أوصيك بالحزن لا أوصيك بالجلد هو الحارث بن سعيد بن حمدان، كنيته أبو فراس، استقرّ أبو فراس في بلاد الحمدانيين في حلب، ودرس الأدب والفروسية، ولد في الموصل واغتيل والده وهو في الثالثة من عمره على يد ابن أخيه جرّاء طموحه السياسي، لكنّ سيف الدولة قام برعاية أبي فراس، وقد أوصى أبو فراس الحمداني بهذه القصيدة بالحزن على وفاة خولة بنت أبي الهيجاء:
أ
وصيكَ بالحزنِ ، لا أوصيكَ بالجلدِ
جلَّ المصابُ عن التّعنيفِ والفندِ
إني أجلكَ أن تكفى بتعزية ٍ
عَنْ خَيرِ مُفْتَقَدٍ، يا خَيرَ مُفتقِدِ
هيَ الرّزِيّة ُ إنْ ضَنّتْ بِمَا مَلَكَتْ
منها الجفونُ فما تسخو على أحدِ
بي مثلُ ما بكَ منْ جزنٍ ومنْ جزعٍ
وَقَدْ لجَأتُ إلى صَبرٍ، فَلَمُ أجِدِ
لمْ يَنْتَقِصْنيَ بُعدي عَنْكَ من حُزُنٍ
هيَ المواساة ُ في قربٍ وفي بعدِ
لأشركنكَ في اللأواءِ إنْ طرقتْ
كما شركتكَ في النّعماءِ والرّغدِ
أبكي بدَمعٍ لَهُ من حسرَتي مَدَدٌ
وَأسْتَرِيحُ إلى صَبْرٍ بِلا مَدَدِ
وَلا أُسَوِّغُ نَفْسي فَرْحَة ً أبَداً وقدْ
عرفتُ الذي تلقاهُ منْ كمدِ
وأمنعُ النّومَ عيني أنْ يلمَّ بها
عِلْمَاً بإنّكَ مَوْقُوفٌ عَلى السُّهُدِ
يا مُفْرَداً بَاتَ يَبكي لا مُعِينَ لَهُ
أعانَكَ اللَّهُ بِالتّسْلِيمِ والجَلَدِ
هَذا الأسِيرُ المُبَقّى لا فِدَاءَ لَه
يَفديكَ بالنّفسِ والأَهْلينَ وَالوَلَدِ