"عفريت حديث التخرج"

20 0 0
                                    

اعتادت السيدة "منى" الاستيقاظ فجرًا خلال أيام العمل الرسمية؛ لتوقظ زوجها الكسلان "شعبان".
- "منى": "صباح الخير يا "شعبان"، حاول تفوق بقى لحد ما أعملك القهوة، حرام عليك مش هافضل رايحة جاية عشان تصحى"
يجيبها "شعبان" بصوته النائم: "ماتنسيش بسكويت "بيمبو" طيب"
تتوجه "منى" إلى المطبخ للانتهاء من تنظيف صحون الأمس، وإعداد وجبة الإفطار لزوجها.
وينهض "شعبان" متوجهًا إلى الحمام، وبعد ذلك توجه لارتداء ملابسه، ليقع اختياره على قميصه الحمصي، والذي اشترى منه 6 قطع من نفس اللون والخامة.
بعد مرور نصف ساعة... يذهب "شعبان" ليتناول إفطاره الأول؛ فقد اعتاد على تناول وجبته 3 مرات يوميًا، إحداهما في منزله.
وبعد آخر قضمة من بسكويت "بيمبو" اللذيذ، والتي يقوم "شعبان" بقياسها؛ لتنتهي مع آخر قطرة من قهوته... يلقي التحية على "منى"، ولكن بعدما تنحنح حتى لا يتسبب في ذعرها كعادته: "صباح الخير... اللانش بوكس بتاعي جاهز؟"
تجيبه "منى": "آه طبعًا ودي تفوتني!"
يتناول "شعبان" صندوق الطعام، ويردف: "آه صحيح اعملي حسابي في الغدا النهاردة، بس اسبقيني أنتِ عشان احتمال أتأخر".
...يخرج "شعبان" من المنزل، بعد تأكده من إحكام إغلاق الباب، وسماع صوت المفتاح، معلنًا أن الأمن بات مستتب، و"منى" الآن في أمان.
أما الروح الحبيسة -السيدة منى- اعتادت بعد خروج زوجها كل صباح، الاستماع إلى بعض أغاني المهرجانات التي تحبها، لخلق بيئة ساحرة خاصة بها، وذلك بعد ارتداء سماعات الرأس اللاسلكية رديئة الصنع.
وبينما كان الفنان "حمو بيكا" يشدو إحدى الروائع، شعرت "منى" بحركة مريبة في المنزل، فخفضت صوت الأغاني، وتلفتت يمينًا ويسارًا، لتجد كل شئ في مكانه.
فعادت لرفع مستوى الصوت مرة أخرى... وفجأة أتتها ضربة على كتفها الأيسر، لترتعد أطرافها المتهدلة، وتصدر المسكينة صوتًا أشبه بقطة تسقط من الطابق الأخير: "عااااا"، ثم تلتفت لتجد زوجها "شعبان" واقفًا أمامها مبتسمًا بعينيه الضيقتين اللاتي يشبهن عيني "أبو هشيمة".
اقتربت "منى" منه أكثر لتتفحص ملابسه، ليتحول وجهها بعد ذلك إلى علامة تعجب كبيرة بدون نقطة أسفلها، وتتسائل: "أنت كنت نازل بقميص حمصي يا "شعبان"، وبعدين أنت عمرك ما اشتريت بدلة، جيبت اللبس دا منين؟!!"
ولكن يظل ذلك "الأبو هشيمة" صامتًا مبتسمًا.
فتصرخ "منى" فجأة بصوت القطة خاصتها: "عااااا"، لأ أنا كدا فهمت أنت عفريت صح؟"
ليجيبها أخيرًا الصامت المبتسم: "يا ست أنتِ حرام عليكِ، هو أنا لو عفريت فعلًا هاقولك آه؟!، ما أكيد هانكر!!"
تنوح "منى": "يالهوي، اومال أنت إيه؟!... طيب بص أنا هسألك سؤال، ولو أنت "شعبان" جوزي هاتعرف الإجابة... أنا مييين؟"
يتأفف الصامت المبتسم: "يا ست الله يرضى عليكي، ما أنا لو عفريت هاعرف أي حاجة يعني، غير إن سؤالك دا أقل من مقامي".
تبكي المسكينة وتنوح: "اومال انت مين؟... قول وحياة الغاليين".
ينطق المبتسم مستسلمًا لنواح "منى": "ايوا يا ستي أنا فعلًا مش "شعبان"، أنا العفريت شخصيًا، وأنت شكلك ست رغاية ومستفزة، وأنا راجل مستعجل، وعندي تارجت لازم يخلص النهاردة، ونايم متأخر وصاحي متعكنن، وجيت العالم بتاعك عشان أقفل الشهر ممكن تنجزي؟؟"
تصرخ "منى": "يالهوااااااي... يعني أعمل إيه طيب؟!!"
يجيبها العفريت: "قومي اعمليلي بطاطس محمرة، وكوباية شاي بلبن بس عشان أفوق وأخلص شغلي وأمشي من هنا"
"منى" بعد محاولاتها لتقبل الأمر: "حاضر يا عفريت"
....وأثناء تحضيرها الطعام، قام العفريت بحيلة ذكية لإتمام مهمته؛ فقص عليها قصته المملة؛ حيث أن اسمه "عفر"، وهو عفريت حديث التخرج، وليس لديه خبرات سابقة، واضطر للاتحاق بوظيفة "عامل عشوائي"؛ ليتمكن من سداد أقساط شقته بحي "عين العفريت المتميز"، ثم يتزوج "عفرورة" حبيبته منذ الطفولة، وحلم حياته الأبدية... قائلًا في النهاية: "بس يا ست "منى"، واهو من ساعة تعويم "العفر-كوين" واحنا حالنا يصعب على بعض، وأبو "عفرورة" حالف لو أقساط الشقة ماخلصتش هايفسخ الخطوبة، ويجوزها للواد "عفران" ابن الجيران، أصله واد صايع ومفتح وبتلات عيون، وواخد أبوها تحت باطه من زمان، واحنا مش عندنا طلاق، ولا بنموت، وحياتنا أبدية زي "الفامبيرز"، وأنا مش هاقدر أعيش من غير "عفرورة"".
تتعاطف السيدة "منى" معه، وتقول في محاولة منها لمواساته: "والنبي صعبت عليا يا "عفر"، طيب التارجت اللي بتقول عليه دا بيتعمل ازاي؟"
تلعثم "عفر"؛ فهو لا يستطيع إجابتها بصراحة، نظرًا لأنه يعمل "حاصد أرواح بشرية"!!
فيختلق إجابة: "بصي يا ست "منى"، شغلانتنا إننا بنختار عينة عشوائية من البشر، تمام؟"
فتتسائل "منى": "آه وبعدين؟ كمل يا أخويا"
فيجيب "عفر": "يعني زي ما تم اختيارك كدا"
..."منى" في قلة صبر، وعدم فهم: "أيوا اختارتوني ليه يعني؟!"
حك "عفر" ذقنه، محاولًا حبك كذبة سهلة الاستيعاب... ثم قال: "بنختار ست بتعرف تطبخ كويس، وننزل نفطر عندها، ولو أكلها حلو زيك كدا، بننجح ويقبضونا"
..."منى" يبدو الارتياح على وجهها: "آااااه... بس كدا!!... طيب تحب تاكل حاجة تاني؟"
يشكرها "عفر"، ويستطرد حيلته، حتى ينهي مهمته: "بصراحة يا ست "منى"، بما إن أكلك طلع حلو أوي، أنا هاقدملك خدمة، وهاقولك معلومة بس تفضل سر"
قبلت "منى" الخدمة... فأردف "عفر" في خبث: "جوزك مش في الشغل للأسف، احنا مراقبينه من فترة، واكتشفنا إنه لم الدهب والفلوس من الشقة الشهر اللي فات، واتجوز بيهم، وهو دلوق...."
لتسقط "منى"، ويتوقف قلبها عن العمل نهائيًا، ويتمم "عفر" مهمته بنجاح، ويتزوج "عفرورته".

"عفريت حديث التخرج"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن