(3)

3.5K 147 37
                                    

بقلم :نهال عبد الواحد

مر عام بعد عام لهما في الجامعة يتشاركان في الدراسة، يذهبان إلى المكتبة معًا لمذاكرة دروسهما أو لإعداد الأبحاث، ومعًا أيضًا في العمل فقد ذهبت نيرة معه للعمل في مركز فصول التقوية وقد زادت خبرتها كثيرًا من ذلك العمل.

وقد اكتشف نور أخيرًا حقيقة إحساسه نحوها بل وحقيقة إحساسها أيضًا ويعود بذاكرته للخلف فيذكر قديمًا عندما كان يلعب كرة القدم في الشارع ويرفع بعينيه لأعلى فيجدها تشاهده بنظرة لم يكن يفهمها وقتها!

تذكر عندما كانت تأتيه تتصنع عدم الفهم وهو يزداد غضبًا من بطء فهمها وغباءها الشديد كما كان يصفها آنذاك، تذكر تلك النظرة أيضًا التي لم يفهمها.

عندما لعبا الورق أو الشطرنج ويرفع عينيه ليحدثها فيجدها ناظرة له دون أن تلعب فيعنّفها ويشاجرها دون أن يفهم.

لكنه قد فهم وترجم أخيرًا كل تلك المواقف والنظرات، إنها الحب الأول، حب الطفولة أكثر من تفهمه، تشعر به والأقرب له من أي مخلوق، لقد فهم أخيرًا سر ذلك الافتقاد الذي عاناه في سنوات البعد والفراق السابقة دون أن يعرف أنه كان يفتقدها هي.

إن نيرة لم تكن ابنة الجيران وحب الطفولة فحسب بل هي من اشتم فيها رائحة أمه ورآها فيها رغم عدم التشابه في الملامح.

ورغم كل تلك المشاعر المتأججة لم يبوح أيهما بحقيقة شعوره للآخر بل اكتفيا بنظراتٍ متبادلة! نظرات شوق، حب ولهفة تخرج من القلب وتصل للقلب تحكي الكثير والكثير عن وجع القلب ولوعة الحب ولهيب النبض.

وذات يوم بينما كانت تسير نيرة فتعثرت في شيءٍ ما كادت أن تسقط فلحقها أحد زملائها الشباب وأسندها وقد رأى نور ذلك فاشتعلت نار الغيرة ودت لو تحرق كل من يتجرأ وينظر لها لكن ذلك تجرأ وأسندها فانطلق كالإعصار لكن لم يلحقه، كانت نيرة قد شكرته وابتعدت عنه فلم يشعر إلا وهو قابضًا على ساعدها بقوة جاذبها نحوه وسار بها وهي تسرع خطاها مواكبةً خطواته محاولة جذب ساعدها حيث آلمتها تلك القبضة حتى توقفا.

فصاحت فيه: ماذا دهاك؟! لقد آلمتني.

فسألها بغضبٍ حارق: كيف لهذا الوغد أن يتجرأ ويسندك؟!

- إن الأمر ليس كما يبدو، لقد تعثّرتُ وهو قد لحقني قبل أن أسقط أرضًا.

- بل اسقطي أرضًا ولا تدعي أحدًا يلمسك!

- ما هذه اللهجة الغريبة؟! كيف تتحدث معي هكذا؟ وبأي حق تجذبني هكذا؟!

- كأنكِ لا تعلمين بأي حقٍ أفعل هذا!

فوضعت يديها على خصرها باعتراض وصاحت: فلتخبرني إذن.

فسكت قليلًا ثم قال بتردد: بحق صحبة طفولتنا.

فجزت على أسنانها بقوة ونبست: هذا ليس بحق!

- إذن حق زمالتنا.

(جاري)  By: NoonaAbdElWahed حيث تعيش القصص. اكتشف الآن