بقلم :نهال عبد الواحد
كانت وفاة نادية فاجعة بكل المقاييس فقد فُقدت الزوجة وأشد منه فُقدت الأم، صار نور حزينًا كئيبًا يُرى في عينيه شجن اليُتم وفي كلامه القليل أيضًا مرارته؛ فكما نعلم أن اليُتم يُتم الأم.
أما رجاء فقد فقدت صديقة عمرها أختها وجارتها منذ زمنٍ، فقدت الأيام الحلوة وروح المشاركة الدائمة.
أما نيرة فقد خسرت أُمًّا لها فنادية كانت تحبها وتدللها لافتقادها ابنة لها فكان حزنها كبيرًا عليها ورأت في هذه الوفاة انقلابًا في كل شيء.
فلقد انقطعت العلاقات بين الأسرتين فلا يمكن حسب الدين، العرف والتقاليد استمرار العلاقات في عدم وجود امرأة بالبيت وإن كانت أم إبراهيم قد جاءت للعيش مع ابنها وحفيدها للاهتمام بشئونهما لكن لم تعد العلاقات بنفس العمق كما كانت.
ورغم هذه الفجوة الرهيبة شعرت نيرة أن هذا ليس كل شيء وأن الأسوأ قادم.
كان نور ونيرة في نهاية الصف الثالث الإعدادي وكانت مدرستها تقابل مدرسته في نفس الشارع فكانا يتقابلان عند باب المدرسة ويتبادلان الحلوى.
كان هناك تغييرًا في طبيعة المعاملة، فسابقًا كانا مقيمين معًا طوال الوقت، كان في السابق التعامل ببساطة وتلقائية بينما الآن فقد شعرا بشيءٍ غريب كأن الجميع متابعًا لهما وكأنهما يسرقان!
صارت نيرة تشتاق إليه وشعرت بفراغٍ كبير في حياتها وفجأة وبدون مقدمات تأكدت أنها تحبه! صارت تعد الساعات حتى تراه وعندما تراه تصبح مختلفة تمامًا، تصبح أكثر ارتباكًا، فأحيانًا من ربكتها هذه لا تستطيع الحديث بجملٍ مفيدة أو حتى النظر إليه.
كان نور كلما قابل نيرة شعر باختلافٍ في معاملاتها وتعبيراتها لكنه لم يفهم ماذا بها! فلم يصل له شعورها، فقط متغيرة! ليست نيرة التي عهدها! هناك شيء ما طرأ عليها!
وانتهى اثنانتهما من المرحلة الإعدادية ثم عزم إبراهيم والد نور على الزواج من أخرى كغيره من سائر الرجال عندما تتوفى زوجاتهم.
لكن تلك الزوجة الجديدة لها ابنة وسيحتاج للانتقال للعيش في بيتٍ أكبر حتى يصير لكلٍ من ابنيهما حجرة فهما ليسا أخوين وغادر إبراهيم ونور وتركا تلك الشقة وانتقلا إلى مكانٍ آخر.
كان ذلك الخبر كالصاعقة على نيرة زوجة جديدة ثم ترك البيت وماذا عن تلك الابنة الأخرى؟ مرت أيام وشهور ولا زالت لا تستوعب هذه الصدمة! لقد فارقها تمامًا وانقطعت الأخبار لم تعد تراه، تمازحه، تلعب معه أو حتى تتشاجر، فراغ كبير ووجع أليم يخترق قلبها الصغير ولا تعرف كيف تبوح ولا مع من تتحدث! لكن صار بديهيًّا لها أنها تحبه وتعشقه ومتعبةً للغاية من ذلك البعد والهجر.
لم يكن ذلك الانتقال سهلًا على نور أيضًا فقد شعر أنه فقد كل شئ من عشية وضحاها، أمه وحياته كلها! هناك فراغ كبير وافتقاد موحش يعتصر قلبه حتى وإن كان لم يشعر بعد بنيرة أو بمعنى أدق لم يدرك حقيقة إحساسه بها فهو لم يجد تفسير لما يشعر به الآن سوى الحزن والافتقاد، لكن ما الفائدة؟ إنه القدر.
أنت تقرأ
(جاري) By: NoonaAbdElWahed
Short Storyابن الجيران وابنة الجيران ببساطة قصة حب لا تنتهي... January 2019