حياتي وطفلي

حذفتُ مِنْ فِكري عصفوراً يطير

وحبستهُ حتى يختنقَ ذاك الصغير

فضغطُ عليهِ وقلتُ أكرهُكَ مادُمتَ صغير

ضعيفُ الجناح خفيفٌ لطيفْ

في نضري رجلٌ شريرٌ كبيرْ

أخاف أن يتبعني شبحهُ الخفيفْ

أبتعد عنه هارباً

فروحه بركانٌ يصيح

أَخْطَأْتَ فبذرت بذرةً في القمر

ولم أستطع ولوجها لاقتلعها من جديد

فنبتت جزء فجزء

وقلبي يتخبط شارداً أحمراً كل الحديد

الناس في أفواههم جمرةً من نار

يتلفضون فيطلقون منها شُهباً

تحرق من أعتنق الأرض

ويقولون أليس بزرعٍ جديد

كرهتُ ذاك الزرع أصلاً

فلا أحبذُ طفلاً لطيف

أحملوني إياهُ غصباً فرميته

وقالوا إضربه فضربته

كل ماكن يجول في خاطري

أنه شبح يكبر يوماً فيطير

ماعلمت لنفسي أنني أكره طفلا صغير

بل أراه يلعب بين الشمس والارض

فرِحاً قلباً طيباً لطيفْ

وبسمهٌ في شفاهه

حبة توتٍ شامي أحمرا

قلت ماعلمت لنفسي أكره طفلا صغير

بل علمت أني أنا شبح كبير

خالط الدنيا بكل أطعمتها

فكرهها وأسقط من عينه فكرة شتل جديد

أأزرع ورداً فينبتُ شوكاً كأبيه

فيكرهني كما كرهته وهو صغير

شاء القدر أن ألمس الارض

وينبت أقحوانا جميل

زكيا طيباً رقيقاً ناعماً

حملته فذاب الفؤاد خلفه

وطار الشبح من فكري وحلق لبعيد

وبقي الصغير صغيراً في نظري

حتى ولو كبر يوماً

مايهمني الان سوء مداعبة ذاك الصغير

فلم أعد أخشى شبحاً

ولا رجلاً شرير

هذه حياتي مع الصغار

كرهتهم وأحببتهم

وحين ملكت

لم يبقى سوى حبهم

تعلمت منهم

أن الحياة هكذا تدور

يولد فيموت صغيرٌ فيكبر