استيقظت من النوم مبكراً ، رفعت رأسي من على المخدة ، ونظرت لإتجاه نور الشمس ، الذي غطى جسدي من قدميا إلى نصف وجهي الأيمن . طقطقت رقبتي يميناً و يساراً ، وضعت قدميا في القبقاب الكويتش مركة نايك . قُمت إلى الحمام ، أخذ دشاً بارداً ، حتى أدفئ في هذا الشتاء اللعين ، و أخذت أنظر لوجهي ، الذي أهلكه الزمان بكوارثه . قامت زوجتي من نومها ، و أرتدت روبها الأسود ، منهمرة في الكسل بسبب الليلة الطاحنة التي قضاينها سوياً في السرير أمس . دخلت الحمام من بعدي ، ثم خرجت بعد نصف ساعة ، أحضرت الإفطار لنا . دخلت على أبنتي العزيزة كارما ، التي تبلغ من السن ثمانية أعوام ، تشبه الملائكة التي نراها في رسومات عباقرة الفن ، أيقظتها من نومها ، حتى تستعد للذهاب إلى المدرسة ، كان لدي رغبة في داخلي بأن أتركها نائمة ، فمعظم الأطفال يكرهون الإستيقاظ مبكراً للنزول إلى المدرسة ، و لكن تباً لأمها التي تجبرها على فعل ذلك ،
- كارما ...... كارما ..... يلله يا حبيبتي عشان نروح المدرسة .
- يوووه بقى .... أنا عايزة أنام يا بابا .
- يلله بلاش دلع .
قامت من نومها ، ثم نظرت إلي بدفء ، ثم لفت ذراعيها الصغار حول رقبتي ، تتنفس بهدوء ، وضعت يدي على ظهرها ، ألمسه بحنان ،
- الله .
- بابا بلاش المدرسة النهاردة ونبي .
- ليه ياحبيبتي .
- معملتش واجب العربي ، و المدرس هيعاقبني .
- محدش يقدر يعاقبك طول مانا عايش .... يلله ، قومي جهزي نفسك عشان نفطر .
أرتديت ملابسي ، ثم جلست على مائدة الصُفرة ، أتناول طعامي أمام زوجتي ، و بجانبي طفلتي الملاك . تنظر إلي زوجتي بعدم رضا عما أقوم به يومياً ،
- هتعمل إيه النهاردة ؟؟ .
- هروح النادي كالعادة ... أشرب قهوتي ، و بعد كدا هعوم شوية و أضرب نار .... و هاجيب كارما و نيجي .
- ياسين حبيبي ..... أنت مزهقتش من العيشة دي ؟؟؟!!! .
- عايزاني أعمل إيه يعني ؟؟!! .
- .... إيه رأيك لو تشتغل .... ، أنت علاقاتك كتييرة ممكن تشتغل ؟؟؟؟ .
- واللهي ... ، إيدي على كتفك .
- يعني إيه ؟؟.
- يعني لما الاقي الشغلانة اللي على مزاجي .... هبقى أشتغل .
- ههههه ، .... موت ياحمار .
- يلله يا كارما .
تركت زوجتي تنظر إليّ باشمئزاز كالكلب الأجرب ، الذي يتبرّز و يتبول في مكان عام ، دون الشعور بالذنب . ألبست كارما حقيبتها المدرسية ، المرسوم عليها دميتها المفضلة باربي . فتحت باب الشقة ، لأرى لوحة معدنية بارزة في بابي ، مكتوب عليها أسمي ، و يملأها التراب ، قومت بتنظيفها و تلميعها ، حتى يلمع أسمي ، المقدم / ياسين صبحي ، كالبريق .
أنت تقرأ
اﻹنسيوان
Science-Fictionضابط شرطة متقاعد في سن صغير بسبب ثورة يناير، يحارب مشروع سيدمر البشرية أسمه اﻹنسيوان هدفه تحويل اﻹنسان إلی حيوان يبحث عن شهواته دون تفكير