-أليس هذا مثيرا للسخرية؟
رفعت نظرها بتعب نحو محدثتها الشقراء التي جلست أمامها بهدوء رغم التعب والإرهاق اللذين نالا منها هي الأخرى، الصمت سيطر على المكان بالكامل قبل هذه الجملة مما دفعها لتثبت نظرها على رفيقتها منتظرة إتمام هذه الافتتاحية، فهي لا تعرف حتى الآن إن كانت ستكون افتتاحية نحس أم خير
-أي سخرية هذه؟
حولت نظرها نحو شريكتها لتقول بهدوء غلفته المرارة الساخرة
-أننا سنعدم بعد نصف ساعة
رسمت هذه الجملة ابتسامة واهنة على شفتيها لتقول
-من قال ذلك؟
وأسندت رأسها إلى الحائط خلفها لتحدق في السقف الأسود مردفة
-لن نكون أول من يعدم في العالم
-ولكن المشكلة ليست في أننا سنعدم
وحولت نظرها نحوه صاحبة العينين السوداوين مردفة
-بل كيف سنعدم؟
ابتسمت الصهباء بخفة مستمتعة تعليقا على هذه الجملة لتقول
-تحت الشمس
أجبرت هذه اللهجة التجهم على اعتلاء وجه رفيقتها لتقول
-أتظنين فعلا أن هذا أمر مثير للابتسام؟
-ألا يبدو هذا لكِ مبتذلا، فمن غير العدل فعلا أن نقتل أسفل مصدر الحياة الأساسي على الأرض، إن هذا حتى إجرام بحق البشرية
-ليس فعليا
رمقتها الشقراء ببرود لتقول
-أأنتِ عاقلة أم لا؟
-لا يمكنني أن أؤكد هذا الجواب
عند هذا قالت بسخرية
-توقعت هذا
وعقدت يديها على صدرها بتجهم مسندة ظهرها للحائط بجوار رفيقتها التي ثبتت نظرها على الأسود الذي انتشر حولها لتقول بهدوء عاد إلى صوتها
-ليست المشكلة في أننا سنموت اسفل الشمس، فعلى الأقل هذا من وجهة نظري لا يعتبر فعليا موتا سيئا مقارنة بغيره، ولكن المشكلة الحقيقية هي هل ستحتمل الشمس متابعة هذا المشهد؟
أعادت هذه الجملة الهدوء ليسيطر على ملامح الشقراء التي قالت بنبرة أكثر اتزانا وهدوئا
-لا أظنها قادرة على ذلك
-وهذا هو سبب قلقي الحقيقي، فهل تظنين أنها ستسامحنا على إجبارها على مشاهدة هذا المشهد؟
ضمت الفتاة قدميها لصدرها لتقول محدقة بالأرض
-كلا، بل إنها ستلعننا حتى نهاية الحياة، نحن من سيجبرها على مشاهدة فظائع البشرية ودوامتها الدموية الخانقة التي لا يدرك المرء بالضبط ما سببها، أو ما الذي يدفع البشر لسلوك هذ النهج المقزز، هذا الطريق المغطى بالدم البشري والرؤوس الميتة والجثث المتناثرة هنا وهناك
أنت تقرأ
ابنتا الشمس
Krótkie Opowiadaniaحيث الموت رحمة ولكنه ليس جريمة حيث الجريمة مشهد أمام الطبيعة وحيث الطبية نور يطلب الرحمة