الفصل الثاني

11.9K 458 18
                                    

الفصل الثاني
تتذكر امل هذا اليوم جيدا ،فقد كان أسوأ ايام حياتها على الاطلاق.فقد عادت للتو من عملها وامامها ساعات حتى يعود شقيقها لذا املت فى الحصول على قسط من الراحة حتى عودته ليتشاركا هذا الطعام القليل بالمنزل .
ألقت نظرة على أبيها لتهز رأسها بأسف فهو غير واعى مطلقا كعادته...أصبح ليله شبيها بنهاره و هو غير مدرك لأى شئ فقط تأتيه الصحوة حين يأتى هذا التاجر الملعون ليسهر ويتسامر معه وعليها وقتها البقاء مستيقظة لخدمتهما .وحتى هذه اللحظة لم تكن تعى ما خطط له هذا التاجر بالاتفاق مع أبيها
خطوات قليلة تفصلها عن اكتشاف الحقيقة التى سرعان ما اتضحت حين دخلت حجرتها لتجد ذلك التاجر متسطحا بفراشها .
للحظة وقفت بفم مفتوح تنظر له ببلاهة بينما يبتسم لها بخبث حتى استجمعت شتات أمرها وسألته بتعجب : انت بتعمل ايه فى اوضتى  ؟؟!!
تمطأ وهو ينظر لها بشهوة ويقول بهدوء : مستنيكى يا حلوة ..كدة تتأخرى عليا ..
عقدت ساعديها بغضب واضح وهى تقول: اتفضل اطلع برة قبل ما انادى لابويا .
لينفجر ضاحكا وهو يردد : ابوكى !!! هههههههههه
استشاطت غضبا وهى تقول: قلت لك اطلع برة..
نهض عن الفراش يتوجه إليها وهو يقول: جرى ايه يا حلوة ما تفتحى مخك كدة عاوزين ننبسط عادى ما انا خطيبك .
عادت للوراء وهى تقول: انت قلت بنفسك خطيبى مش جوزى ..يعنى مالاكش مكان فى اوضتى
لم تكن خطواتها بأسرع من خطواته ليقبض على ذراعها ويجذها عائدا لغرفتها وهو يقول: انا دفعت لابوكى وخلصنا وحكاية الخطوبة دى سكة علشان اخرج وادخل وقت ما انا عايز
افقدتها الصدمة القدرة علي التحدث أو المقاومة ليلقى بها فوق الفراش ، لحظات مرت وهو يتلمس جسدها بشهوة قبل أن تعود لصحوتها ويدركها عقلها لتبدأ فى الصراخ اولا ثم المقاومة والتى لم تجدى نفعا أمام هذا المفترس الذى استفرد بها بعد جوع طويل ، لم يكن أمامها إلا ذلك الوعاء المعدنى القريب من فراشها لتتناوله وتبدأ في إفراغ كل شحنة الخوف داخلها طرقا على رأس هذا الهمجى .لم تكن الضربات الأولى مؤلمة بينما تدفق الدم من رأسه ليغرق ملابسها لينهض عنها مترنحا لتقف بكل قوة تكيل له الضربات متتالية حتى سقط سابحا فى بركة من الدماء .لتسرع لخزانة الملابس فتنزع تلك التى تلوثت بدماءه القذرة وتبدلها بأخرى .
تبحث عن ذلك القرط الذى منحته لها امها وامرتها بإخفائه منذ سنوات طويلة لتضعه بحقيبة يدها وتلوذ بالفرار .
فترى نفسها في فراشها هذا وهو يدخل من الباب بخطوات بطيئة والدماء تتساقط من رأسه ليدوسها بقدميه وهو مقبل عليها بينما هى تهز رأسها اعتراضا ليطبق أصابعه الغليظة على رقبتها ويضغط .... ويضغط ....حتى تهب جالسة وهى تتنفس بصعوبة وتتلفت حولها بنظرات مرتعبة ...هو ليس هنا ...هو بأحلامها فقط ...
استلقت مرة أخرى وقد تساقطت دموعها لتخفى وجهها فى وسادتها فقتله كان الطريق الوحيد لخروجها من تلك الغرفة ذلك اليوم...لقد مزق ملابسها واوشك على انتهاكها بكل قسوة ، و ذلك الرجل الذى انجبها قد قبض ثمنها ....لم يكن أمامها خيار آخر.
*********************
كان يوم احمد روتينيا للغاية.توجه فى الصباح للجامعة بسيارته الخاصة برفقة ذلك السائق الذى جاء معه من سوهاج ، واشترى غداءه فى طريق العودة ككل يوم . وعاد يلزم المنزل
حياته فى منزله سهلة جدا ولايقابل ايه عوائق فسائقه الامين لم ياتى معه للقاهرة بمفرده بل تصحبه زوجته والتى تأتى يوميا فى الصباح وتعمل على تنظيف المنزل ولعلمها بحالة احمد فهى حريصة على إعادة كل الاغراض لمكانها الذى يحفظه احمد جيدا ليتمكن من خدمة نفسه لأنه منذ كان طفلا يرفض أن يخدمه أحد ويقول أن هذا يشعره بعجزه .
مع بداية الليل كان متحمسا لخطته التى وضعها للتعرف على صاحبة الخطوات لكن الانتظار مؤلم قاتل كان عليه أن ينتظر لموعد عودتها والذى يكون بعد صلاة الفجر .
كانت القهوة مؤنسه وكتاب نديمه ظل يتعاطى معهما طيلة الليل حتى حانت صلاة الفجر وبمجرد أن أنهى صلاته توجه فورا اسفل البناية ووقف فى الموقع الذى حدده يدرس موقعه واتجاه قدومها ليمر اكثر من ساعة حتى سمع خطواتها تقترب ليبدأ قلبه يضطرب وعقله يهزا منه .
زادت اقترابا، خطواتها ثابتة لم تحتسى شيئا من الخمر هذه الليلة.هذا جيد ستكون مدركة وهذا يكفيه.وفى اللحظة المناسبة تحرك من موقعه ليصطدم بها .
توقفت خطواتها وهى تقول بصوت غاضب : مش تفتح يا اخينا ..
ابتسم بعفوية وكأنه يراها لتحملق هى فى عينيه الخضراء الصافية التى خلت من التعبير.كان لون بشرته السمراء مع لون عينيه يجبران أى كان لتدقيق النظر فقط للتأكد من روعة ما يرى
ساد الصمت لحظة وهو يقف أمامها مبتسما حتى شعرت بالحرج من تطلعها لوجهه وعينيه .
بينما عاد خطوة للوراء لإظهار حسن نيته وهو يحمحم قائلا : اسف ماخدتش بالى .
اخفضت عينيها وهى تقول بحرج : معلش حصل خير
وتخطته بخطوة ليقول بحميمية غير مناسبة للموقف : انتى مروحة ؟؟
راودتها الظنون السيئة عن نيته فورا وهى محقة فمن يحسن النية بفتاة تسير في الشارع فجرا إلتفتت له بنظرة عدائية لم يراها مطلقا وهى تقول بحدة : وبعدين ؟؟
هز كتفيه بلا مبالاة وهو يقول ببساطة: ابدا اوصلك .انا كنت نازل اتمشى
شعرت بصدقه إلا أنها آثرت الاحتفاظ بعدائيتها لتقول: توصلنى وتتعرف وتطلع تبات بالمرة .
قطب جبينه بجدية واضحة وهو يتساءل بتعجب : انتى جبتى الافكار دى منين ؟؟؟ عموما اسف عن اذنك .
واتجه عائدا لبنايته بخطوات ثابتة لتشعر بالاسف وتقول: انا بيتى مش بعيد
توقفت خطواته وهو يستدير بإتجاهها مرة أخرى لتنطق بإسم الشارع بحرج فيسير بجوارها وهو يقول: فعلا قريب اتمشى معاكى شوية
أشار لمنزله وقال : انا ساكن هنا بس من الصعيد فى الأصل .
سارت صامته هو كذلك ، تمنى أن يتحدث عن اشياء كثيرة لكن لسانه لم يسعفه فهو حتى لا يراها وإن لم تلاحظ هى ذلك فهو يتحرك بسهوله شديدة لحفظه الشوارع والمنطقة جيدا ،  وصلا سريعا لتتوقف هى وتقول: انا ساكنة هنا
لم يرى فى أى اتجاه أشارت لكنه عد الخطوات بين منزله ومنزلها لتتوقف خطواته وهو ينظر بإتجاه صوتها ويقول بود : فرصة سعيدة.انا أسمى احمد فتيحى
مدت كفها فلم ينظر له وهى تقول: وانا أسمى امل
ابتسم وهز رأسه مرحبا فشعرت بالحرج واسرعت تبعد كفها بدأت خطواتها تبتعد ليغمض عينيه ويحدد موقع منزلها تماما قبل ان يستدير عائدا
*****************
لم يتوجه للمنزل فاليوم صبيحة الجمعة ولا اعمال لذا تنزه قليلا فى رغبة لبث الهدوء الى قلبه المضطرب بلا فائدة ليعود بعد شروق الشمس بفترة وجيزة فقد بدأت السيارات تجوب الشوارع بكثرة وهذا يسبب توتره فهو يحفظ الشوارع جيدا لكن لا يحب المفاجآت ولا يحب أن يشعر بشفقة الناس إذا علموا بعجزه عن الابصار فمن يراه يسير بخطوات ثابتة لا يفكر للحظة أنه كفيف البصر.
صعد لمنزله فبعد قليل سيأتيه سائقه ورفيقه الأمين ليأتى له بطعام اليوم .ورغم عدم رغبته في الطعام انتظره من باب الشكر والامتنان.ولم يطل انتظاره فسرعان ما وصل حامد سائقه الذى يصحبه دون أن يشعره بعجزه مطلقا .وهذا وحده يشعره بالراحة.
لم يطل بقاء حامد فقد صرفه أحمد لأنه لن يغادر المنزل اليوم فليذهب اذا لمرافقة زوجته ،ليظل احمد طيلة اليوم فى صراع بين قلبه وعقله .
قلبه يقنعه بتكرار المحاولة وعقله يخبره أن لا فائدة من ذلك .فهذه العلاقة مستحيلة بكل الطرق والاحوال .فهى  ستظل دائما فتاة البار .

فتاة البار / بقلم قسمة الشبينىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن