١. مزادٌ على روح.

134 8 8
                                    



"وائل.." همست.

"وائل.." همست مُجددًا، لكن لا صوت أجابها. "استيقظ! هيا!" صاحت هذه المرة بحدة ليفتح الناعِس عيناه بغضب.

"ماذا هناك؟"

"إنها الثالثة صباحًا!" صاحت مجددًا لكن حُكمًا بحاجبا وائل المعقودان، هو لم يستنتج السبب.

"علينا الذهاب لأبو الخفاش.." قالت بهدوءٍ شديد، تلتفت يمينًا ويسارًا قبل أن تضيف: "لقد.. أحضرت المال." وأظهرت من تحت عباءتها حقيبة نقودٍ ذهبية.

تجهمت ملامح وائل. "لمَ هذه السيرة العكِرة مجددًا؟ تعلمين رأيي بالـ.. بالمشعوذين!" حتى نطق اسمهم كان ذا وقعٍ غير مريحٍ على وائل؛ فمن يثِق بشخصٍ قد خان أمانة الله وعصاه هكذا؟

"سأذهب من أجل حجابٍ فحسب.. أنت تعلم كيف تحسدني النساء." كذَبت، ليس في حسد النساء لها، بل بشأن حجاب. لم ترِد حجابًا، لقد أرادت أكثر.

"هناك حلول غير ذلك.. تحصني.." قال جاعِلًا إياها تندم على اختيارها له ليرافقها. امتلكت خمس أشقاء، وفقط أكثرهم تدينًا هو من طرحت عليه الأمر.

لذهبت وحدها، لكن ماذا سيقول الناس عليها وهي تسير في وقتٍ مثل هذا، ذاهبةً إلى ساحِر البلدة؟ لكنها كانت على درايةٍ بحظها الحسن، وكيف سيأتي الناس بألف عذرٍ من أجلها. لمَ لم تستطع نيل كراهية أحدهم؟ لمَ يقع الجميع في شِباكها حين تخاطبهم؟ كانت ناقِمةً على أكثر نعمةٍ مرغوبة. الرضا والسعادة.

لذا الذهاب مع شقيقها–فلا يتكلم الناس من أساسه–كان كافيًا.

"وائل، ستأتي أم لا؟" سألت. "أستطيع سؤال رحيم بدلًا منك."

تنهد، لا يريد كسر طلبٍ لها. كان يعرف كيف تكون النساء ضد بعضهن، لكنه لم يعرف كيف كان بمقدور شقيقته التخلص من حسدهم بكلماتٍ قليلة من لسانها المعسول وقلبها الأبيض، بدلًا من الذهاب لمشعوذ.

لكنها لم تفعل. حسد الناس لها كان ما يبقيها حيةً حتى الآن، تلك البغضاء البسيطة التي نهشت عظام تلكم السيدات كانت تسعدها. السعادة الحقيقية. ليس بسبب غرورها، بل لأنها مُتيمةٌ بكل ما هو بائس وبغيض. كانت مُدركةً لغرابة رغباتها وسواد قلبها، لكن ألم يمتلك كلٌ منا معنًى آخر للسعادة؟ هذه سعادتها، حتى وإن لم تلِق بمقامها.

نهَض وائل وابتسمت هي حينما شاهدته يتوجه لدورة المياه.

هَرعت إلى جناحها سريعًا، تلتقط شالها وتضعه فوق رأسها بنعومة، نظرت إلى انعكاسها في المرآة، ورأت ما كانت عليه. فاتنةٌ كالفتنة، متمردة، خبيثة، وأخيرًا في غضون ساعة أو أقل ستغنم بحريتها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 25, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

هذَيان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن