا فهل ستخضع أم ستبقي صامدة قوية؟؟ 

..................................

تلك الفرحة المُنتظرة قد آتت أخيرًا لتغمر قلبها الصغير، ذاك الفستان الأبيض الجميل قد إرتدته بسعادة عارمة، عينيها الخضراوين كحلتهما بالكُحل ليظهر جمال سحرهما، وتلك البسمة التي إرتسمت علي ثغرها الصغير منحتها بريقا خاصا وجذابا..
لفت حول نفسها عدة مرات أمام مرآتها، والفتيات يجتمعن حولها يتمازحن بمرح، تلك الليلة قد آتت بعد حُب ثلاث سنوات كاملة... ثلاث سنوات كاملة تحلم فقط وها قد تحقق الحُلم..
ولكن ماذا إذا تحول الحُلم إلي دمار؟ دمار شامل قضي علي فرحتها وقلبها الصغير معا!! ...
ليلة العمر أصبحت من أشد الليال إظلاما.. كيف حدث ذلك، كيف تجمدت مكانها وذهبت الضحكةو كُسرت الفرحة حين أقبلت عليها شقيقتها تهتف بذعرا واضحا من بين دموعها التي إنحدرت بغزارة فوق وجنتاها:
سيليا.. آآ.. أشرف مات! 
مات! .. من الذي مات؟ حبيبها.. زوجها!! هل هي أنصتت حقا لما قالت شقيقتها أم أنها تتوهم؟!!! 
بالتأكيد تتوهم لم يمت ولن يتركها.. هكذا قالت سيليا في وليجة نفسها..
حملقت بها بصدمة جلية، بينما أصبح وجهها يحاكي الأموات في شحوبه.. وبالكاد خرج صوتها ضعيفا متحشرجا:
ب بطلي ه هزار.. يا.. إيناس هو ده وقت تهزري فيه! 
إندفعت إيناس نحوها وعانقتها بقوة في محاولة منها لمواساة شقيقتها وقد هتفت بألم:
أشرف عمل حادثة علي الطريق يا سيليا..
تشنجت ملامحها بشدة وإرتجفت بعنف، ثم راحت تبتعد عنها هاتفة بهستيريه وعدم تصديق..:
إنتِ مجنونة يا إيناس مجنونة!! قولتلك ماتهزريش أشرف لا يمكن يموت فاهمة مش هيموووووت!!
أنهت كلامها وتعالي صراخها.. تصرخ من أعماق أعماقها فليقل أحد أنه لم يمت، فلينقذها أحد فلتضحك شقيقتها ثم تقول أنه مزاح!! ...
راحت تلطم علي وجهها بلا وعيٍ منها وأخذت العبرات مجراها فوق وجنتيها الملتهبتين ثم لم تري إلا ضباب أمام عينيها لتقع لا حول ولا قوة بعد إن أخذت الصفعة المفاجئة...  

إنتفضت في مكانها وقد عادت إلي واقعها الأليم حين هتفت شقيقتها إيناس وهي تتجه نحوها بمرح:
سوسو حبيبتي، بتعملي إيه لوحدك في البلكونة؟؟ 
أدارت الأخيرة وجهها للجهة الأخري وهي تمسح عبراتها الحارقة، في حين قالت إيناس بعتاب:
يا حبيبتي كفاية حزن بقي، نفسي أشوفك فرحانة ولو مرة واحدة يا سيليا..
ثبتت سيليا بصرها عليها وهي تقول بصوت حزين باكِ:
الفرحة ضاعت خلاص، اللي كان بيفرحني مات خلاص، مات يا إيناس! 
إيناس وقد ربتت علي كتفها في حنان ومحاولة منها للتهوين:
حبيبتي ده مرت سنة كاملة وإنتي دموعك مش بتنشف، ده قضاء وقدر ولازم نرضي باللي ربنا قسمه لينا الله يرحمه ويغفرله..
أومأت سيليا برأسها قائلة بحزن:
الله يرحمه ويرحمني..
إبتسمت إيناس ومدت يدها لتمحي دموع شقيقتها برفق وهي تقول بصوت خافت:
ربنا يسعدلي قلبك يا حبيبتي ويريح بالك..

سيليا.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن