#1 : الرَجُلُ الغَرِيبّ

2 0 0
                                    

20 ديسمبر 1986

    كَانتِ الساعةُ العاشرةً والنصف مَسَاءً
   وكَان الجوُ غائماً...

وكأَن هُمومٌ الأَرْضِ إِجْتَمعَت فيِ السَمَاء ِثٌمَ بَدأت بِالبٌكَاء...

حَتّى وإنْ لَم يُفَسِرِ العِلمٌ لِمَاذَا يُصبِحُ الإنْسَانُ سعيداً بِمُجَرَد رُؤيَتِهِ لِلمَطَر...لكِنّ الجَمِيعَ يَقُولُ أَنَ الغُيوم تَبكِي بَدَلاً عَنَا...

و ذَلِكَ الرَجُل...

الّذِي أَقبَلَ يَمشِي بِسُرعَة خَفِيفَة تَحتَ المَطَر حَامِلاً مِظَلَتِهِ بِيَدِهِ اليُمنَى

كَانَ يَمشِي قَاَصِداً مَكَاناً مُعَيَناً...كَانَ هُوَ الوَحِيدُ الّذِي يَمشِي فِي الطُرُقَاتْ. 

كَانَتْ إِحدَى عَيِنَيهِ مُغلَقَةٌ وأَمَا الأُخْرَى الحَمرَاءٌ يَنبَعِثُ مِنهَا بَصِيصٌ مِن الأَمَل ولَم يَلبَثْ حَتَى وَصَلَ إِلَى المَكَانِ المَعهُودْ...

كَانَ أَمَامُهُ بَوابَةٌ حَدِيدِيةٌ وَفَوقُهَا لَافِتَهٌ مَكتُوبٌ عَلَيهَا "مقبرة 101" اَمْسَكَ الرَجُلُ مِظَلَتَهُ بِيَدِهِ اليُسْرَى وَفَتَحَ البَوَّابَةً بِيَدِهِ اليُّمنَى وكَانَ صَوتُ صَرِيرِ البَوَّابَةِ يُسْمَعُ مَع صَوتِ المَطَر

مَشَى ومَشَى إِلَى أنْ وَقَفَ أَمَامَ قَبرٍ وَجَلَسَ القَرفَصَاءُ يَنظُرُ إِلى القَبْرِ المَعنِي اَخَذَ يَتَأمَلُ مَنظَرَ التُرَابِ وهُوَ يَتَحَوَلُ إِلى طِينٍ ثُمَ رَفَعَ رَأسَهُ قَلِيلاً لِيَرَى حَجَرَ القَبرِ مَكتُوبٌ عَلَيه [ اغوا دي باز 1931-1966 ]

ثُمَ إِنحَنَى وَاَخَذَ يَتَحَسَسِ الطِينَ بِيَدَيهِ وفِيِ عَينَيِهِ نَظْرَةُ فَرَاغْ

"لَيِسَ بَعْد"

قَاَلَ الرَجُلُ بَعْدَ تَنهِيدَةٍ طَويِلَةُ..

" مَرَّتْ عِشرُونَ سَنَة"

قالَ الرَجُل ...أَلقَى نَظْرَهَ إِلَى يَدِهِ المُلَطَخَةِ بِالوَحْلِ وَتَذَكَرَ مَشْهَداً مُشَابِهاً لَكِن كَانَتْ يَدَهُ آنَذَاكَ مُلَطَخَةً بِالدَم...

وَقَفَ الرَجُلُ وَرَاحَ يَمْشِي مُجَدَداً وكَأَنَهُ يَقْصِدُ مَكَانَاً آخَر تَوَجَهَ إِلَى قَبرٍ آخَر وكَانَ حَجَرُهُ مَكْتُوبٌ عَلَيهِ [ فوتيا هيلفيدي 1862 – 1867 ]

جَلَسَ أَمَامُهُ ومَسَحَ عَلَى الحَجَر ورَسَمَتْ عَلَى وَجْهِهِ اِبتِسَامَةُ شَفَقةً وقَالْ "رُوحِي تَرْقُدُ هُنَا" ووَقَفَ مَرَةً اُخْرَى وخَرَجَ مِن المَقْبَرةُ....

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 24, 2018 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

peace water || ماء الرحمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن