لا السيف يفعلُ بي ما أنتِ فاعله.. ولا لقاءُ عدوَّي مثلَ لُقياك.
لو باتَ سهمٌ من الأعداءِ في كَبدي .. ما نالَ مِنَّيَ ما نالتْهُ عيناك.
**** المتنبي****ليتها لم تشرق شمس الصباح التي كشفت حقيقتي لك!
كان هذا لسان حالها ما ان استفاقت من سُكرة نومٍ طويل، نوم برائحته الخاصّة، تلك التي لا تستطيع استخلاصها في زُجاجة عطر ورشّها على وسادتها ما ان تشتاقه.
بعين مُغلقة وأُخرى مفتوحة بنعاس راقبته، يستلقي بجانبها، كفّاهُ اسفل رأسه، عيناهُ مُعلقّة بسقف الغُرفة بتركيز شديد، رُبما يُفكر بنهال.يعلم انها تراقبه منذُ ان فتحت عيناها، يخشى مواجهتها اكثر من خوفها من هذه المحادثة لأنه قد يتحوّل الى شخص آخر اثناء استجوابه لها؛ شخص لن تُحبّ التعرُّف عليه، سيُعاملها كطارق مُحقِق الشُرطة وقطعًا لن يسير الأمر على ما يُرام.
- منذُ متى وانتِ تتناولين هذه العقاقير؟ هل قابلتي طبيب نفسي؟
التقت اعيُنهما وابتسمت عيناها بوداعة، بحُب، بحجم الخوف الساكن بقلبها واجابت:
- هل تهتم؟ لماذا ستفعل؟! انا بيداء ولست نهال.- لا تستفزّي هدوئي يا بيداء؛ لأنّكِ لا تعرفينني عندما اغضب.
جثم وجههُ امامها مُباشرةً، قريب لنبضاتها الشقيّة بعيد عن عقلها الصلد، هادئ ظاهريًّا ولكن عروقه تنتفِض ناثِرةً الدِماء الى رأسه بشدّة، مُنفِعلٌ لأوّل مرّة وبسببها هي.
- انا بالفعل لا اعرفك! وانتَ كذلك لا تفعل، لا تشغِل نفسك كثيرًا، نحنُ خطّان مُتزاويان، وجهان لذات العُملة، ليل ونهار، بدر وشمس، عين وصحراء، غيم ورمل، لن نلتقي يوما.
- بيداء!صوته المُختنِق دفع بدموع قلبها الى عينيها، احرقت غضبه ببساطة والقت حيرةً عظيمة بداخله، كيف يستطيع التحدُث اليها دون ان تذرِف تلك الدموع الغبيّة؟
- من الأفضل ان نبتعد لبعض الوقت، على الأقل سأستطيع اتخاذ قرار بشأن علاقتنا.
قالتها بيأس عندما تأكدت من انهُ لن يشعُر بها يومًا، حتى ان دموعها لا تؤثر عليه؛ طالما تمنّت فارسًا على حِصانٍ ابيض يخطفها بعيدًا وينظُر اليها كمُعجزة سقطت من السماء اليه، فارسًا يُحرّم الدموع على وجهها ويعِقدُ مع السعادة صكًّا بالبقاء على شفتيها ولكن طارق هو النقيض لكُلّ تلك الأماني والمُثير للشفقة انها احبّته بكُل تلك العيوب.نهضت وتسلّحت بالقليل من القوّة للإبتعاد ولكنها تفاجأت بأن اغلق الباب عليهما وهتف بقسوة:
- لن تخرُجي لأيّ مكان ما لم اعرف كُلّ شيء، وليكُن بعلمكِ، لا عمل بعد اليوم وأُقسِمُ ان احبِسكِ حتّى عن سراج، ولنرى الى متى ستتحمّلي الأمر.
جلس على الاريكة وقدماهُ تهتزّ بانفعال، يُراقب عيناها المُتسعة الضائعة كيف تُكوّن الدمع، يلتمع بشدّة، يملأ العين الى ان يثقُل عليها حملهُ فيسيل على مجرى الوجنتين فأخدود الشفاه وينحدِرُ عن سقف الذقن الى الأرض، فقط دموع دون صوت او ايّ تعبير، فقط طرفة عين بين الدمعة والأخرى، اغمض عيناهُ بشدّة وكُلّ لحظة تخنقهُ اكثر؛ اذا اراد معرفة ما تعاني منه سيعرف بطريقته كُلّ شيء ولكنه يريدها هي ان تحكي له، ان تثِق بأنهُ سيكون بجانبها ليتخطيا هذه المِحنة.
أنت تقرأ
بيداء
ChickLitفي احد الاحياء المليئة بالقهر والجوع خرجت بأحلامها الوردية للعالم الكبير ولكن هل يا ترى ستصمد ام انها ستنجرف مع التيار؟!