part 1

24 2 1
                                    

كان بالنسبة لي ، أكثر بكثير من مجرد شروق شمس جديد ، بل كان يوما تمنحني فيه الحياة عالما جديدا ، لذلك جهزت كتبا في حقيبتي و شجاعة في قلبي و إنطلقت إلى بداية مليئة بالأمل ، كان ليكون كل شيء على ما يرام و لسار بطبيعية تامة ، فقط لو أنه عاملني مثل الجميع .
استطعت سماع الأستاذ يردد بعض الكلمات داخل القسم قبل أن يسمح لي بالدخول ، فاستجمعت شتات نفسي و ابتسمت ابتسامة ثقة في وجه ما كان يقابلني من زملاء صف جدد ، ثم قلت :
" إسمي هو جلاديلياس إيفا هارو ، سعيدة بلقائكم "
كان هناك العديد من المقاعد الشاغرة ، سمح لي بالجلوس في أحدها ، فاخترت موقعا استراتيجيا يسمح للجميع برؤيتي و ظللت هادئة بما انه اليوم الأول ، كما تعمدت جعل مشاركاتي في الدروس ضعيفة جدا ، في اليوم الأول ، لم أحاول لفت الكثير من الانتباه لأن اليوم الانتباه مصب علي من الأساس
و كنت أجيب على الأسئلة المعتادة و بأسلوب لطيف أبدى الجميع إعجابهم به ، قررت الانظمام إلى نوادي كرة اليد و السلة و القدم و النادي الأخضر للعناية بحديقة المدرسة و كان النادي في نفس اليوم لذلك كان لا بد من البقاء ساعة و نصفا إضافية بعد الدوام
و قامت بدعوتي تلك المجموعة المشاركة في النادي للعودة معها إلى محطة القطار ، و قبلت ذلك .
و كان النادي الأخضر جيدا جدا بالنسبة لحدث نظمه طلاب فقط فيما بينهم ، لاحظت أن رئيسة النادي المسماة " إريس " كان لها اهتمام خاص بالأعشاب الطبية ، أما أنا فكنت أحب الأزهار السامة و كل ما يتعلق بها ، فكانت تلفتني تلك الفلسفة العميقة لجمال الزهرة و مدى خطورة ما بجوفها ، بالتأكيد لم أخبر أحدا عن هذا ، فأنا حاليا لا رغبة لي في اخافتهم .
و في طريق الذهاب للمحطة ، قال إدوارد بعيدا عن مسمع جلاديلياس :
" انظر يا آري ، أ لا تظن أن الفتاة الجديدة رائعة ؟ "
فلم يجب آري عن ذلك و استغرق في التفكير و عندها أضاف إدوارد :
" شعرها قصير أسود منفوش و ليس أشقرا طويلا حريريا و عيناها بنيتان غامقتان و رموشها ليست طويلة جدا و جسدها ليس جسد عارضة ، لكنها لسبب ما تتمتع بقدر هائل من اللطافة و الجاذبية ، رغم شخصيتها الاعتيادية إلا أنها تنجح في فرض وجودها "
فإستطاع آري رؤية يدي جلاديلياس اللذان يتشابكان بهمجية خلف ظهرها كما لو أنهما يشتهيان تخريب وجه أحدهم ، و عندها علق بسخرية :
" ماذا ؟ لطافة ؟ شخصية اعتيادية ؟ أ لا ترى بوضوح أنها كذئب جائع ؟ "
ثم تقدم آري نحو المجموعة تاركا مجالا واسعا لأدوارد كي يفكر ، و لكن إدوارد لم يفكر ابدا و تقدم كذلك نحو المجموعة ، فإبتسمت جلاديلياس إبتسامة سخرية باهتة لمعرفة أن إدوارد لن يتعب نفسه حتى للتفكير في حقيقتها ، لأنهم ليسوا أصدقاء في الأصل ، بل إنهم مجرد مراهقين غير مبالين جمعهم ناد لا معنى له .
فقاطع تفكيري ذاك جملة مزعجة من عند نيكي :
" و انت أين تسكنين يا جلاديلياس ؟ "
بدت ملامحها مشمئزة للغاية رغم تصنعها ، سحقا ! إذا لم تكوني مهتمة فلا تسألي و لن يعاتبك أحد ، رغم ذلك أجبت مع نفس الابتسامة المزيفة المتألقة :
" في حي آستور المنزل رقم 22 "
فقالت فتاة أخرى لا أتذكر إسمها :
" يال حظك يا جلاديلياس! أنا احسدك بالفعل ، يبدو أن منزلك مجاور لمنزل آري ! "
فقال آري بعدم مبالاة :
" هذا صحيح ، لقد رأيتها صباح اليوم منطلقة من منزل الجيران الجدد لكن لم أكن أعلم أنها بالفعل الطالبة الجديدة "
على الرغم من أن تلك الكلمات السخيفة التي قالها كانت بدون أي معنى أو فائدة ترجى ، لكن بدى الجميع و كأنهم أسروا بها
انا بالفعل لا أفهم ذوق فتيات هذا الجيل ، حسنا لا أنكر انه وسيم لحد بعيد جدا جدا جدا و لكن مقدار الكاريزما الذي تحمله شخصيته ليس كافيا ابدا ، لا بد أنه ليس أكثر من أحمق مستحضرات آخر .
و بعدما نزلنا من المحطة ، أخذت مع آري نفس الوجهة بما أننا جيران فلا ضرر من أن نسير معا لبعض الوقت ، كان ظلام الليل حالكا بعض الشيء و شعاع عمود الإنارة يختفي لثانية و يعود لأخرى ، شعرت ببعض من التوتر و القلق ، فرغم صلابتي إلا أنني لازلت احتاج بعضا من الوقت كي اعتاد على المواجهات المباشرة ، فقلت مع نفس الابتسامة :
" الخروج مع الأصدقاء بعد المدرسة كانت فكرة رائعة ، لقد حظيت بوقت ممتع جدا "
ضحك آري بخفوت و سخرية ثم قال :
" لست مجبرة على إرتداء هذا القناع الآن ، يمكنك خلعه فأنا أود رؤية وجهك الحقيقي "
ياللهول يا فتى ! ستراه يوما ما بالتأكيد و لكن ليس بهذه السرعة ، دعني استمتع بحفلة التنكر هذه ..
و عندها أضاف آري :
" لقد علمت الحقيقة منذ أن بدأنا طريقنا إلى المحطة ، على كل حال لماذا كانت يداك تتآكلان بتلك الطريقة ؟ هل انت مشتاقة لضرب أحدهم لهذه الدرجة ؟ أتعلمين ؟ خداع الجميع بهذه الطريقة المقرفة هو أمر يدعو للغثيان ، اللعنة! لماذا لا تتوقفين عن هذا فحسب ؟ "
فسرقت ضحكة آري للحظة و قلت بنبرتي الحقيقية الباردة :
" ما الذي تعلمه عني على كل حال ؟ "
ثم استرجعت قناعي الدافئ المبتسم و قلت بصوت لطيف :
" عادة ما تنجح طريقة كسر الجليد لمعرفة مشاعر الناس المخبأة ، لكن صار هذا الأمر تقليديا للغاية ، لماذا لا تجرب شيئا آخر ؟ "
ثم لاحظت أنني وصلت لمنزلي ، فقال لي آري قبل أن يغلق باب بيته :
" بالمناسبة ، انا لا استخدم المستحضرات " .

و هنا إنتهى الفصل الأول
انتظروني في الفصل القادم ❤

قلبك وجهة ؛  بلا عنوان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن