اَلْفَصْلُ اَلْأَوَّلْ

267 23 68
                                    

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية، دجنبر 2018 – ليلة رأس السنة

بالنسبة لشخص مثل زين فالمكان المثالي ليتواجد فيه في يوم كهذا، هو ميدان التايمز سكوير الشهير حيث يتراص الناس في الشوارع ليحتفلوا بقدوم السنة الجديدة، وسط الموسيقى الصاخبة، والأضواء المشعة، أو بالنسبة لمن هم محبون للخصوصية، فقضاء ليلة السنة في أحد الملاهي الليلية يبدو فكرة ممتازة أيضا. لكن زين، ليس كباقي الناس، فبدل أن يسعى وراء المتعة، قرر أن يسعى وراء شيء أهم بكثير؛ المال.

جلس زين في قاعة الانتظار وفي يده قلم حبر أسود. على الطاولة أمامه تمتد ورقة واحدة بيضاء قضى زين أياما في تجهيزها. على الكرسي المقابل له، جلس رجل في بداية الأربعينات، ذي شعر رمادي وعيون غائرة. ملامحه كانت تعبر عن حجم مقته لـ زين وهو يتأمله باشمئزاز.

رفع الرجل يديه وحمل الورقة ثم قرأها للمرة العاشرة قبل أن يرمي نظرة ساخرة نحو زين ويقول، "هل أنت جاد أم أن هذه مزحة سخيفة؟"

رد زين بنفس النبرة الساخرة، "وهل في رأيك سأفسد على نفسي ليلة كهذه كي آتي إلى هنا وأمازحك؟"

ضحك الرجل ورمى الورقة على الطاولة وهو ينظر حوله. كانت القاعة مظلمة إلا من مصباح رث يتدلى من السقف. الجدران السوداء زادت الغرفة قتامة وجعلت الجو كئيبا ومخيفا.

زين متعود على هذه، ذلك أنها ليس أول مرة يدخل فيها إلى هذه الغرفة. عمله كمحامي جعله يدخل غرفة الانتظار هذه عشرات المرات كي يقابل المتهمين اللذين يوكلونه للدفاع عنهم.

رد الرجل بعد صمت، "لا. أنا لستُ موافقا."

"حسنا. أراك بعد غد في المحكمة." حمل زين الورقة بهدوء وقام من مكانه وهو يعدل رقبة معطفه بهدوء، "أقترح أن تتنازل عن إدارة الفندق لأحد أبنائك لأنك لن تستطيع القيام بعملك لخمس سنوات على الأقل. أتعلم لماذا؟ لأنك ستكون هنا. في السجن."

ثم حين التفت زين ليغادر، زمجر الرجل ونادى بغضب، "انتظر!"

توقف زين ونظر إليه دون أن يقول شيئا. ابتسامته المستفزة كانت تقول كل شيء.

قال الرجل، "ألا يمكنك أن تطلب أي شيء آخر عدا هذا؟!"

"لا." رد زين بهدوء وهو يضع الورقة من جديد أمام الرجل، "أنا أريد ذلك اليخت الذي تملكه. تنازل لي عنه، وسأخرجك من هنا."

"لكن اليخت يساوي أكثر ثلاثة ملايين دولار. هذا أكثر بكثير من الغرامة المالية التي سيحكم علي بها القاضي."

ابتسم زين وقال، "الغرامة المالية أمرها سهل جدا. في أسوء الأحوال لن تتجاوز بضعة آلاف. المشكلة الحقيقة هي ذلك المسكين الذي صدمته بسيارتك وهربت. إنه حاليا في غيبوبة ولا أحد يعلم متى سيستفيق منها أو إذا كان سيستفيق حتى."

Historia - هِيسْتُورْيَا | Z.Mحيث تعيش القصص. اكتشف الآن