هذه قصة على لسان صاحبها وهو شاب في أواخر العشرينات ,، يقول: تعودت كل ليلة أن أمشي قليلاً ،، فأخرج لمدة نصف ساعة ثم أعود ،، وفي خط سيري يومياً كنت أشاهد طفلة لم تتعدى السابعة من العمر ،، كانت تلاحق فراشاً اجتمع حول إحدى أنوار الإضاءة المعلقة في سور أحد المنازل ،، لفت انتباهي شكلها وملابسها ،، فكانت تلبس فستاناً ممزقاً ولا تنتعل حذاءاً ،،!!
وكان شعرها طويلا وعيناها خضراوان ،، كانت في البداية لا تلاحظ مروري ،، ولكن مع مرور الأيام ،، أصبحت تنظر إلي ثم تبتسم ،، وفي أحد الأيام استوقفتها وسألتها عن اسمها فقالت أسماء ،، فسألتها أين منزلكم ،، فأشارت إلى غرفة خشبية بجانب سور أحد المنازل ،، وقالت هذا هو عالمنا ،، أعيش فيه مع أمي وأخي خالد ،، وسألتها عن أبيها ،، فقالت أبي كان يعمل سائقا في إحدى الشركات الكبيرة ،، وتوفي في حادث مروري ،،!!
ثم انطلقت تجري عندما شاهدت أخيها خالد يخرج راكضاً إلى الشارع ،، فمضيت في حال سبيلي ،، ويوماً بعد يوم ،، كنت كلما مررت استوقفها لأجاذبها أطراف الحديث ،، سألتها : ماذا تتمنين ،،؟؟ قالت كل صباح أخرج إلى نهاية الشارع ،، لأشاهد دخول الطالبات إلى المدرسة ،، أشاهدهم يدخلون إلى هذا العالم الصغير ،، من باب صغير ،، ويرتدون زياً موحداً ،،. ولا أعلم ماذا يفعلون خلف هذا السور ،، أمنيتي أن أصحو كل صباح ،، لألبس زيهم ،، وأذهب وأدخل من هذا الباب لأعيش معهم وأتعلم القراءة والكتابة ،،!!
لا أعلم ماذا جذبني في هذه الطفلة الصغيرة ،، قد يكون تماسكها رغم ظروفها الصعبة ،، وقد تكون عينيها ،، لا أعلم حتى الآن السبب ،، كنت كلما مررت في هذا الشارع ،، أحضر لها شيئا معي ،، حذاء ،، ملابس ،، ألعاب ،، أكل ،، وقالت لي في إحدى المرات ،، بأن خادمة تعمل في أحد البيوت القريبة منهم قد علمتها الحياكة والخياطة والتطريز ،، وطلبت مني أن أحضر لها قماشاً وأدوات خياطة ،، فأحضرت لها ما طلبت ،، وطلبت مني في أحد الأيام طلباً غريباً ،، قالت لي : أريدك أن تعلمني كيف أكتب كلمة " أحبك " ،، مباشرة جلست أنا وهي على الأرض ،، وبدأت أخط لها على الرمل كلمة " أحبك " ،، على ضوء عمود إنارة في الشارع ،، كانت تراقبني وتبتسم ،، وهكذا كل ليلة كنت أكتب لها كلمة " أحبك " ،، حتى أجادت كتابتها بشكل رائع ،،!!
وفي ليلة غاب قمرها ،، حضرت إليها ،، وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث ،، قالت لي أغمض عينيك ،، ولا أعلم لماذا أصرت على ذلك ،، فأغمضت عيني ،، وفوجئت بها تقبلني ثم تذهب راكضة ،، وتختفي داخل الغرفة الخشبية ،، وفي الغد حصل لي ظرف طارئ استوجب سفري خارج المدينة لأسبوعين متواصلين ،، لم أستطع أن أودعها ،، فرحلت وكنت أعلم أنها تنتظرني كل ليلة ،، وعند عودتي ،، لم اشتاق لشيء في مدينتي ،، أكثر من شوقي " لأسماء " ،، في تلك الليلة خرجت مسرعاً وقبل الموعد وصلت المكان وكان عمود الإنارة الذي نجلس تحته لا يضيء ،، كان الشارع هادئاً ،، أحسست بشي غريب ،، انتظرت كثيراً فلم تحضر ،، فعدت أدراجي ،، وهكذا لمدة خمسة أيام ،، كنت أحضر كل ليلة فلا أجدها ،،!!
أنت تقرأ
أسماء تستحق الحياة !
Romanceقصة حقيقية تروى عن فتاة فقيره وصغيرة تدعى ( أسماء ) متماسكة رغم ظروفها الصعبة