الحديث الثالث

26 1 0
                                    



الاربعون حديثاً67
الحديث الثالث
العجب

الاربعون حديثاً68
بالسند المتصل الى محمد بن يعقوب ، عن علي بن ابراهيم ، عن ابيه ، عن علي بن اسباط ، عن احمد بن عمر الحلال ، عن علي بن سويد ، عن ابي الحسن ـ عليه السلام ـ قال : «سالته عن العُجب الذي يُفسد العمل ، فقال : العُجب درجات منها ان يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيُعجبه ويحسب انه يُحسن صنعا ومنها ان يؤمن العبد بربه فيمنّ على الله عز وجل ولله عليه فيه المنّ» (1) . 

(1) اصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الايمان والكفر ، باب العجب ، ح 3 .الاربعون حديثاً69
الشرح :(1)

 العجب ، انه عبارة حسب ما ذكره العلماء رضوان الله عليهم عن : «تعظيم العمل الصالح واستكثاره والسرور والابتهاج به ، والتغنج والدلال بواسطته ، واعتبار الانسان نفسه غير مقصر» . واما السرور بالعمل مع التواضع والخضوع لله تعالى وشكره على هذا التوفيق وطلب المزيد منه ، فانه ليس بعجب وهو امر ممدوح . ينقل المحدث العظيم مولانا العلامة المجلسي طاب ثراه ، عن المحقق الخبير والعالم الكبير الشيخ الاجل بهاء الدين العاملي رضوان الله عليه (2) انه قال : «لا ريب في ان من عمل اعمالا صالحة من صيام الايام ، وقيام الليالي ، وامثال ذلك يحصل لنفسه ابتهاج . فان كان من حيث كونها عطية من الله له ، ونعمة منه تعالى عليه ، وكان مع ذلك خائفا من نقصها ، شفيقا من زوالها ، طالبا من الله الازدياد منها ، لم يكن ذلك الابتهاج عجبا . وان كان من حيث كونها صفته وقائمة به ومضافة اليه ، فاستعظمها وركن اليها ، وراى نفسه خارجا عن حد التقصير ، وصار كانه يمن على الله سبحانه بسببها فذلك هو العجب» . 
 اقول ، وانا الفقير : تفسير العجب بالصورة التي ذكروها صحيح ، ولكن يجب اعتبار العمل اعم من العمل الباطني والظاهري ، القلبي والشكلي ، وكذلك اعم من العمل القبيح والعمل الحسن . وذلك لان العجب مثلما يدخل على اعمال الجوارح ، يدخل ايضا على اعمال الجوانح فيفسدها ، وكما ان صاحب الفضيلة الحسنة يعجب بخصاله ، كذلك يكون ذو 

(1) الوسائل في مقصد العبادات ، باب تحريم الاعجاب بالنفس ، ويقول العلامة المجلسي ، «من الممكن ان يكون (ابو الحسن) المذكور في هذا الحديث الشريف هو الامام الرضا عليه السلام لان علي بن سويد يروي عنهما كليهما (عليهما السلام) (الامام موسى بن جعفر والامام الرضا) وان كان يروي عن الكاظم عليه السلام اكثر من روايته عن الامام الرضا عليه السلام . عفى الله عنه» . 
(2) نقلا عن بحار الانوار ، المجلد 72 ، ص 306 .الاربعون حديثاً70
العمل الشنيع ايضا ، اي انه يعجب بخصلته ، كما صرح بهذا ، الحديث الشريف حيث خصهما بالذكر لانهما خافيان عن نظر اغلب الناس . وسياتي ذكرهما ان شاء الله . 
 ويجب ان نعلم ايضا ان السرور الخالي من العجب والذي اعتبروه من الصفات الممدوحة انما يلاحظ بحسب نوعه ، كما سياتي بيانه في فصل من الفصول اللاحقة . 
 واعلم ان للعجب ، كما وردت الاشارة اليه في الحديث الشريف ، درجات : 
 الدرجة الاولى : العجب بالايمان والمعارف الحقة ، ويقابله العجب بالكفر والشرك والعقائد الباطلة . 
 الدرجة الثانية : العجب بالملكات الفاضلة والصفات الحميدة ويقابله العجب بسيئات الاخلاق وباطل الملكات . 
 الدرجة الثالثة : العجب بالاعمال الصالحة والافعال الحسنة ويقابلها العجب بالاعمال القبيحة والافعال السيئة . 
 وهناك درجات اخرى غير هذه ولكنها ليست مهمة في هذا المقام . ونحن ان شاء الله سنشير ضمن فصول لاحقة ، الى تلك الدرجات ومنشئها وما يمكن ان يكون علاجا لها . وبه نستعين . 

الاربعون حديثاًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن