الفصل الأول

160 9 0
                                    

لم يكن المستقبل مشرقاً كما اعتقده البعض، بل كان كما اعتقدت أنا: انه فقط موت ودمار وحرب لا تنتهي وإن كان البشر في هدنة!لازال الحقد يشعل نار الانتقام داخلهم....لا أستطيع أن أعيش مع تلك الكائنات...

يجب فقط تقريب وقت انقراضهم.

كالعادة... وضعت نفسي في موقف لا أحسد عليه! 

لا أعلم أين أو متى أو كيف حدث هذا! 

أشعر وكأنني أرتدي عباءة من الظلام تغلفني فلا أرى ولا أشعر بما حولي، شعور مزعج حقا أن تشعر أنك ميت ولكنك أكثر الأحياء حياة!عشت في ظلام الحروب كامل حياتي، فآنست الظلام ولم أعد أخافه، بل استلطفه فأشعر بذاتي الحقيقية فيه!لهذا يبدو أنني ما زلت حياً! إلا إذا كنت قد استيقظت للحساب، وهذا غير مؤكد....تحسست بيدي المتخشبة ما حولي، ومازالت شبه مخدرة،قله من العضلات والأعصاب تعمل بطريقة شبه طبيعية أو بقوة الإرادة! وحاسة اللمس عندي معطله تقريباً.لا اعتقد أن هذا هو قبري، فيبدو كتابوتٍ فولاذيّ مغلفٍ داخلياً بطبقةٍ من البلاستيك المقاوم للتأكل.تابوت فولاذي؟ بلاستيك مقاوم للتأكل!!!؟أخيرااااااً نعم نعم أنا أتذكر الآن ومضات من ماضيي رغم الصداع المصاحب له.آخر ما أتذكره أنه تم إصدار حكم بالإعدام في حقي رمياً بالرصاص، وفي يوم إعدامي؛ أتى أحدهم بجسد مفتولٍ وذقنٍ أشقرٍ محدودِ الشعر بعناية، وعيونٍ خضراءَ ووجه دائري بابتسامة خبيثة!نعم أتذكره، ذلك الأحمق الذي خيرني ما بين الموت أو أن أكون فأر تجارب. وأكد لي أنني لن أموت أبدا، وتجاربهم لا تخرج من دائرة الطب البشري.... وكالأبله وافقت.نعم نعم اتذكر الآن لم يتم اجراء تجارب كما كنت اتخيل فقط، وضعوني في محاليل حتى اعتقدت أنني سوف أتحول الى رأس لفت مخلل، ولكن اكتشفت لاحقاً انها محاليل تغذيةٍ من نوع ما! وكأني في فيلم خيال علمي ما!واكثر ما أغضبني أنهم شكوا أوردتي بإبر تضخ سوائل ملونة وشفافة في نخاعي الشوكي قيل أنها لحفظ الحمض النووي من التلف خلال الرحلة.والكثير والكثير من حقن التحصينات ضد جميع أنواع الأمراض كالمالاريا والكوليرا والسلامونيا التى لم تظهر منذ قرون، وغيرها من الأمراض التي انقرضت. عجبت لهم حقا! والأغرب فعلاً أنهم أعطوني تحصيناً لمرض الكوكسيديا: وهو مرض يصيب الدواجن، تبا لهم، هل خافوا من انتفاخ بطني وأصبح كالحامل!؟ وقبل ركوب موجات الزمان؛ أخضعوني لعمليه مسح بالأشعة للتحقق من سلامة عقلي وجسدي وحالتي النفسية، ثم أخيراً وضعوني في تلك العلبة المعدنية التي أنا بها الآن، وآخر ما سمعته أنني سوف أكون أحد المؤسسين للبعد الخامس.ما هذا الهراء؟ لا يهم، طالما أنا على قيد الحياة، طالما يوجد فرصة للهرب وسفك المزيد من دماء البشر، تلك الطفيليات التي يجب ان تنقرض حتى تسمح للطبيعة الأم أن تكون على قيد الحياة، هؤلاء الحمقى من ظلموني وتسببوا بمجازر للأبرياء.أشعر أن جسدي مخدرٌ، على الاقل سوف أحاول حالياً أن أحرك يدى أكثر أو قدمي، فانا لا أشعر بهما أو بأي طرفٍ من أطرافي.ذلك الضوء الخفيف القادم من الخارج قد يساعدنى برؤيه ما انا موجود فيه.أشعر بيدي، وأكاد أراها أمام عيني، وقدمي رغم صغر المساحة إلا أني أشعر بها.الآن يا أطرافي الأعزاء من فضلكم أعطوني قوتكم لنحيا عصر جديداً من الفزع للأخوة (الروس) ولكل البشرية، أولاً يجب أن ندمر غطاء هذا الكابوس الذي يحتويني، فكما أتذكر أنه قطعتين: الباب العلوي متحرك والقطعة السفلية ثابتة، صغر المساحة لن يساعد، لكن سوف أحاول.. فأنا أثق بكم يا أطرافي الأعزاء، فلنحاول.....مع العد: واحد اثنان ثلاثة هاااااااااااااااااااوكأنها حمم بركانيه تسري في عروقي، أشعر بلسعاتها في كل مسام جسدي، لتنتصب فيها جميع بصيلات شعري، وتنتفض أوردتي وأعصابي وتعزز من قوة عضلاتي وأدفع الباب العلوي بقوة ليطير وسط دهشتي، كيف انخلع غطاء التابوت الفولاذي الصدئ من أول محاولة!؟ أنا متفاجئ حقا!والغريب أنه ليس صدئ فقط، بل متآكل تماماً ولم يبقى منه إلا الطبقة الواقية البلاستيكية داخله، هي التي تحافظ على تماسكه حتى الآن مع القليل من الفولاذ حوله.مما أرى.. أعتقد أن ذلك الغطاء مر بمراحل تعرية كثيرة، ومرت عليه السنون بل القرون حتى يصل الى تلك الدرجة من التداعي، فكما أذكر أنه كان ثخيناً جداً، ولكي يتآكل لهذه الدرجة فكأنما ظل دهور طويله يتعرض لعوامل التعرية حتى انتهى به الأمر هكذا. وأعتقد أنه لولا ذلك الغطاء لما كنت سأظل في ذلك السبات حتى تنتهي البطارية النووية فأموت.امممممم الكثير من التساؤلات لن تفيد الا بتفحص ما حولي، لنقف يا أقدامي ونرى ما لذي حدث للعالم أثناء نومي...اولا سوف ننتصب وقوفاً وننظر حولنا، يدهشني حقاً استجابة جسدي! رائع.. وكأن نومي الطويل لم يؤثر على جسدي تماماً. بعض الخدر والتنميل البسيط، لكن سرعان ما يزول. جيد أنهم لم يعتمدوا على سائل لتجميدي، وإلا لكان الأمر كارثي!!المكان لا يوجد به ضوء كثير، قلة من الثقوب في المكان تنيره، ومنهم ثقب كان على حجرتي للحفظ. يبدو أن هؤلاء العلماء المجانين أفلحوا فعلاً في حفظي لمئات السنين كما أخبروني.***" أخ نيكولاس: أنت اليوم سوف تكون إنجاز البشرية الأعظم! سوف تكون آدم عصرنا...."قلت مقاطعا للأحمق السابق وصفه فى البداية "ارميخوفيس: ألا تعتقد أن آدم يحتاج للعديد من حواء؟ لن أرضى بواحدة، وحتى أنى لم أرى أي منهم هنا!!" (قلتها بسخريه لتحليل ردات فعله)"أحم... لا أعتقد أنك سوف تحتاج حواء في المكان الذي سوف تذهب إليه، أنت مجرد أداة لاختراق الأبعاد، فإن أفلحت؛ فستعيش، وإن لم تفلح؛ فالموت من نصيبك (قالها بكل تلقائيه ولم استشعر منه أي كذب أو نية خبيثة غير تلك الأحم في البداية مما زاد استغرابي)"آه.. إذاً في كلتا الحالتين سوف أموت، فما هو معدل نجاتي؟" (من الأفضل أن أعلم كل شيء لوضع خطة مناسبة للهروب الطارئ)"اعتقد انه 10%"" تباً! أنت لم تتردد في قولها، على الأقل اكذب! على العموم سوف اثق في حظي فإنه لم يخذلني يوما... (رغم قولي له هذا إلا أنى لم أستطع الارتياح )"انا رجل علم يا صديق، لا أهتم بالمجاملات وبالتأكيد الحظ يلعب دوراً كبيراً في حياتك؛ لهذا قبضوا عليك وحكم عليك بالإعدام.." (قالها ساخرا)"نعم، وما زلت حياً بعد سنه من مرور يوم إعدامي، بفضل من هذا برأيك.." (قلتها بامتعاض)"قلت لك، أنا عالم لا أؤمن بالحظ أو المصادفة، الأهم: لديك كل المعلومات التي تريد، فالأرض على وشك الانهيار والدخول في حرب عالميه ثالثة، يجب أن نجد الملاذ الآمن للبشرية هناك في البعد الخامس، وأنت ستكون بوابه وصولنا هناك."*****نعم هذا ما قاله عندها، كم مر من السنوات وأنا هنا؟ ذلك الأحمق.. أعتقدُ أنه نسى أن يؤهل حجرة التجميد لتفتح وتنعشني بعد هبوطي هنا بأيام، على الاقل يبدو أنه نسي أصلا أن يضبط منبه الإنعاش من البداية! أيعني هذا أنه أرسلني لحتفي ولم يرسلني لاستكشاف العالم الجديد؟يكفي تفكير لأهبط من تلك الحجرة المتعفنة كصانعيها، حان وقت خروجي من هنا ومشاهدة عالمي الجديد...قفزت إلى الأرض وقدمي تتحسّسها، ملمس العشب تحت بشرة قدمي منعش حقاً!إنه تراب وأحجار وقلة من العشب، يبدو أن جهاز النقل أرسلني إلى كهف ما! تلك الرطوبة في الجو.. والضوء الخفيف والهواء المكتوم.... نعم إنه كهف كالذي كنت هارباً فيه أثناء إحدى عملياتي في الجيش.....اه شعور ملمس العشب تحت أقدامي جميل، إنه يذكرني بالأيام الغابرة...لا ته الذكريات الآن، فلنتقدم يا أطرافي ونخرج من هذا المكان.. يقال: المكان الذي يأتيك منه الريح فاعلم انه مخرجك فاستريح، لنتقدم يا أخوتي في السلاح (يقصد اطرافه) ونتتبع الى اين سوف ترشدنا الريح...خطوات وخطوات ومع اقترابي أكثر من مصدر الريح؛ علمت أنني في الاتجاه الخاطئ للمخرج وأنني توغلت داخل الكهف أكثر، وتلك الريح لم تكن إلا أنفاس.....اتسعت عيوني وتكاد تخرج من محجريها! وتقريبا انخلع فكي وتدلى للأسفل بقوة وأشعر أنه يلمس الأرض، تسارعت ضربات قلبي بشدة كأنها لقطار بخاري كثير الضوضاء!!يا إلهي فلتقطعوا أطرافي وتركلوا خصيتاي...!!!!إنه تنين!!!!

The Emperors Way - طريق الامبراطورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن