وقفت تطالع المنظر أمامها والدموع متحجرة في عينيها تأبى الهبوط، ف هناك حبيب طفولتها ومراهقتها وأيضا مستقبلها!
يقف بجانب عروسه "دمية الباربي الشقراء" ذات مستحضرات التجميل الصارخة.
اليوم هو يوم وفاة قلبها، اليوم حفل خطبة حبيبها وابن عمها "آدم" الأقرب لها من روحها….
"آدم" ابن عمها الأصغر منها بـ ثلاث سنوات، عندما كانت في فترة مراهقتها اُعجبت كثيرًا بـ شخصيتهُ الفريدة من نوعها.. كان له تفكير يكبرهُ بـ أعوام، كان ذكي للغاية،
احبّت شخصيته المرحة معها ومع كل العائلة، احبّت دفاعه عنها، احبتهُ كـ بطل لها يحميها، احبّت شخصيته الجادة في المواقف التي تتطلب ذلك، احبّت حضوره والذي كان يُربكها، حضورهُ الذي كان يخطف دقة من دقات قلبها، احبّت التحدث معه، ولكنها لم تكن تفهم لمَ كُل ذلكَ الا عندما رحل...
نعم، رحل.. سافر إلى "الولايات المتحدة الأمريكية" مع والده ووالدته.. سافر عندما كان في "الصف الأول الثانوي" سافر ولم يودعها، ولم تفهم وقتها لمَ لم يودعها هو، وقتها أغلقت غرفتها عليها، وأخذت شهقاتها ترتفع رويدًا رويدًا فـ "بطلها ذو الغمازات" تركها دون أن يودعها، وتركها لـ حياة ليس موجود بها.. كانت كثيرًا ما تهاتفه رغم فرق التوقيت بين الدولتين ولكنه لم يكن يرد عليها الا نادرًا.. لم تفقد الأمل وألحّت بـ اتصالاتها ولكنه لم يرد بعدما كان يرد نادرًا، فقدت الأمل وظلّت فترة تُفكر فيه ولكنها قررت أن تتناساه ولكنه لم يبرح فكرها لحظة..
مرّت الأعوام.. وأنهى هو دراسته الثانوية والتحق بـ "كلية إدراة الأعمال" وبعدها تخرّج واصبح عمره "ستة وعشرون" عامًا وعمل في فرع شركاتهم هناك لـ فترة.. وعندما توّفت والدته.. عاد هو ووالده إلى وطنهم..
اما عنها هي فـ أنهت "الثانوية العامة" بعدها التحقّت بـ "كلية الصيدلة" حلمها منذ الصِغر، وبعدها تخرجت واصبح عُمرها "تسعة وعشرون" عامًا.. ظلّت طوال سنوات الجامعة ترفض كل من يتقدم لها؛ لأنها بـ بساطة لم تستطع نسيان "آدم" ولو دقيقة واحدة…..
وذات يوم، عندما كانت في الخارج هي وصديقاتها، ذهبت إلى قصر العائلة الذي تعيش فيه مع شقيقتها الكبرى وجدها وجدتها بعدما توفيا والديها منذ أن كانت في العاشرة من عمرها..
دخلت القصر وسمعت صوت زغاريد يأتي من غُرفة الإستقبال وقد كانت عمتها فـ هي فعلت المثل عندما ظهرت" نتيجة الثانوية العامة" لها،
دخلت الغرفة وهالها ما رأت..
فقد كان عمها "رحيم" والد "آدم".. الذي تعرفت عليه على الفوّر لأنه لم يتغير كثيرًا، فقط غزا الشيب شعره ولحيته، ولكن زوجته ليست موجودة، و.. معهُ شاب، نعم.. شاب يفوقها كثيرًا في طول القامة، عريض المنكبين ذو جسد رياضي، شعر حريري اسود كثيف، و.. عينان رمادية.. تلك العينان التي سحرتها سابقًا ولا تستطيع أن تتنساها..
فكرت و.. نعم.. انه هو، هنا بـ الفعل "آدم" حبيبها عاد اخيرًا...
وقتها ركضت إلى أحضان عمها، ظلّت تثرثر بـ اشتياق له، وبكت بـ حرقة لـ أجل ما عانته من اشتياق لـ "وَلَدهُ"،
بعدها وقفت أمام "آدم" مصوّبة بندقيتيها عليه بـ عتابٍ واشتياق، ولكنه قابل ذلك بـ جفافٍ، حاولت قدر الإمكان تغاضيه.. حتى لا يُعكر صفو تلك اللحظة... لحظة عودته..
بعدها.. عندما سألت عمها عن زوجته، عرفت بـ انها توفت وهم في "الولايات المتحدة الأمريكية "وذلك هو سبب عودتهما في الأساس..
ثم بعد عدة أيام قليلة تفاجأت به وهو يُخبر" جدهما" بـ أنه قرر أن يخطب.. انهارت كليًا بالفعل وسقطت فاقدة لـ الوعي بعد ذلك الخبر، الذي أطاح بـ قلبها ودمّرهُ...
ولكن هاهي الآن موجودة في حفل خطبته ووفاة حُبٍ لم يكتمل...
بعد الآن لن يكون حبيبها ولن يكون "بطلها ذو الغمازات" ،
وإلى هنا وكفى لن تحلم أكثر سوف تعمل على أن تتخلص من كل ما هو متعلق به هدايا أعياد ميلادها التي كان يُهديها اياها، حتى ذكرياته ستمحوها كلها وهذا قرارها ولكن ان استطاعت!!!...
فهي لا تستطيع أن تتخلى عنه في تفكيرها كـ المرة السابقة،
إذا محت ذكرياته سيظل قلبها الغبي يدق بعنف كلما رأته أو تحدث معها،
تساءلت بين نفسها:
"هل كان يعرف خطيبته منذ فترة؟ هل كان يواعدها منذ أن كان بـ " امريكا"؟ هل كان يتغزل بها؟" كل تلك علامات استفهام كانت تدور بـ رأسها حتى كادت أن تنفجر..
انهارت مقاومتها ونزلت دموعها وتمردت عليها..
أفاقت من شرودها على صوت شقيقتها الكُبري وهي تقول بأسى:-كفايه بقي يا شمس هو لو كان بيحبك أو حاسس ناحيتك بأي شعور غير الأخوة مكانش خطب، انسيه بقي وكفاية اكتئاب
طالعتها بعينيها التي اغرورقت بدموعها وحدثتها قائلة بسخرية :
-حاضر هنساه وهمحيه من حياتي خالص يا مها م اصل هو زرار ف قلبي هدوس عليه هيمحيه
ومع نهاية جُملتها كانت تمسح دموعها التي بللت وجنتيها،
ثم انصرفت أمام أعين "مها" المُشفقة عليها.***
اقتربت من العروسين وقالت موجهة كلامها لـ "آدم" الذي طالعها بنظرات الجمود المعتادة المُطلة من عينيه الرمادية التي وقعت في عشقها والتي مازالت تُربِك حالتها:
-مبروك يا ابن عمي
من ثم وجهت انظارها إلَى عروسه "دمية الباربي الشقراء" اللقب الذي لقبتها به فوّر ان رأتها فيه،
قالت "شمس" وهي تمد يدها لها لتسلم عليها:-congratulations يا شاهيناز
ردت عليها بدلال وهي تميل على "آدم" بطريقة مقززة أشعلت نيران الغيرة في "شمس":
-عقبالك بقى، م هو مش معقول انتي اكبر من آدم وهو يخطب قبلك
نكست "شمس" نظراتها قليلًا اثر حديث "عروسه المُبجلة" بـ انها أكبر من "آدم" في العُمر، بعدها رفعت بصرها إليه بـ نظرات مليئة بالتحدي وابتسامة لم تصل لـ عينيها واردفت:
-قريب اوي اوي
اندهش "آدم" كثيرًا مما قالته، في نظر لعينيها مطولًا لـ سبر اغوارها،
ولكنها انصرفت موّدعة اياهما..
تاركة "آدم" يحترق بنيران الغيرة في قلبه، بـ احتمال انها يُمكن أن تكون لـ أحد غيره بـ يومٍ من الايام….
اما عنها، فـ تحركت من أمامهما فهي لن تستطع الصمود أكثر من ذلك، وبالفعل ما إن تحركت حتى تجمعت الدموع في مقلتيها.. خطّت خطوة.. الثانية.. الثالثة.. وفي الخطوة الرابعه انهارت مقاومتها وترنحت في مشيّتها وسقطت فاقده للوعي ولكن الأرض لم تلمس جسدها حيث تلقفها ذراعين لـ شخصٍ ولكنه بالتأكيد ليس "آدم".....
أنت تقرأ
"أنتَ كُل ما اُريد"
Romanceاحبتهُ منذ الصِغر، كان بطلها "ذو الغمازات".. ولكنه تمرّد على ذلك.. وتركها ورحل.. فـ هل عندما يعود، سـ تكون مازالت تحبهُ؟ وهل سـ يتجاوب مع ذلك الحُب أم سـ يُؤسس له حيااه بعيدًا عنها!!....