(1)

7.1K 82 8
                                    

بقلم : نهال عبد الواحد

إن القلوب تتحرك وتختار من غير مبررٍ ولا سؤال، عندما يقع القلب في هوى العشق يتوقف العقل تمامًا حتى عن إدراك أبسط الحدود، خاصةً إن لم ينجح في السيطرة عليه من البداية...

يرى أن قلبه هو أكبر مبرر لأي فعل حتى لو اخترق العادات والقوانين وكل شيء، ويرى نفسه هو المحِق ومن على صواب.

ليصطدم بواقعٍ مرير لا يعلم لأين يذهب به!
لكن مؤكد أنه قد أسقطه في هاويةٍ كبيرة حتى لو كانت هاوية العشق.

من زمنٍ بعيدٍ، العقود الأولي في القرن الماضي وقبل تحوّل مصر من  النظام الملكي إلى الجمهوري حيث كانت مصر تشبه الدول الأوربية في تصميمات الشوارع، هدوءها،نظافتها وهيئة البيوت والقصور وتصميماتها المبدعة، في أنظمة التعليم وأشكال المدارس والمستشفيات، حتى الملابس والأزياء سواء زي الرجال أو النساء، كانت مصر حقًا قطعة من أوروبا.

كان المجتمع راقيًّا بحق ومفعمًا بالأخلاق الطيبة رغم بساطة العيش وصعوبته.

وكان المجتمع في مصر يتمثل في طبقتين، طبقة النبلاء وتتمثل في الأسرة الحاكمة وكل من شايعهم من البكوات والبشوات وغالبًا ما كثر فيهم غير المصريين والأجانب، وكانوا يتمتعون بكل شيء قصورٍ لا حصر لها وأراضٍ شاسعةٍ بل وكثير منهم يصل للنظارات (الوزارت) ويلتحق بأعلى المناصب ويتمتع بأرقى الإمتيازات في كل شيء.

وكان أبناء تلك الطبقة يتعلمون على يد معلمين يأتون بهم إلى القصور وفي بعض الأحيان يرسل الآباء بأولادهم لإتمام التعلم بالخارج في إحدى دول أوروبا، لكن غالبًا ما يكتفون بتعلمهم في القصور فهؤلاء يعملون غالبًا بإدارة أملاكهم وليس أكثر من ذلك فهم خلقوا للترف والتنعم وليس للعمل.

فنجد أكثر الأبناء مدللين ويمارسون صورًا مختلفة الفساد، أما الفتيات فتظل في البيت تتعلم اللغات المختلفة والموسيقي وأحيانًا الفروسية والأشغال اليدوية من باب التسلية، فهن خلقن أيضًا للتزين والترف.

والطبقة الثانية هي طبقة العمال والفلاحين وهي من المصريين والتي منذ عقودٍ طويلة سبقت تلك العقود وهم بمثابة رقيق وخادمين لتلك الطبقة النبيلة، أجل كانوا يتعاملون على أنهم مجرد عبيد ليس لهم أي حقوق ولا أجور وكأن عملهم عند الباشا فلان يكفيهم، وكانوا يلاقوا أسوأ ألوان المعاملة والذل، كانوا بحقٍّ رقيق بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

حتى أقل الحقوق الإنسانية قد حرموا منها، فمهما ظُلموا ليس لهم حق الشكوى ولا التقاضي، إذا مرضوا يُتركوا حتى يموتوا فهم مجرد صعاليك لا ثمن لهم، حتى ولو انتهكت أعراضهم من أحد النبلاء.

ولعل آلاف المصريين الذين عملوا بالسخرة وراحوا ضحايا في حفر قناة السويس هم أكبر شاهدٍ ودليل على تلك العبودية وذلك الرق.

(السقوط في هاوية العشق)  By:Noonazad. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن