إصطياد الفراشة

21.5K 274 5
                                    


كانت الساعة تقارب الخامسة من مساء احد الايام يوليو الشديد الحرارة في لندن حين توقفت فتاتان من شدة الحر في مركز لورا وينستون لاعمال السكرتارية استرخت مارلين في كرسيها الدوار وجعلت تهوي بتحريك صحيفة مطوية امام وجهها واكملت حديثها. مع صديقتها كيت .ريحانة
قالت لها " لا بد انك تمزحين يا كيت" .
فأجابت كورتني بلايك الزهرة اليانعة الجميلة ذات الاثنين و العشرين ربيعاً, صاحبة القد النحيل و العينين الساحرتين والأنف الرقيق " لا ابداً , انا جادة تماماً فيما اقول" .
لم تصدقها مارلين التي تلاعبت بخصلات شعرها الذهبي قبل ان تقول " ايعني هذا انك لن تتزوجي مليونيراً اذا سنحت لك الفرصة ؟"
عادت كورتني الى الآلة الكاتبة امامها, لتضع اوراقاً معها وهي تؤكد "هذا ما أعنيه بالفعل".
فسألتها مارلين وهي تلوح بالصحيفة امام عينيها "ولا حتى هو ؟"
فهمت كورتني لماذا اثارت مارلين موضوع الاغنياء عندما تأملت في الصحيفة صورة رجل اسمر , له شفتان رقيقتان , واهداب طويلة وجاذبية قوية لم يستطع التصوير الردئ ان يخفيها .
تأملت الصورة ملياً وجه رجل يعرف كيف يتخلص من منافسيه , وقرأت تحت الصورة العنوان والتعليق التالي :
" هل عاد الملونير الشاب مع امواله ؟ يعود اليوم من تنغورينو - ايطاليا صاحب مقالع الحجارة جاك جوناس ومعه وعد شرطي من شركة بال هاربور الايطالية ويمكن اعتبار هذه الخطوة خطوة
منتديات ليلاس
اولى على طريق افتتاح منجم ويل دوراً للقصدير في كورن وول الغربية حيث كشفت عمليات الحفر مؤخراً عن احتياطي كبير من المعادن الخام, والسيد جاك جوناس هو المالك الفعلي لأحد انجح المقالع إلاردوازية في البلاد."
اعادت كورتني الصحيفة الى مارلين بصمت , وغرقت من جديد في عالم آلتها الكاتبة لكن فضول مارلين ذات الوجه الممتلئ كان اقوى من ان يقهر وظهر ذلك جلياً حين تساءلت :
"اليس هذا هو الرجل الذي ذهبت لنقل الرسائل عنه في الاسبوع الماضي ؟"
ارتبكت كورتني قليلاً قبل ان تقول " نعم, إنه هو "
واغرقتها امواج افكارها : نجحت إذن رحلة المليونير الكبير الى ايطاليا , لكن ... لماذا الاستغراب ؟ جاك جوناس شخصية آسرة , لا يؤمن بالفشل في اي شيء يفعله صدقت السيدة لورا ونستون حين اعتبرته احد رجال المال البارعين في البلاد . ريحانة
وقبل ان ترسلني اليه لادون له مراسلاته التي كتبها إبان رحلة عودته بالقطار من كورن دول, لقد اكدت السيدة لوراو ونستون ان من الرجال سيعيدون البلاد الى مكانتها الطبيعية في قيادة الأمم.
إن اعجاب السيدة لوراو ونستون بالأغنياء ليس بغريب فهم قوام مؤسستها لأعمال السكرتارية اما انا فلى رأي مخالف تماماً لرأيها في ملوك المال لاسباب خاصة لم اصارح لها احد حتى الآن ...واختطفتها مارلين الى بر الواقع من جديد قائلة "لم تقولي لي انه وسيم الى هذا الحد؟ ألم يكن العمل معه مثيراً ؟ ألم تتأثري بشخصيته ؟"
"تأثرت ... لكن ليس الى الحد الذي تتصورين ... "اغرقها فيضان افكارها, وهي تعرف انها كاذبة في تصريحها , تأثرت لشخصية ملك المال هذا, ولكن ليس بالطريقة التي تتخيلها مارلين يوم اجتمعت به , واحست بالنفور الذي تشعر به مع امثاله من الرجال الذي يعيشون لجني الأموال فقط, وقف بيننا حاجز صلب و زاد من ارتفاع هذا الحاجز كونه شاباً وسيماً , إذ له جاذبية خاصة ويعيش في كورن وول جنة احلامي, لكن لن افسر كل هذا لمارلين التي ما زالت في الثامنة عشرة وتتصور مؤسسة كهذه ينبوعاً للعلاقات العاطفية , وقطع عليها مسلسل افكارها رنين الهاتف.ريحانة
" إنه رنين هاتف السيدة لورا ونستون اليس كذلك يا كورتني ؟ سأنصرف الآن , واعدك ان انهي ماعلى طبعه خلال عشر دقائق صباح غد" ثم تطلعت الى كورتني وقالت معتذرة "هل ترى اني اخذلك؟"
" ابداً, اذهبي الى حيث تريدين وسأحل محلك في حال حدوث طارئ."
قالت ذلك وهي تتذكر , ركزت السيدة لورا وينستون على ان موظفاتها يجب ان لا يكن من عاشقات مراقبة الساعات , لأن هناك الكثير من الشخصيات الهامة التي تزور البلاد من وراء البحار , ناهيك عن رؤساء الشركات والمسئولين عن المبيعات الذي يأتون الى لندن من الضواحي, ويطلبون سكرتيرة متخصصة لساعة او اثنتين خارج اوقات الدوام الرسمي صباحاً او مساءاً.
هؤلاء الرجال لا يرحمون انفسهم من دوامة الاعمال الكبيرة , ودائماً على استعداد لدفع الكثير للسيدة لورا ونستون من اجل سكرتيرات لايعرفن معنى رحمة النفس ايضاً اما انا فمن اللواتي يعتبرن عالم رجال الاعمال هذا عالماً فاعلاً, سأهرب منه عند اول فرصة الى كوخ صغير هادئ في منطقة كورن وول مسقط رأس امي , تاركة خلفي دون أسف سباق الجرذان هذا ومديريه لكني مادمت اعمل هنا , فيجب ان اعمل بضمير , ثم ان لدي مشكلة المربية , تلك المشكلة الشائعة الملحة التي لا زالت تبحث عن حل لها, استلمت بشأنها رسالة هذا الصباح جاءتها مدون عليها الى عزيزتي الآنسة كورتني ...هي مازالت تصر على تسميتي الآنسة كورتني كما كانت تفعل طوال السنوات التي قضتها في خدمة عائلتي ( شكرا على رسالتك الحلوة , يسرني ان اخبرك اننا بخير هنا, القط مونتي الذي اعتبره افضل مؤنس لي في وحدتي, وصلتني رسالة ثانية من محامي السيدة غراي هذا الصباح أكد لي فيها انه بصدد اتخاذ اجراءات معينة بشأن البيت الذي اسكنه لأن السيدة غراي كانت قد تركته لابن اخيها في وصيتها وهو يريد بيعه لأنه بحاجة لبعض المال.
ترى ماذا يجب ان يكون جوابي يا آنسة كورتني ؟ إنهم لا يستطيعون طردي من البيت اليس كذلك ؟, لكني لا اريد ان اكون مصدر متاعب لأحد , وخاصة ابن اخ السيدة غراي لأنه شاب لطيف, ومن المحرج ألا أمتثل لإرادته , افكر باللجوء الى دار للعجزة في مكان ما, لكني لا اعتقد انهم يسمحون لي بالإبقاء على موتني أم هل تراهم يفعلون ؟)
هنا توقفت كورتني عن القراءة , واعادة الرسالة الى حقيبة يدها دون ان تكون لديها ادنى فكرة عما يجب ان تفعله وتأكد لها ان حل هذه المشكلة يحتاج الى معجزة.ريحانةمنتديات ليلاس
وانتبهت كورتني من افكارها عند خروج السيدة لورا ونيستون من غرفتها.
كانت سيدة في الاربعين من عمرها , انيقة , معتزة بنفسها , وقاسية عند اللزوم , صفات لا يمكن لمديرة الأعمال التخلص عنها إذا ارادت النجاح , كانت تصالح موظفاتها بلطف مدروس وبما ان كورتني كانت موظفة مجدة في مؤسستها فقد كانت من المقربات.
سارعت السيدة لورا ونيستون الى القول "كورتني .. عزيزتي .. لا زلت هنا .. عظيم , اتصل بي منذ قليل السيد جاك جوناس من مطار هيثرو سيذهب الى بيته اولاً ثم الى كورن وول مساء بالقطار ويتساءل ان لديك الوقت لمساعدته قبل رحلته اكدت له اني سأرى اذا كنت موجودة وسيعاود الاتصال بعد دقائق "
" هل طلبني انا بشكل خاص؟"
" نعم , قال انه اذا لم تكوني موجودة فلالزوم لتكليف اية موظفة اخرى هنا"
تذكرت كورتني انه رغم قناع البرود و الهدوء الذي يستتر السيد جاك جوناس وراءه, فهو انسان ايجابي , واثق من نفسه ويعرف كيف يلح على ما يريد .. وعاد بها صوت السيدة لورا وينستون الى الواقع " هل تعتقدين ان بأستطاعتك تدبير الامور ؟ اعرف انك قمت بالكثير من الاعمال الاضافية في الفترة الاخيرة لكني سأكون من الشاكرات اذا وافقت على الذهاب"
طمأنتها كورتني وهي تنقذ اوراقاً من براثن الآلة الكاتبة " حسناً سأذهب " قالتها وهي تفكر بالمال الاضافي الذي سيضاف الى مدخراتها التي لن تكفي مع الأسف لحل مشكلة مربيتها الحنون , تساءلت" الاجتماع في المكان المعتاد , أليس كذلك؟"
وتراقصت في مخيلتها صورة بيت فخم في منطقة جرين بارك الراقية.
" نعم عزيزتي وشكراً لك , هاهو جرس الهاتف يتعالى من جديد , اعتقد ان صبر الرجال قد نفد " وتابعت وهي تنسحب الى مكتبها " اركبي سيارة اجرة وسأضيفها الى حسابه"
"سأفعل" لكن الحظ لم يحالف كورتني في ايجاد سيارة اجرة في تلك الساعة المزدحمة من ساعات النهار , مما جعلها تقرر السير على الاقدام.ريحانة
كانت الشمس لا زالت تلسع الأرصفة المكتظة و الشوراع بسياط حرارتها اللاذعة التي جعلت كورتني تتصبب عرقاً وتهرب بذكرياتها الى كورن وول حيث كانت تتمتع بزرقة السماء ورطوبة الصخور ونداء الطيور.
تاركة اصابع الهواء العليل تداعب وجنتيها الغضتين , لكن ما جدوى الاحلام , مادامت لن تستطيع الذهاب في اجازة قبل ان تفي بالديون التي اثقلت كاهلها تجاه مربيتها, تلك الديون التي تجاوزت حيز المال.ريحانة
كانت في الثامنة عشرة من عمرها , عندما انهارت امبراطورية ابيها , رجل الاعمال المعروف الذي راح ضحية ازمة قلبية بسبب حالة انسحابه من دنيا العمل, تركها وحيدة دون سند , عذبها , تخلى اصدقاءها عنها, وآلمها ترك روجر خطيبها لها , حتى انها تمنت الموت وسيلة للخلاص.
منتديات ليلاس
لكن مربيتها الحنون ظهرت في حياتها لتهبها الحب والامل اللذين ساعداها على البداية من جديد , كانت البداية في احدى مؤسسات التدريب على اعمال السكرتارية في لندن, دفعت السيدة لها مصاريفها من مدخراتها الخاصة, كانت المسكينة تقول دائماً ( انت فتاة ذكية يا آنسة كورتني ويجب ان تتاح امامك افضل فرص التدريب حتى تستطيعي الحصول على وظيفة ممتازة فيما بعد) واثبتت الظروف اخيراً بعد نظر المربية العزيزة, وصدق حدسها , ذلك عندما استطاعت كورتني الحصول على وظيفة عند السيدة لورا ونيستون براتب ممتاز ترك لها المجال مفتوحاً لاستجار شقة , لكنها فضلت العيش مع اربع فتيات في منزل كبير قديم في منطقة هاي جيث, والعمل بجد حتى تستطيع توفير المال اللازم للوفاء بدينها للسيدة العجوزة الطيبة, بعد ذلك ستكون الفرصة سانحة امامها للتفكير بنفسها وحياتها بعيداً عن انياب العالم المالي الذي نهش يوماً والدها , لكن التوفير لم يكن سهلاً في مدينة مثل لندن , يلتهمها الغلاء , ويتلاعب بها التضخيم المالي في وظيفة مثل وظيفتها ويجب التفكير دائماً بالمظهر والهندام من اجل إعطاء فكرة حسنة عن المؤسسة بشكل عام .منتديات ليلاس
لذلك كله كان عليها ان تتناسى فكرة السفر الى كورن وول في الوقت الحاضر , والانصراف الى العمل, والقناعة بقضاء عطلتها الصيفية في بيت المربية العزيزة الصغير في بريستول كما هي عادتها مفترضة ان البيت سيبقى لها يأويها , ويحنو عليها , المت الفكرة كورتني , فهربت من الألم الى احضان المروج الخضراء.
والامواج المتلاطمة التي ساعدها تركزها على ضفة الألم في داخلها بينما كانت تشق طريقها عبر شارع البيكاديلي وشارع ريجنت حتى وصلت الى البناء الضخم الذي يعيش السيد جاك جوناس في احدى طوابقه.
في داخل البناء المكيف احست كورتني ببرودة تسري في اوصالها , وعندما ابلغها المسؤول عن البناء ان السيد سانت اوين لم يصل بعد , اتجهت الى غرفة ايداع المعاطف الموجودة في الطابق الأرضي لفحص هندامها والتأكد من حسن مظهرها وبعد تلك المسيرة الشاقة عندما انتهت من تنسيق هندامها صعدت لتنتظر المليونير الكبير السيد جاك جوناس والذي وصل بعدها بعشر دقائق واجتاز المدخل...
اسمر طويل جذاب وممتلئ بالثقة بشكل جعلها تنفر منه اكثر لانه كان من اولئك الذين يملكون المال والشباب, يبدو انه لم يتجاوز الثالثة والثلاثين من عمره برغم القوة و الوسامة , هذا الى جانب ثقة كبيرة بالنفس.ريحانة
تأملته وهو يقترب منها بقميصه الحريري الابيض وبدلته البنية الرائعة وكأنه قادم من اكبر محل للازياء الانيقة وليس من رحلة عبر المحيط الأطلسي.
كانت تعرف انها تحتقره لكن طبيعة عملها تفرض عليها الالتزام بحدود الأدب واللياقة لذا قالت له حالما اقترب منها " مساء الخير يا سيد جاك جوناس"
اجابها ببساطة بعد ان ابتسم للمسؤول عن البناء وفتح امامها باب المصعد" اشكرك يا آنسة بلايك على حفاظك على مواعيدك يمكننا الصعود الآن "
انتهت رحلتها القصيرة بالمصعد عند الطابق الثاني ليفتح باب بيته , ويفسح لها المجال للدخول وتذكرت الشقة التي زارتها مرة من قبل.
وضع جاك جوناس حقيبة اوراقه على منضدة امامه وجلس قبالتها على كرسي جلد فخم وقد ظهر عليه التعب , امتدت يدها الى حقيبتها لاستخراج دفتر ملاحظاتها قبل ان تقول بلباقة " اتمنى ان تكون قد قمت برحلة ناجحة يا سيدي "
مرت دقائق دون ان يعيطها اية اوراق او يقول اية كلمة مما اقلقها وتركها تتطلع باتجاهه لتلاحظ انه يتأملها بشكل بعيد عن دنيا العمل والرسائل.ريحانة
سمعته يقول " اتركي دفتر ملاحظاتك ودعينا نتناول شراباً خفيفاً اولاً" ترك مكانه لتحضير الشراب وهو يقول " ماذا تفضلين ؟"منتديات ليلاس
" عصير الليمون من فضلك "
" كنت افضل لك شراباً اكثر اثارة "
" لا شكراً .. ما طلبت يكفيني"
بعد ان احضر لها الشراب استراح في كرسيه الفخم , وراح يدخن سيجاراً انتقاه من علبة ذهبية امامه , واستمر يراقب كورتني ويتأمل حركاتها استمرت مراقبته لها وتأمله لحركاتها فقضى على كل شعورها بالراحة مما جعلها ترشف من كأس العصير امامها رشفات متلاحقة عصبية نتيجة لنظراته تتفحصها وكأنه يبحث في مفاتنها عن شيء يثيره , نعم انه شاب جذاب لكنه سيدها في العمل حاولت اقتناص نظرة الى وجهه الأسمر الجميل فالتفتت نظراتهما لفترة وجيزة فغضت طرفها بسرعة , لكن ذلك لم يمنعها من تأمل ملابسه الانيقة وحذائه الباهظ الثمن رددت ,يمكن ان اكسو نفسي بالكثير من الملابس طوال السنة بثمن هذا الحذاء .
كانت اعصابها قد بدأت تتوتر فعلاً عندما سمعته يقول " آنسة بلايك اعرف ما سأقوله سيبدو شخصياً ولكن لي اسبابي الخاصة لذلك , هل لديك هنا اية ارتباطات من اي نوع , زوج او ربما صديق ؟"
فجأها بسؤاله فلم تملك إلا النطق بالحقيقة " لا ياسيدي ليس هناك اية ارتباطات "
" وهل ما زالت لديك الرغبة القديمة القوية للذهاب الى كورن وول ؟"
ادهشها تذكره للحديث القصير الذي تبادلاه لدقائق قبل البدء بالعمل في العام الماضي, اظهرت فيه رغبتها بالأقامة في كورت وول وحبها للعودة لزيارة تلك المنطقة مرة اخرى.ريحانة
" بالتأكيد يا سيدي من لا يحب الهرب من حر لندن في هذه الايام الى رطوبة تلك المنطقة"
" حسناً سأعرض عليك عرضاً"
استولى عليها الخوف وتركها فريسة لافكار اتعبتها , اذن هذا هو مايريده! كان عليّ ان اعرف انه من هذا النوع من الرجال , وفي خلال ثوان كانت قد هبت من مقعدها واضحت على أتم استعداد لترك المنزل.
قالت له " سيدي لقد اتيت الى هنا لتملل على رسائلك فقط ارجو ان تسمح لي بالأنصراف"
" ما سبب هذا التوتر يا آنسة بلايك ؟ اعتذر اذا كنت قد انتقيت كلمات غير مناسبة , دعيني اقول ان عندي مشروعا قد يثير اهتمامك ,من فضلك عودي الى جلستك, واسمعي مني خطوات المشروع, هذا افضل دعينا نبدأ من جديد وبكلمات جديدة, لا يمكن ان يساء فهمها انت تحبين الذهاب الى كورن وول وانا اقيم هناك وبحاجة للماساعدة التي بامكانك تقديمها لي , لذلك ارى انه من الأفضل ان نوحد جهودنا ؟ هاهو المشروع امامك ترى هل اعجبك طريقة عرضه ؟ هل تجدينه برئياً بما يكفي؟"
حملقت في وجهه متسائلة "هل يعني هذا انك تعرض علي فرصة للعمل في كورن وول ؟"
" نعم , لكنه عمل مؤقت .. لنقل شهرين تنالين خلالها راتبك من المؤسسة مع مصاريف الاقامة العامة في كورن وول بالطبع يضاف الى هذا كله مكافاة قد تصل الى خمسمائة استر ليني على كل لن ننهي هذا الموضوع الآن "
ارسلها كلامه الى دنيا الاحلام , شهران في كورن وول .. ما اسعدني , لكن هل سيساعدني على حل مشكلة مربيتي العزيزة .
تأملها قبل ان يسأل "ما رأيك ؟ "
"في الحقيقة لا ادري .. عرضك مفاجئ, لابد من وجود سكرتيرة خاصة لك هناك "
قال لها " عندي سكرتيرة خاصة في مكتبي لكني افكر بسكرتيرة منزلية اذا صح التعبير لان وارن لندس رجل الاعمال المعروف سيكون في انجلترا خلال هذه الفترة و حتما ستكون هناك ضغوط متزايدة تتعلق بمشروع ويل دورا "
بقى التردد يلف كورتني فسأله" ولماذا تختارني انا بالذات ؟"
تأملها وامعن النظر بها من رأسها حتى قدمها قبل ان يقول " اعتقد انك ممتازة لمثل هذا العمل.. وعموماً ليس لدي الوقت لافتش عن سكرتيرة جديدة , هل تستطيعين تحضير نفسك لمرافقتي في السهرة الليلة"
زحف التردد الى نبرات صوتها " يجب عليّ استشارة السيدة لورا وينستون , وتدبير المسكن الذي اعيش فيه , ثم هناك تحضير الحقائب لا اعتقد اني ...."
منتديات ليلاس
نهض باتجاه الهاتف وهو يقول " لا أرى اية مشكلة في ذلك كله , ماهو رقم هاتف السيدة لورا وينستون؟"
راقبته وهو يدير قرص الهاتف وسمعته وهو يتكلم مع السيدة لورا وينستون بطريقة تقطر جاذبية من قبل ان يسلمها سماعة الهاتف قائلا "تكلمي معها بنفسك"
قالت لها السيدة لورا وينستون بحماس" بالطبع يمكنني الاستغناء عنك, ويسعدني كثيراً ان يكون السيد جاك جوناس قد اختارك للعمل معه, فالعمل خارج المؤسسة مفيد لتوسيع الافاق ولسمعة المؤسسة , اصدقك القول يا عزيزتي , ان هذا الرجل يختلف عن كل الرجال و إلا ماسمحت لك بالذهاب معه للعمل "
تأملت كورتني الرجل الجالس امامها قبل ان تسأل " هل انت متأكدة ؟"
" نعم يا عزيزتي , فهو سليل عائلة عريقة اتصلي بي عندما تعودين وانا واثقة من انك باجتهادك ستعطين افضل فكرة عن المؤسسة "
" ارجو ذلك يا سيدتي , استودعك الله " وضعت كورتني سماعة الهاتف مكانها , وشعور بإنعدام الاوضاع حولها يعذبها ثم قالت " لقد وافقت على العمل لديك مؤقتاً يا سيدي , ارجو ان تكون السيدة وينستون محقة في رأيها "
عقد حجبيه قائلاً " هذا ما أتمناه انا ايضاً"
فجأة اتخذ وضعية رجل الاعمال قائلاً" سنقوم الآن ببعض التنظيم , ولنبدأ ببادينجون حيث اتمنى ان اجد لك مكان للنوم"
" استطيع النوم في اي مكان , لست من النوع الذي يهتم بهذه الامور"
" كلامك يدهشني , فكرتي عنك تخالف ما أسمعه الآن , على كل حال إذا لم اجد لك مكاناً فسنؤجل الرحلة الى صباح الغد"
" بإمكانك ان تسافر الليلة وسألحق بك غداً"
" كلا , يا سيدتي, لا يمكنك فعل ذلك بي , فأنت الآن ملزمة بتنفيذ اتفاقنا وسأبقى فلا أسألك حتى نستقل القطار سوياً "
وسمعته يبشرها بوجود مكان قائلاً" عظيم , احد المسافرين الغى رحلته جاء دورك الآن يا آنسة بلايك , اتصلي بفندق وسترن لحجز طاولة لاثنين بينما انظم انا شؤوني, ويمكننا التوجه الى المحطة بعد العشاء مباشرة , اتصلي بباركر , كان ضابطاً سابقاً في البحرية اسأليه اذا كان يستطيع تدبير سيارة لنقلنا بعد خمس دقائق, سنذهب الى بيتك لجمع اغراضك وبعدها الى الفندق"
تركها وحدها بفعل ما طلبه خطوة بخطوة, وهي تتخبط في بحر افكارها: هذا الانسان مليء بالحيوية, واثق من نفسه ويصعب إرضاءه , لكن رأيي فيه لم يتغير , بل بالعكس زاد رسوخاً , اني اكره امثاله من الرجال اللذين يتصورون من حولهم من البشر ماهم إلا حجارة شطرنج يحركونهم دون رحمة وفقاً لأهوائهم , وهذا مايفعله بي السيد جاك جوناس الآن , ولا بأس ان اخفيت احاسيسي نحوه من اجل قضاء ايام حلوة في كورن وول منبت احلامي ولكن , الى اي درجة استطيع إخفاء تلك الاحاسيس؟ الله وحده يعلم.

نهاية الفصل الاول

لعبة الحب للكاتبة مارجري لوتي_روايات دار الحسام_حيث تعيش القصص. اكتشف الآن