الاخرس || ١

4.7K 171 30
                                    

في مُنتَصفِ شهرِ ديسمبر القارص ..

ثُلوجٌ قد غطت حديقةَ ذلكَ البناءِ اﻷبيضِ ذو اﻷبوابِ و النوافذ  الزجاجيه ..

 

الرياحُ البارده قد جمدت مِياهَ النَّافورةِ التي توسطت تِلكَ الحديقة لتحولها لصقيع ، مع المقاعدِ الخشبيه المتوزعه بشكلٍ مُتناظِر حولَ النافورةِ الواسعه مغطاةٌ بطبقةٍ رقيقةٍ من الثّلج المُتطاير في الهواء.

 

أُذيعَ في اﻷرصادِ الجويه انهُ سيكونُ من الصّعبِ و السيءِ الخروجُ في هذا الجو المثلج في المساء ، حيث انهُ حقاً حين خروجكَ ستلفحُ الرياحُ الباردةُ وجهك ، تُعطِيكَ شُعوراً كما و ان احداً ما قد صفع وجنتك..

 

ذلك ليس بالمُهم ، فبالرغمِ من شدةِ برودةِ الجو المعروفةِ في ديسمبر ، هُناكَ حقاً اشخاصٌ يرغبونَ بالخروجِ في العراء حتى لو تَجمدوا برداً .. اقّلُها سَيشعرونَ بِبعضِ الحُريه .

 

بعيداً عن الأسوارِ الخانقه ، للمصحةِ النفسيه..

او كما يُقال لها 'مَركزُ إعادةِ التأهيل'

 

.

.

.

 

بصمتٍ و عَينين تائهتين يتأملُ من خلفِ زُجاج نافذةِ غُرفتِهِ الى تساقُطِ الثلج ، هو كان يعدُ المراتِ التي تصطدمُ بها بِلوراتُ الثلجِ على نافذته لتختفيَ و تتحولَ الى قطرةِ ندى .

 

ليس معتوهاً ليفعلَ ذلك ، بل كان فقط شيئاً يملئُ بهِ وقتهُ الفارغَ حبيسَ هذهِ الغرفةِ الواسعه -الشِبهُ مهجوره – لولا وجودُ بعضِ الأثاث  .

 

سرير، خزانةٌ صغيره و اخرى كبيره للملابس ، كُلها باللونِ اﻷبيض .. منظرٌ يبعثُ على القشعريره 

 

اغمضَ جَفنيهِ المُحاطتين بالهالاتِ السوداءِ المُتعبةِ ببطء ليستنشقَ قليلاً من الهواء المُعقم في غُرفته و يعاود زفره مجدداً. 

مد يدهُ الشاحبه المغطاةِ بالوُشوم نحوَ الخزانةِ الصغيره بجانبِ سريره ليفتح الدُرجَ اﻷول و يُخرج علبةً صغيره مستطيلةَ الشّكل و قربها اليه .

 

اخرجَ السيجارةَ بعد فتحهِ للعُلبه ليضعها في فمه و بيدهِ اﻷُخرى اوقدَ ناراً من قداحتهِ ليُشعِل ما بفمه .

َ

القى بالقداحةِ جانباً بعد ان اشعلها ليقوم بسحب الهواءِ من خلالها بينما يعود بصره نحو النافذه ليتداركَ ما فاتهُ من البلورات المُرتطمةِ التي تُحاول الهربَ من الرياح العاصفه 

الأخرس || SEBAEK ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن