إنُه الكف عن البصر، وبيع البصيرة الأهوج.
دَقة، دَقة، ثم دَقتين. تدور خلال كل الحوائط الأربع، أحدهم يدق؛ ليتيقظ، مُدركًا ما على بعد خطوات قصيرة بينه وبين ما كان، ثابتًا.
تدور عيناه في شغفٍ عمّا يقيه العذاب الآتي، أربع حوائط، الجو خانق، لكنّ التنفس ليس عسيرًا، ليس الآن.
هو؟ من هو؟ لم يدري، لم يرد أن يدري، كل ما يدريه أن الندم لم يساوره، والهدوء يذكره حثيثًا، في موقفٍ كهذا، عليه بالإبتسام والتمدد أعلى ذلك المقعد غير المريح.
إنها الإريحية، إنها السَكينة.
يبدو المكان مألوفًا، كل ما عليه هو اختلاق بعض الكذبات -كعادته- وينفلت الأمر كـكل أمرٍ في هذا العالم.
لكنّ هذه المرة، فالعطف لن يستميله.
أهي الخشية؟ ليست كذلك. معدته تضطرب، ظهره يتخشب عند إدراك حواسه لمن يتقرب منه، صار خلفه.
«النسيان، بل التناسي، أتدري أين موقعه؟» همس الكائن، هاتفةً الجدران معه، صدر الصوت من خلال كل جدار، والآخر لم يحرك ساكنًا.
ابتسم، واسترسل بسلاسة.
«في باطن الذاكرة، يقبع خيار الكبت، إنه النسيان المَدفوع.»
«يندرج تحت ماذا؟» مازال الصوت يصدر من الجدران. يسير خلاله.
اتسعت ابتسامته.
«الحيلُ الدفاعية غير المباشرة، لا إرادية وليست شعورية، يمارسها الناس لمواجهة آثار الإحباط والصراع.»
أزيز حذاء الكائن الجلدي -الذي لم يستوضحه جيدًا في البداية- نتج عن تحرك ساقاه بخفة، حواسه استنتجت سريعًا.
«أحسنت، سيد فورِست، أحسنت، أثبتت أنك لم تنشأ طبيبًا عبثًا.» ضاحكًا يربت على كتفه، كيف يده؟ فاتته الفرصة في الإكتشاف، لكنها خشنة، التربيتة كانت خشنة، توحي بالقوة، وبأني أملكك.
كان منشغلًا في تحليل ماهية الكائن عن طريق صوته، صوته الذي لم يحدده أبدًا، هل هو ناشز؟ أم جهوري؟ رخيم؟ كلا، خانته أذناه في التحديد.
«من فضلك، ناديني آڤيس، لا داعي للرسميات.» ضحك بأناةٍ، متوتر؟ لا، كانت -الضحكة- حقيقية، بل جذابة.
«آڤيس، هذا لطفٌ منك. و الآن، أتدري موقعك؟» كأنه يستحثه للإجابة.
استمر سكون آڤيس، يتبعه نظرات متفرقة تمسح المكان، لقد مسح المكان مُبكرًا، ليس مظلمًا، ليس منيرًا، الأنوار خافتة فحسب، أين المصباح؟ بل أين الباب من الأساس؟ كيف ولج إلى هنا؟ حافظَ على رباطة جأشه.
أنت تقرأ
SATAN GETS INSIDE | يلجّه الشيطان
Mystery / Thrillerحضارة الإنسان تَخطها رغبة الاقتتال تُلوثها رهبة الاعتلال فاسعَ نحو الابتلال فذلك منفذُ الشيطان. - فائزة بالمركز الأول عن فئة الرعب بمسابقة نبتة مهمشة.