~ الفصل السادس ~

4.5K 76 1
                                    

الفصل السادس:
6_لدى زيارة خالة جوليان أكتشفت كيم وجود سر رهيب يختبىء في غموض علاقة الخالة بزوجها .... لكن جوليان لم يتكلم وهي لم تسأل .... والآن تظهر في الصورة أمرأة أخرى!
بدأت رحلتهما من مقرهما في كادر أدريس متجهين جنوبا نحو وادي غانليود ومن هنا أنحدرا الى وادي فستينيوغ مارين بجميع القرى الجميلة في ريد ولانفروثن عابرين بمستنقعات مصب النهر ومنه دخلا ممر نهر غلاسلين الأعلى.
أثناء الأميال الأولى من رحلتهما لم ينبس أيهما بكلمة وكلما حاول جوليان الدخول في حديث كانت أجوبة كيم مقتضبة مما جعله ييأس فأطبق فمه وأهتم بقيادة السيارة , وكانت كيم هي التي قطعت حبل الصمت بالرغم من عزمها على كبت كل رغبة في الحديث وذلك بعد أن دخلا الممر :
" أوه... ما أجمله منظرا!".
" وهذا من أجمل الممرات الجبلية في ويلز ".
قال جوليان ممهلا في قيادته كي يتيح لها التمتع بالمناظر , كانت السيارة الآن تسير فوق منحدرات مخيفة بمحاذاة السيل الجارف , قال جوليان:
" سنعبر الآن قلب سنودونيا حيث المشهد أخاذ".
وصلا قرية بدغليرت في قلب الجبال بين ملتقى نهري كونواي وغلاسين , على يسارهما أرتفع جبل مويل هيوغ وأمامهما منظرقمة جبل سنودون الشامخ المتوج بالثلج , وقادهما الطريق داخل وادي نانت غويانت الصقيعي ودار بهما حول بحيرتي ديناس وغوبانت الخلابتين , ورأيا الى يسارهما أنحدارا عاموديا شديدا وما وراء ذلك رؤوس الجبال الشامخةالتي تناطح السحاب , دخلا واديا صقيعيا آخر , ممر لانبريس الجميل , وبعد أن قطعا أفون نانت وصلا بحيرتي بريس وبادارن الحدوديتين.
أنهما يعبران الآن مضيق مناي وعندما أصبحا على أرض جزيرة أنغلزي ذكرها جوليان بالدور الذي ستلعبه ونظر اليها ليرى رد فعل تنبيهه لكنها لم تحر جوابا.
" ستلعبينه أليس كذلك؟ ".
كان في صوته شيء من التهديد وشيء من القلق.
" سألعب ماذا؟".
سألته شاردة الذهن وهي تنظر الى قصر بوماريس الذي يحمل أسم القرية التي هو فيها , صرف جوليان أسنانه غيظا وقال مهددا بعد أن أوقف السيارة على جانب من الشارع:
" أنني أحذرك من خذلي".
أدارت نظرها اليه ولكنها ظلت صامتة , كرر تحذيره وتابع القيادة ولاحظت على وجهه شديد قلقه .... لا بأس , هذا درس له , أصبحت بوماريس وراءهما وسارا على درب شبه مقفر هي الأميال الأربعة الأخيرة الى بنمون.
كان الطريق المؤدي الى الكوخ جبليا شبه عمودي , ضيقا ووعرا , وسحرت بمنظر الكوخ ذي السقف الهرمي عندما توقف أمامه قائلا:
" قديم جدا وصغير...".
فتح جوليان باب الكوخ ودخلا الى غرفة , ظلت كيم واقفة بالقرب من الباب ورأت أمرأة ضئيلة الجسم جالسة على كرسي , كان وجهها هزيلا شاحبا مليئا بالتجاعيد , أحتفظت المرأة بساقممدودة على مقعد منخفض وبذراع مرتخ على ركبتيها.
" جوليان ".
أنتعشت المرأة لدى رؤيته .
" لقد وصلت أسرع مما توقعت لأنك قلت لي ستكون هنا بعد الظهر".
حاولت الأعتدال في جلستها وحولت نظرها الى كيم وراءه.
أسرع جوليان ليساعدها بالنهوض وكيم سمعتها تقول:
" أنك لطيف".
كانت تلهث كأنها تختنق وبلعت كيم ريقها , لا تبدو المرأة كبيرة في السن , وتساءلت كيم ما الذي أوصلها الى هذه الحال.
" خالتي صوفي".
قال جوليان وهو ممسك بيد كيم لقدمها اليها:
" هذه كيم , عزيزتي كيم , أقدمك الى خالتي صوفي".
مدت كيم يدها ونظرت الى زوجها بسرعة قبل أن تولي المرأة كل أهتمامها.
" أنا سعيدة برؤيتك".
صعد الدم الى وجهها مما زادها جمالا:
" كم أنا مسرورة بالتعرف عليك".
" كذلك أنا , يا عزيزتي , كم فرحت عندما كتب جوليان يخبرني بخطوبته , صحيح أنه كان سعيدا في عزوبته وخشيت أن يبقى بلا زواج طيلة حياته وقنطت من ذلك ,وها أنت هنا وكل شيء تم بسرعة فائقة".
توقفت لتلقط أنفاسها وأبتسامة الأرتياح ما برحت على شفتيها الشاحبتين ثم تابعت حديثها:
" الآن فهمت لماذا أنتظرت كل هذه المدة , أهنئك يا جوليان- أنها حلوة ولطيفة".
أخفضت كيم عينيها وهي تعلم أن زوجها كان ينظر اليها ويأمل في الوقت نفسه أن تكف هذه المرأة عن أطرائها , ولكن الخالة صوفي أستأنفت الكلام:
" لا عجب في أنك وقعت في حبها يا جوليان , أنها جميلة جميلة- خلابة في لباسها الأحمر المزركش بالفرو الأبيض".
أستراحت قليلا ثم تابعت قائلة:
" عزيزتي كيم , تجدين الوفير من الطعام في خزانة الأطعمة في المطبخ , تناولا شيئا ما".
توقفت فجأة عن الكلام ونظرت كيم الى جوليان بقلق شديد في عينيها :
" لا تقلقي يا عزيزتي ".
قال مطمئنا :
" ستكون الخالة صوفي على ما يرام بعد لحظة , أعطني معطفك".
خلعت ملابسها الخارجية , وناولتها له ثم وقفت بجانب الخالة صوفي التي دعتها لتناول شيء ما مع جوليان وأعتذرت لأنها لم تجهز لهما وجبة طعام.
" ربما أطلعك جوليان على أن هناك أمرأة تقوم بأعمال المنزل عندي ".
وأخبرت كيم أن المرأة تأتي من القرية قبل الظهر وبعد االظهر وتعود الى عائلتها بعد الظهر لتطعمهم , وهناك أمرأة ثانية من القرية تأتي في المساء وتمضي الليل عندها.
" كل شيء يعمل كالساعة- وجوليان الحبيب يتكبد كل هذه المصاريف , لعله أطلعك على ذلك".
توقفت ثانية لتستعيد أنفاسها:
" هل أجهز الغداء؟".
أومأ جوليان لها بالأيجاب ورأت في عينيه كأنه يسألها : أتشعرين بالجوع يا حبيبتي؟ وأبتسم لها أبتسامة ماكرة.
" أرغب في تناول شيء , وأنت؟".
" سوف نرى".
عرفت مرارا معنى الشعور بالجوع ولكن ليس هذه المرة ولا تدري لماذا' أتى جوليان الى المطبخ ليدلها أين تجد ما تريد.
" سأتدبر أمري , أذهب وأجلس بقرب خالتك يا جوليان".
بدأت بتحضير الصحون وما يلزم على صينية .... ماذا جرى للخالة صوفي , وأين أبنها؟ ولماذا لا يحاول مساعدتها ؟ وزواج جوليان؟ أستنتجت كيم فور دخولها المنزل ورؤيتها سعادة الخالة صوفي أن جوليان تزوج فقط ليسعد هذه المرأة , غير أن المرأة برغم شعورها بالسعادة لم تظهر أرتياحا مطلقا , ألم تقل أنها أستسلمت لفكرة بقائه عازبا ! وقد يعني هذا أنو تزوج لسبب آخر؟
وجدت كيم في الخزانة أنواعا مختلفة من اللحم فأخرجتها مع بعض البندورة والكرفس وغيرها من الخضار , ستكون هذه أول وجبة تجهزها بيدها لجوليان , فقد كان هو الطاهي برغم تهديده لها بأن يلزمها أشغال المنزل , بعد أن أنتهت حملت الصينية ولما أوشكت أن تفتح باب المطبخ سمعت الخالة صوفي تقول لجوليان :
" ألا تعرف كيم كيف حصل كل هذا؟ لا يبدو عليها أنها تعرف , ولا أوافقك على عدم أطلاعا".
" كنت ناويا أن أطلعها على كل شيء ,غير أن لها قلبا حنونا سهل التأثر حتى أنني أرجأت ذلك الى ما بعد".
كادت الصينية تسقط من يديها , قلب حنون , تكلم جوليان ثانية ورأت أبتسامة ذات مغزى عندما قال:
"قد أكون متهربا , ولكنني لا أقبل أن يفسد شيء شهر عسلنا".
" صحيح لم أفكر في ذلك , أنك على حق يا جوليان , في كل الأحوالأنها بعد جديدة في العائلة , علينا أن نعطيها كل الوقت قبل أزعاجها بمشاكلنا ".
توقفت لتلتقط أنفاسها وقلق جوليان عليها , قالت ثانية:
" أصدقك أنها ذات قلب حنون وسيصيبها غم شديد أذا هي علمت بذلك , عليك ألا تطلعها على شيء في الوقت الحاضر".
" حسنا والآن- ماذا عن نيل؟".
" أنك تعمل له كل ما قلت , أليس كذلك؟".
" سيكون له دخل محترم لا يجعله يقوم بأي عمل يدوي ولا تقلقي بالك أفهمت؟".
" كفاك ملاحقتي بالأوامر , يا جوليان".
قالت ذلك وضحكت برغم صوتها الضعيف وتجاوب معها جوليان وضحك هو الآخر.
" بعد سأضغط عليك أذا أصررت في القلق على نيل ,أن مستقبله نصب عيني".
" أفهم يا عزيزي جوليان- وأنا أشكر اليوم الذي تبنيتك فيه لأنك بركة الحياة , ألا أنني أقلق بصدد نيل لأنه ما زال يافعا".
فتنهد جوليان ثم قال بلطف:
" ما حدث لشيء رهيب ولكن يجب أن نشكرالعناية الألهية لخروجكما حيين , سيتمكن نيل من المشي ولو ليس تماما , أما بخصوص معيشته فكما قلت , أوليتها العناية الكافية , والآن , هل ستتوقفين عن أرهاق نفسك بالهموم أم تريدين أن أعاملك كالأطفال؟".
" تهددني لأنك أضخم مني , كلا , وفر ذلك لزوجتك , فقد تجد متعة فيه".
صعد الدم الى وجه كيم , وأنتظرت لتسمع جواب جوليان على ذلك .
" تجد متعة فيه؟ أتعتقدين ذلك؟".
لا مجال للشك في نواياه , قالت كيم لنفسها.
" النساء يعشقن القصاص ولو أنهن يتظاهرن بعكس ذلك , ولكنهن يجدن المتعة فعلا".
" حتى في أيامنا هذه؟ سألها جوليان بأهتمام , هذا شيء جديد بالنسبة الي , قولي لي , لماذا يجدن متعة فيه؟".
" ذلك يشعرهن بضعف جنسهن – والضعف من طبيعة المرأة – يا جوليان".
رأت كيم أنه آن لها أن تخرج من المطبخ- ألتقت عيناها بعيني جوليان فعبس في وجهها , هل هناك في أنها سمعت العبارات الأخيرة؟ ربما فطن , لكنه يجهل أنها سمعت الحديث من أوله لأنه لم ينوه به وهما عائدان الى الدير , ولم يتكلم الا بعدما سار بعض الوقت في الممر الجبلي المتعر أذ قال بهدوء:
" أشكرك يا كيم لأدخال السعادة الى قلب خالتي , لأنني مدين لها بالكثير ".
وصمت قليلا ثم قال:
" كانت في السابعة والعشرين عندما ترملت , ووافتها فرصة نادرة لتتزوج زواجا جيدا بعد أن أحتضنتني , كان زوجها العتيد راضيا أن يتبنى أبنها أما أنا فرفضني , وأقترح عليها أن تضعنيفي أحد البيوت للأعتناء بي ولما رفضت تخلى عنها , فعملت طوال حياتها كي تعيلنا- الى أن نمونا وأصبحنا قادرين على العمل , لن أتسبب لها في اي أذى مهما كلفني الأمر ,ولهذا ألححت عليك بالتظاهر أنك مهتمة بي , صحيح أنها مريضة جدا , لكنها ذات ذكاء حاد , لتولاها الشك لو زلت قدم أحدنا".
لم تعلق كيم بشيء , لا لأنها كانت غائبة الذهن , بل لأنها أحست بعذاب الضمير , أصدرت حكمها على جوليان ولا تدري مدى أبعاد هذا الحكم , كان هناك الكثير من الغموض ولم تجرؤ على توجيه الأسئلة وستبقى في عالم الجهل الى أن تكسب ثقته , طريقة زواجهما الشاذة , نفورها من سلوكه أتجاهها وكراهيتها لمحاولته التقرب منها , وأعلانه صراحة بأن فيكي هي من يحب – كل ذلك وسع الثغرة بينهما وأبعد كل فرصة لتبادل الثقة , وهذا ما جعل جوليان يأنف من أطلاعها على المأساة التي حلت بخالته وأبنها , تعتقد كيم أن المأساة أكثر من مجرد حادث.
أخذ جوليان يتمهل في السير لأن الطرقات مغطاة بالثلج المتناثر تحته الجليد , سحبت كيم غطاء صغيرا عن المقعد الخلفي ولفته حول ساقيها , وبدا التأثر الحقيقي في جوليان عندما أجابته على سؤاله أنها تشعر بالبرد.
فحين وصلا ستراتا كاديلا عند آخر الرحلة أعترتها قشعريرة برد لم يكن من الممكن أن تخفيها.
" هل تستطيعين صعود الدرج؟".
سألها بلطف كبير لم تعتد عليه من قبل:
" نعم , سأستطيع".
" لكنك ترتجفين في كل جسمك".
لفها بالغطاء وساعدها على صعود الدرج ثم أردف قائلا:
" كانت الرحلة طويلة بسبب الثلوج , وكان الأولى بنا أن نبدأها في وقت أبكر من ذلك".
" من حسن حظنا أن المدفأة الزيتية كانت شاغلة ".
بالفعل وجدا الشقة جميلة ودافئة , ولكن كيم ما فتئت ترتعش , طلب اليها جوليان أن تذهب الى فراشها بينما يحضر لها شيئا ساخنا , أتاها بهذا وجلس على حافة السرير يراقب وجهها المخصب بالأحمرار , قربت الفنجان من فمها وألتقت عيونهما ,أغمضت عينيها قليلا مستغربة شأن هذا الرجل الذي يخطفها ويعمل ليمتلكها.
كانت تعرف القليل القليل عنه , أما الآن فقد رأته في ضوء جديد , ومهما كرهته- وستكرهه الى الأبد لأنتزاعه حريتها وأستقلالها منها- يتوجب عليها أن تحترمه وتجله لشهامته في أيفاء دينه نحو هذه المرأة التي قدمت أكبر التضحيات لتربيته.
تناول جوليان الفنجان من يدها وطلب منها أن تتمدد في فراشها , وبيدين كلهما حنان غطاها وحشر أطراف الأغطية تحت الفراش , وقال :
" أذا لم تتحسني في الصباح سنرسل وراء الطبيب".
" الطبيب ؟ ماذا سيفكر الطبيب؟".
" صحتك أهم بكثير من رأي يبديه أي طبيب في بيتنا".
ماذا عنى بذلك ؟ هل صحيح أنه قلق على راحتها أو هو مغتم بسبب ما قد تجلب له من متاعب أذا هي مرضت؟ رأت في وجهه وهو منحن فوقها أهتماما وقلقا وأحست بيده باردة على جبينها ولكنها أرتاحت اليها , قرب رأسه من رأسها وطبع قبلة بريئة على وجنتها قائلا بلطف وهو يتفحص الأغطية :
"سأنام في الغرفة المجاورة , سأترك البابين مفتوحين في حال أحتجت لي , طابت ليلتك يا كيم".
أطفأ نور السرير وأتجه الى الباب:
" وليلتك أيضا".
تبعته بنظرها في ضوء الممر الخارجي ورأته يبتسم لها , صدرت عنها تنهيدة أرتياح , فقد أرادت أن تنفرد بنفسها , وبعد لحظة سمعت الماء في الحمام وخطواته وهو ذاهب الى غرفته وأطفأ نور الممر , ثم خيم ظلام دامس على المكان كظلام القصور المهجورة والمسكونة بأشباح , أصغت كيم في هذا السكون الرهيب....الشقة جميلة لكن ما هي الا واحة بحجم نقطة صغيرة في وسط أراض شاسعة قاحلة , المكان كله قذارة وخيوط عنكبوت , غرفة أبوابها تتثاءب وتتجول فيها أشباح ,أشباح مقنعة- كيم لملمت نفسها في الفراش , ربما ان هذا هذيان الحمى- ولكنها ترتجف بشدة أكثر , لم تكن كيم ذات مزاج عصبي – ولا تؤمن بالأرواح , ولكن في تلك اللحظة سمعت صوتا كأنه خارج من جوف الأرض حطم السكون الرهيب المخيم على المكان وصرخت بأعلى صوتها ثم أنتصبت جالسة في سريرها وقبل أن تصل المصباح الى زر المصباح الكهربئي أشتعل النور في الممر الخارجي.
" جوليان... أوه...".
كان وجهها بلا لون وحاجباها مبتلين :
" كيم , ماذا جرى؟".
طوقها بذراعيه وألتصقت به من الخوف ودموعها تهطل من مآقيها وتبلل بيجامته.
" كيم يا صغيرتي , ماذا حدث؟".
" الصوت- أوه, الصوت يا جوليان , الصوت المخيف".
أهتز جسمه من شدة أرتجافها وشدد طوق ذراعيه حولها ليحميها :
" كان هذا بوما- بوما فقط".
" ربما كنت أنت نائما , أنه ليس صوت بوم".
ألتصقت به أكثر فأكثر متناسية في خوفها كل تباعد نفسي بينهما.
" أنه صدى نعيق البوم في الوادي- هذا يحدث أحيانا كثيرة , ستعتادين عليه".
" بوم ...؟ ".
أبتعدت عنه عندما تبدت لها حماقتها .
" هل هذا كل شيء؟ أمتأكد أنت من ذلك؟".
" كل التأكيد , فأنا كثيرا ما سمعته".
أضجعها ثانية في فراشها وبلطف مسح دموعها عن وجنتيها والعرق عن جبينها وطمأنها ببضع كلمات حلوة , رفعت ايه رأسها وهي بعد ترتعش وتمتمت قائلة بوهن:
" أعتقد أنها الحمى أو غير ذلك – ألا أنني خائفة....".
بقي بجانبها وذراعاه حولها , وأخذت تحلل شعورها , فكانت النتيجة أحساسا بالغضب لأنه أتى بها الى هذا المكان الموش وشعورا بالعار من نفسها لأستبقائه عندها , كانت أنفاسه موزونة دلالة على أنهنا على الوضع أو ر بما لأنه نام مرتاحا مطمئنا على أنه نجح في مهمته ويتوقع منها كل تجاوب , كلا , لن تتجاوب معه فليخب فأله.
من غير المعقول أن يخف حقدها عليه لأنها تحتمي به مجبرة , بينما هو الذي أختطفها وأوقعها في هذا المأزق.
في صباح اليوم التالي خفت الحمى عنها ولكن جوليان أرغمها على البقاء في الفراش وقام على خدمتها في تجهيز طعام ملائم , أوصى جوليان على خضار وأشياء أخرى من القرية وقدم لها سمكا في وجبة الظهر مرفقا بطبق من الحلوى اللذيذة .
" أين تعلمت الطبخ؟".
سألت وهي لا تخفي أعجابها :
" وقعت الخالة صوفي مرة في مرض طال أجله والحاجة علمتني , فلم يكن هناك أحد غيري للأعتناء بها".
أذ لم يكن يعتني بها أحد غيره , فأين كان أبنها أذن؟ رمقته بنظرة فاحصة ألا أن وجهه لم ينم عن شيء كأنه قد من خشب , فهم نيتها ولكنه لم يقل شيئا , تابعت أكلها ثم سألته هل تستطيع ترك الفراش .
" كلا ستلزمين الفراش اليوم وسنرى غدا صباحا".
هذا أكثر ما تكرهه في حياتها , هي رهن أرادته لا تستطيع حراكا , أين حريتها , عاودها النفور أذ رفضت الطعام الذي أتى به اليها عصر ذلك اليوم.
" تناوليه".
" قلت لست جائعة".
" ما بك؟ ".
صرخ في وجهها بجفاء :
" تتقلبين مثل تقلبات الريح , بدأ التفاهم يدب بيننا – والآن- ما سبب هذا التغيير المفاجىء في مزاجك؟".
رمته بنظرة حادة , أعتقد خطأ والأمل يغدعه أن عملية الليلة السابقة حلت كل خلافاتهما.
" بكل أختصار لن نتفاهم , ويدهشني أنك تعتقد بأن هذا ممكن".
كل ما فعله هو أنه هز كتفيه وطلب أن تتناول الشاي .
" أزيلي من ذهن كل فكرة عناد ".
قال بصرامة :
" لأنك ستفعلين كل ما يطلب منك , ستبتلعين الطعام".
" وهل ستجبرني على الطعام؟".
قالت بتهكم:
" قد أفعل ذلك أذا داومت على التحدي".
وقام وخرج من الغرفة ليترك لها المجال في أستعمال الحكمة أو في المضي في المقاومة وتحمل نتائجها .
" أنني واثقة من أنك مسرور بهذا".
قالت لجوليان بكلام لاذع عندما عاد ورأى أنها تناولت الطعام.
" بالتمام, قال مازحا , ولأنك أثبت أنك زوجة صالحة وطيعة أسمح لك بساعة واحدة خارج الفراش تمكثين خلالها في غرفة الجلوس الدافئة".
" شكرا سأبقى حيث أنا".
" كما تشائين".
وأخذ الصينية وخرج , أمتعضت كيم لعدم مبالاته , لو يستطيع فقط أن يعي رفضها لسلطته , هي تريد أن تنهض .... وهو يعرف ذلك , كأن عنده العلم فسرعان ما يقرأ أفكارها كمن يقرأ في كتاب , وهذا ما يغيظها ,وأكثر من ذلك فأنه يحصي عليها كل حركاتها ويكاد هذا يفجرها , لا يسمح لها بالتنزه وحدها ولا حتى بالتنقل بين الغرف دون أن يتبعها كظلها والمفتاح في يده , لكن سيأتي يوم ويقع في مأزق , وعندما يأتي هذا الصديق المنتظر لن يبقيها جوليان سجينة , هل يوجد صديق حقا أم أن ذلك كان محض أجابة أختلقها ليشبع فضولها.
في عصر اليوم الثاني مكث جوليان مدة طويلة في غرفة الجلوس منهمكا بتدويناته اليومية عن الأشغال ,وفي النهاية خرج من الغرفة , تنصتت كيم لتسمع المفتاح يدار في القفل , ويبدو أنه أداره بكل حرص فلم تسمع شيئا , تسارعت دقات قلبها أذ سمعته ينزل السلم , نهضت كيم مسرعة , أدارت مقبض الباب ولدهشتها لم يكن مغلقا , ها هي فرصتها في هفوة أرتكبها , خرجت الى رأس الدرج وألقت بنظرها على البهو في الطابق السفلي , كاد قلبها يقفز من صدرها عندما رأت باب المدخل مفتوحا وجوليان مسرعا بخطاه الواسعة خارج المبنى .
عادت الى غرفتها بسرعة البرق وتناولت معطفها ومحفظتها ونزلت الدرج مهرولة وفي باب المدخل تماما وجدت نفسها وجها لوجه مع جوليان , كان واقفا بجانب الباب في الرواق الخارجي.
" أنت!".
قالت لاهثة وهي تنظر الى النقطة التي رأته يمشي نحوها وكادت تهوي على الأرض.
" رأيتك تمشي هناك".
لم يحاول جوليان أن يسد عليها الطريق ,كل ما أبداه هو نظرة عتب في عينيه.
" لقد خيبت آمالي ".
تمتم كأنه يحادث نفسه :
" لم أفكر في أنك ستهربين ".
" لن أهرب ؟".
" حاولت تجربتك فخيبت أملي".
هكذا أذن .... لم تكن هفوة منه في تركه الباب دون أغلاق , كان ذلك هفوتها هي عندما أعتقدت أن قدمه زلت , لمااذا لم يغضب؟
" كان كل ظني أنك ستبقين معي".
" هل جننت؟ كنت عالما منذ الوهلة الأولى أنني سأهرب في أول فرصة تسنح لي , ألم تقل أنك ستبقيني سجينة الى أن؟".
" ليس سجينة ,لم أقل هذا ".
قاطعها بحدة :
" لا تتكلمي هكذا ".
أقترب منها قليلا وقال:
" كنت أراقبك مراقبة شديدة في أول الأمر , ولكن بعدأن رأيت كيف عاملت خالتي تيقنت من أنك لن تحاولي الهرب".
" وما شأن خالتك بهذا؟".
سألته وهي مدهوشة لكلامه.
" أفهمتك أن زواجي سيجلب لها السعادة- كل السعادة , وأذا أكتشفت أن في نيتك أن تهجريني سيتحطم قلبها , كنت طيبة ولطيفة ما جعلتني أعتقد أنك أحببتها".
" أحببتها فعلا , ولا أستطيع غير ذلك".
" ومع ذلك أردت أذيتها في هربك؟".
أرتبكت كيم ورأت في مخيلتها الكوخ الأبيض الصغير , والمرأة الهزيلة المتألمة , وحنان جوليان وعطفه منصبا وهو يعتني بها العناية كلها , ورأت بريق الحبور في عيني الخالة صوفي الباهتتين عندما قدمها لخالته.
" وهل ستعرف؟".
سألته منخفضة الرأس لتتجنب نظرة الأتهام في عينيه .
" أزورها بأنتظام , وودتها أن أرافقك على الأقل مرة في الأسبوع".
تولاها اليأس وأخذت تفرك يديها وشحب وجهها .
" هناك أشياء وأشياء لا أفهمها".
قالت وهي تهز رأسها دلالة على القنوط.
لم يجب , بل بدا كأنه يفكر فيما قالته ويزنه , ثم هز كتفيه وقال:
" هناك أشياء كثيرة أود أطلاعك عليها ,ولكن لم يحن الوقت للثقة . ما زلنا غرباء الواحد عن الآخر , نتعانق في المساء ونتباد في الصباح".
نحن عدوان تقريبا قالت في سرها , رفعت عينيها اليه ووعدت جازمة بأنها لن تهرب.
" لكن بشرط واحد( أضافت جادة) ألا تعاملني كسجينة".
عبس قليلا ولكن ما عتمت عيناه أن أبتسمتا :
" ستتمتعين بمطلق التحرك , هذا وعد مني ".
تأكدت كيم من ذلك لأنه يأتمنها ضمنا.
بينما كانا جالسين ذاك المساء , أخبرها جوليان بأن العمال سيأتون في صبيحة اليوم التالي للمباشرة في أجراء التحسينات والتعديلات التي يرغب في الأنتهاء منها قبل أفتتاح الفندق أن أمكن.وألا حتما قبل الموسم الصيفي , كما قال أن ضيفهما سيصل صباح الغد , لم تصدق أذنيها لأنها كانت جازمة أن هذا الضيف هو طيف من مخيلته فقط . أنفتحت عينا كيم على الوضع وتوضح لها الظرف الذي أتاحه لها أذ أن مراقبة حركاتها ستتوقف بوجود هذا الضيف ولن يستطيع جوليان أن يلاحقها كظلها والمفتاح في يده ليغلق أبوابا ويفتح أخرى , وأيقنت الآن أن المشهد كان تمثيلا لينتزع منها وعدا بعدم الهروب! لا علاقة بكل ذلك مع خالته , وعضت على شفتيها حنقا لأنها وقعت مرة أخرى في جبائله , الوقت ليل الآن ولن تستطع عمل شيء , فألى الصباح .
عليها الآن ألا تثير ظنون جوليان وأن تسلك مسلكا طبيعيا عاديا.
" سيكتشف ضيفك أننا أعداء ألداء فماذا سيكون رأيه فينا؟".
" أنت أخطأت بجنس الضيف يا عزيزتي ".
ذهلت كيم لهذا النبأ المفاجىء :
" سيكون الضيف سٍ س سيدة؟".
" يمكن وصفه بأنه بنت من أكثر البنات جاذبية وسيكون التفاهم بينكما أحلى ما يكون".
" ت ت تفاهم ؟ هي لن تتضايق من وجودي؟".
" على اعكس , بل أنها ستستمتع برفقتك".
أنها لا تصدق , لا تصدق ما تسمع , أشياء كثيرة لا تصدق حدثت وجوليان أبو المفاجآت.
" هذا يعني أنك ستأتي بأمرأة – أي بفتاتك لتعيش معنا؟".
سألته متلهفة متناسية عزمها منذ هنيهة أنها سترحل في صبيحة اليوم التالي.
" صحيح".
أجاب دون أي تردد مع أنها ظنت أنها فاجأته بكلمة صديقة".
" أنت معتوه لن أبقى هنا مع أحد".
" مهلا! ".
حذرها هازلا وعابسا معا :
" لا أعتقد أن الغيرة ستدب فيك, أليس كذلك يا عزيزتي كيم؟".
الغيرة ؟ الغيرة منها عليه؟ مديح منه ولنفسه.
كاد الغضب يخنقها .
أعتقدت أن لحظة الأقتصاص قد أتت لتكيل له الصاع صاعين , لكنها ذهلت وذلت عندما تناول جوليان مجلة وأسترخى في مقعده وأخذ يقرأ .
كانت كيم جالسة تراقبه وقبضتا يديها في حجرها وخداها متوردان , من تكون هذه البنت ومنذ متى يعرفها؟ حاولت طرد كل فكر من رأسها وتساءلت لماذا تهتم بمن يأتي به جوليان , في أي حال , أنها ستهرب غدا صباحا ولن تجدها الفتاة عندما تصل.
ما شكلها؟ يقول جوليان أنها من الفتات الأكثر جاذبية.
قطبت كيم ما بين حاجبيها وأنفرجت قبضتا يديها , ما السبب في مجيئها الى هنا ؟ تود أن تعلم المزيد عنها ولامت نفسها لأنها تسرعت في أظهار غضبها.
وحوالي الثامنة من صباح اليوم التالي كان العمال قد باشروا العمل , ولما دخلت كيم غرفة (المؤن) المجاورة للمطبخ رأت الفطور جاهزا أذ أن جوليان نهض مبكرا جدا.
" ستتولين دفة السفينة أبتداء من اليوم , حيث أنني سأكون منشغلا بالأشغال القائمة".
" والمرأة الأخرى؟ ألا تستطيع الطهو لك؟".
" ستساعدك , أنها طاهية ماهرة فعلا".
قالت متهمة وهي تأخذ مكانها الى المائدة:
" أذن أختبرت طهوها, هل عاشت عندك؟".
" الصحيح أنا عشت عندها".
سحت كيم نفسا طويلا وكبتت رغبتها في الرد عليه , ما الفائدة من الأهتمام بشخص لن تلتقي معه وجها لوجه؟
" متى ستصل؟".
وجهت هذا السؤال وهي تتناول المزيد من الطعام لتشغل الوقت لا للأهتمام بالقادمة .
" سأستقبلها في محطة القطارات عند الحادية عشرة".
لم تتمالك نفسها من النظر اليه مستغربة , هل ما تسمع من نسج خيالها أم أن جوليان يتلهى بالكلام؟
صمتت كيم وأخذت في تخطيط طريق الفرار , أن غيابه سيسهل عليها الهرب وستجد طريقها الى المحطة عندما تصل القرية.
"كم من الوقت ستمكث هنا؟".
هز جوليان كتفيه وصب لنفسه بعض القهوة :
" من الصعب معرفة ذلك , أتريدين المزيد من القهوة؟".
" نعم , شكرا".
بعد برهة سألته قائلة :
" ما أسمها؟".
" مارجري".
لم تخطىء كيم في ظنها أن جوليان يمزح لا محالة , عبست قليلا ثم لزمت الصمت , ويخطىء جوليان أذا أعتقد أنني مهتمة بفتاته وسيتأكد من ذلك عندما يأتي بزائرته ويرى أن زوجته ليست هناك ,لأنها أعتمدت ذلك ولن تتراجع....
كانت كيم في الحديقة عندما دخلت السيارة من االبوابة , كانت مشغولة بأزالة بعض الأعشاب المحيطة بقعة ثلج , أنتصبت واقفة عندما توقفت السيارة ونول جوليان منها , ولفت نظرها نزول شخص آخر من السيارة , أنها فتاة شقاء.
" جوليان الأرض واسعة , قالت الفتاة , وأراها أكثر أتساعا في كل مرة".
أذن كانت هذه الفتاة هنا قبلا , أخرج جوليان حقيبة من مؤخرة السيارة وسار بجانبها واضعا ذراعه على كتفي مارجوري وبدأ بصعود الدرج.
" كل ذلك ضروري ".
قال ردا على سؤالها :
" عندما يشتهر سيزيد حجز الغرف لأن الكثيرين من الناس يبتهجون في الأبتعاد عن مشاغل الحياة لبضعة أسابيع سنويا".
" أنك على حق ".
كان في صوت مارجوري بحة جذابة ولم تتمكن كيم من رؤية تعابير وجهها , ألا أنها تصورتها خاصة عندما أضافت الفتاة قائلة:
" أنت أتيت بي الى هنا بعيدا عن كل ذلك , أنني أحبك يا جوليان ".
أهتز جسم كيم من الغيظ وبرقت عيناها , أي نوع من الرجال هذا؟
خرجت كيم من خلف شجيرات العليق ولحقت بهما الى البهو , ألتفت جوليان وقال:
" آه , كيم , حبيبتي ,أقدم لك مارجري.... زوجة أخي".
كانت شفتاه تتراقصان لمباغتته كيم بعلاقته بهذه الزائرة , أنه يتلذذ بالغموض المربك للغير خاصة كيم .
" هي؟".
حملقت فيه ولاحظت نظرة أنتصاره عليها فصعد الدم الى وجهها .
" زوجة أخيك؟".
" أتشرف بلقياك".
قالت مارجري مادة يدها بلهفة , أنني مسرورة بالتعرف عليك".
" بالضبط هي كنة خالتي صوفي".
قال جوليان:
" أي زوجة نيل؟".
خرجت الكلمة من فمها بصورة عفوية قبل أن تفطن الى غلطتها ورأت عيني جوليان تطرف لسؤالها المفاجىء غير أنه قال:
" لنصعد , أنك لن تعرفي أنه المكان ذاته الذي عرفته , فقد أخلت عدة تحسينات...".
كان يوجه كلامه لمارجري ,وسارت كيم خلفهما ودخلا غرفة الجلوس , شهقت مارجري دهشة عندما رأت ما حولها.
" كم هو جميل حقا! شككت في كلامك عندما قلت أنك ستجري بعض التحسينات , فهل سيصبح المكان كله هكذا؟".
" آمل أنه سيصبح فندقا فخما بعض الأنتهاء من كل شيء".
أستدارت مارجري ورأت كيم دموع العرفان بالجميل تسيل من عينيها.
" أنك طيب جدا معنا يا جوليان , لا أدري كيف نستطيع العرفان بجميلك".
بدلا من الأجابة على ذلك تحول الى كيم وقال لها:
" كيم , حبيبتي , ما قولك في شيء مرطب لمارجري؟".
" طبعا......".
أذن هذا هو سبب أدخال التجديدات على الدير , أنه من أجل نيل وزوجته.
مضى بعض الزمن منذ وصول مارجري وعندما دخلت هذه الأخيرة الى غرفتها أغتنمت كيم الفرصة لتقول لجوليان رأيها فيه , تكلمت بهمس تقريبا ولكن صوتها يرتجف غضبا وسخطا :
" بالأضافة الى كل ما عداه , لك مزاج فاسد! ما الذي حدا بك لتقول أنها – أنها فتاتك؟".
فيما كانت كيم تتكلم كان جوليان منهمكا في أصلاح شريط مصباح كهربائي أتت به مارجري , نظر اليها نظرة هادئة فيها شيء من الأزدراء:
" لم أقل شيئا كهذا , أنت تسرعت وأستنتجت دون سبب".
تنبهت لغلطتها ولكنها لم تخفف من حدة مزاجها.
" كان في أمكانك نكران ذلك".
علق على كلامها وهو بعد مشغول بالمصباح قائلا:
" لماذا أنكر؟ أذا طاب لك أن تعتقدي أنني سأقيم هنا خدرا للحريم فمن أكون لأفسد عليك سرورك؟".
هدأت قليلا وقالت بصوت محنوق:
" لن تلومني أذا قلت عنك أنك مجنون نساء – بعد كل ما حدث ".
" مجنون نساء؟".
جن جنونه ولللمرة الأولى ينفعل جوليان منذ أن بدأت حملاتها عليه .
" أريد أيضاحا منك من فضلك".
" فيكي , مثلا , أولا كنت تريد الزواج منها وبعد أربعة أيام أردت الزواج مني , أي رجل يحترم نفسه يتقلب بهذه السرعة؟".
" أفهمتك كل شيء وأنتهى الأمر , أنسي فيكي , فهي في خبر كان".
" لكنك ما زلت تحبها , أنت أعترفت بذلك".
فتح فاه ليجيبها لكنه غير فكره , ركز نظره على يديها التي كانت تفركهما بعصبية ولما أطال نظره كفت كيم عن هذه الحركة.
" أنك تحبها , ألا تحبها؟".
قالت وكأنها كانت مجبرة على ذلك , بكا بطء حول نظره عن يديها الى وجهها وقال بهدوء المتأمل المتروي:
" نعم يا كيم , ما زلت أحب فيكي وسأحبها دائما.....".  

~ اللغز / للكاتبة آن هامبسون  ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن