قيلَ عَن الغِيرة :
_ حينها لم أكُن أعلم أكان القلبُ يدقُّ، أم يضرب رأسَهُ في حائِط صدري.*** مقتبس***
تصافح الرجُلان وقبضة طارق تقسوا على وليد بخشونةٍ لا يتصنعها؛ فمظهره وحدهُ يدُلّ على القوّة، طويل وضخم الجُثّة، عيناهُ حادّة وملامحهُ تُثير الريبة، بينما وليد رجُل انيق المظهر مُرتّب وراقي إضافة الى ابتسامته الوديعة التي لا تفارق شفتيه.
لم يحاول مُصافحة بيداء لأن نظرات زوجها واضحة ويدها الصغيرةُ مُختبئةً بيده، اشار لهُما بالجلوس وحاول تلطيف الأجواء بسؤال بيداء عن دراستها وما عملتهُ قبل مجيئها لشركتهم، كانت تُجيبهُ باختصار فإلى الآن لا تُصدّق ان مُدير الشركة هو وليد، وانّها الآن تجلسُ معهُ لمُناقشة عمل طارئ، كم صغيرةٌ هذه الحياة! التقت عيناها مع الجالس امامها وملامحهُ جامدة لا توحي بما يدور بداخله من غيظ، كاد لأكثر من مرّة ان يقاطع حوارهم الذي لا يخدم ايّ عمل ولكنه يتراجع بآخر لحظة، اخرج لفافة التبغ وشرع بالتدخين تحت نظراتها المُحرجة.
برر وليد دعوته لها بهذا الوقت لمناقشتها حول سير احد المشاريع التي استلمت العمل عليها، مرّ اللقاءُ بذبذباته الخفيّة مُسريًا بداخل ثلاثتهم مشاعرًا مختلفة ولكنها عنيفة للغاية، فها هو وليد يجلِسُ على مكتبه بخُذلان! يبدوا انهُ خسِر معركته قبل البداية.
لن يُنكِر انّهُ رغِب بشدّة في رؤيتها بالرغم من معرفته بأنها مُتزوّجة ولكن احترامه لذاته يمنعهُ بالتمادي بأي شيء آخر، لقد ظنّ انّها ستكون تعيسة بحياتها، سيُنقِذها من زواجها الفاشل ويتزوجها ولكنها لم تكُن كذلك؛ يبدوا انها تُحبّ زوجها، وسيظلُّ هو مُجرّد تجرُبة قديمة لم تنل النجاح، تجرُبة ساهمت والدتهُ في فشلها، سنوات لم يستطع مُسامحة والدته على ما فعلتهُ بحقّه، حاول العودة عندما اخبرته والدته بحوارها مع بيداء اراد ان يعتذر منها ويُخبرها انّهُ يريدها حتى وإن رفض الجميع الّا ان الأوان قد فات، فقد كانت وقتها عروس لرجُل آخر.
في طريق العودة كانت لكمات عنيفة تطرُقُ قلب طارق؛ فرؤيتها اليوم برفقة هذا المدير لم ترُقُه ابدًا، خاصّة وانّ وليد يبدوا من نوع الرجال الذي لا يفضله، اولئك الذين يمتلِكون رقّة وليونة في التعامُل مع النساء.
- لم يبدوا انّهُ كان مُجرد استاذ يا بيداء، هل كان اكثر من مجرد استاذ؟
تسائل عند وقوفهم على اشارة مرور لتُجيبهُ بعفويّة:
- طلب يدي وكُنا سنتزوج.انتظر ان تضحك لتؤكد انها مُجرد مزحة ولكنها لم تفعل، كانت شاردة في هذا اللقاء الغريب وما قد يترتب عليه من نتائج، تدعوا ان لا يعيدها وجود وليد لنُقطة الصِفر من جديد، لا تريد ان تتذكره هو او والدته.
- ولماذا لم تتزوّجا؟
- حمدًا لله اننا لم نتزوّج.
القت بكلماتها بارتياح ليُبادلها ابتسامةً صفراء مُهتزّة مُبطّنة بالغضب، كيف لها ان تُخبرهُ بهذه البساطة انّ مُديرها بالعمل رغب بالزواج منها ايّ انّها تُعجبه! وبالمقارنة مع مرور الزمن سيزداد الاعجاب بالتأكيد، بذات الوقت لم يكُن ليغفر لها إن كذبت عليه.
أنت تقرأ
بيداء
ChickLitفي احد الاحياء المليئة بالقهر والجوع خرجت بأحلامها الوردية للعالم الكبير ولكن هل يا ترى ستصمد ام انها ستنجرف مع التيار؟!