الفصل الثالث

195 59 15
                                    

مند يومان لم تستطع النوم بسبب تفكيرها المتواصل عن موضوع الخطبة الذي رفضه عمها بسب بناته. حقا انه رجل أناني. لا يفكر إلا في مصلحت بناته.
تنهدت بقوة و نزلت من الحافلة ثم صعدت الدرج بسرعة حتى وصلت أمام باب الشقة. ما إن فتحت الباب حتى أتتها رائحة زكية.
إنها تعرف هذه الرائحة جيدا.
إنها رائحة البخور. و معنا هذا، أن لديهم ضيف.

انتبهت إلى البيت المرتب و هدوء المكان. دلفت إلى المطبخ و وجدت ابنة عمها لمياء، التي كانت تجفف الأطباق.

"لمياء لما البيت نظيف هكذا ؟" سألت ريما و هي متلهفة لسماع الإجابة.

" ستأتي زوجة جارنا السابق لرؤية رنا و غدا سيأتي زوجها و ابنها لخطبتها." قالت لمياء بغير مبلا.
هنا انصدمت ريما بعد سماعها كلام ابنة عمها.
كانت مصدومة للغاية ، لم تستطع تحريك جسدها أبدا. كل ما يشغل بالها هو سؤال واحد فقط.

*لماذا*

لماذا؟ و كيف و لما يحرمها عمها من فرحتها و يعطها لغيرها. لما يحاول إدلالها و إشعارها على أنها مجرد خادمة. فهي في النهاية إبنة أخيه. أي من صلبه.
ولكن لا لن تسمط هذه المره. فهذا حقها هي. و ستأخد حقها بيديها و لا يهمها كيف.

تبدلت ملامحها المصدومة إلى جادة و اتجهت فورا إلى غرفة عمها. لقد حصلت على شجاعة كبيرة جعلتها قادرة على مواجهت عمها.

ما إن وصلت أمام باب الغرفة و أرادت الطرق حتى فُتح الباب. و إذ بها زوجة عمها تقف و هي مصدومة من رؤيتها.
لم تنتظر ريما طويلا و قالت: " لقد سمعت عن قدوم سيدة لخطبة رنا. و لقد سمعت أيضا كلامك مع عمي قبل يوميا." قالتها دون الشعور بأي خوف منها.

ارتبكت ملامح زوجة عمها قليلا. لكن سرعان ما استعادت نفسها. فهي تعلم أن إبنة أخ زوجها لن تستطيع عمل شيء فقالت: " مذا تعنين بكلامك؟ "

ابتسمت ريما بثقة عاليا. هي وحدها لا تعلم كيف حصلت على هذه الثقة فقالت: " أقصد أن تلك السيدة أرادت رؤيتي أنا و خطبتي لي ابنها، و ليس رنا من أرادت رؤيتها."

إغطضت كثيرا من سماع كلام ريما ولكن سرعانا ما تحولت ملامحها إلى ساخرة و قالت :" معك حق في ما قلته، لهذا السبب قلت لها بأنك مخطوبة لأحد ما و أقنعتها في أن تأتي لرؤيت رنا." قالت كلامها و رحلت من أمامها لتترك ريما في صدمة كبيرة.
لا تصدق ما فعلته زوجة عمها. بهذه البساطة تحرمها من فرحة، طالما ما تمنتها.

أسرعت إلى غرفتها و دموعها على وشك الهبوط. جلست فوق سريرها و بدأت في البكاء من قلبها.

لما يحدث هذا لها؟ لما ليس لها الحق في أن تفرح مثل باق الفتيات؟ لما هي تعيسة دائما و لا تستطيع أن تفرح بأبسط الأشياء؟ لما ولدت من الأساس؟ لا شيء يجعلها ترغب في الحياة.

قامت من الفراش و توجهت أمام المرآة و بدأت تحدق في نفسها و كأنها أول مرة ترا نفسها.
قامت بخلع حجابها و لم تبعد ناظريها عن نفسها في المرآة.
كانت عيناها الرمادية مملؤة بالدموع. و أنفها الصغير محمرا من شدة البكاء. و لقد كانت شفتاها باهتتان من الجفاف.
أيقنت أنها فعلا ممهملة بنفسها. ليست مثل باق الفتيات. الشيء الوحيد الجيد فيها هو شعرها الأسود الطويل. الذي يصل حتى نهاية ظهرها.
هي فتاة جميلة حقا و لكن صعوبة الحياة أخفا جمالها البسيط.

 ما بعد الظلام (متوقف حاليا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن