مئة أُغنية، وأنت

2K 213 218
                                    

"أحبّك"

تردَدت تلكَ الكلمة بذهنها، حتى لم تظُن أنها ستلحق بالزمن الذي توقّف دونها، لتتسمّر في النهاية محدّقةً بداكِنتيه. تحمِلان جميع الشهبان التي ذيّلتها بأُمنية واحدة؛ وهي أن تسمعَه يقولها.

وها هو يخبرها. تمامًا كما فعلت في كل ايماءاتِها، قلقها، والخُطى التي قطعتها معه. للتو سمِعت ما حلمت بشأنه لليالٍ طوال وأضنَت نفسها بالندم لعدمِ قولها له يومها.

شهقةٌ هربت بين شفتايها لمَا نهض وأطلقَ سراح كفَها، ليفتقد جسدها قُربه، فتبعتهُ لتنهض بدورها، ونظرت مرددةً "كل ما لدي كان بحوزتي هو ليلةٌ، ونصف يوم"

"ومئةُ أغنية أيضًا" أضاف مبتسمًا، فأمالت رأسها تستذكِر قبل أن تقول " لقد توقّفنا في التاسعة والتسعون".

وكأنه كان بانتظار استدراكها ذاك، كان قد حديثه وهو يبتعد خطوةً، ثم مدّ ذراعيه كدعوة لعناق لم تكن لترفضه وهو يهمس "لنتشارَك الأخيرة إذًا".

داعبت شفتيه أول كلِماتها، فسارَعت بمعانقته، ليشرع عندها بالدندنة بهدوء، يحيطها جيدًا بين أذرعه.

"في ذِكرى ضبابية بين الأحلام"

بعضُ الرحيلِ قد يخلّف ثغورًا

"سمعتُ همسَاتك باسمي"

لكن رحيلَه قد كان مختلِفًا.

"أصبح الصوتُ أكثر صفاءً، وكأنه يرشدني"

كان وداعه هو ما خشيتهُ آنثيا، ورغبت فيه بذات الآن.

"تمسك بي جيدًا، وتذكّرني"

ولأنهُ الوحيدَ الّذي أحبّته، قبل فواتِ الأوان.

"دقات الساعة، ونحن بين السحاب"

فلم تعُد نادِمة على شيء.

لقد تألّم، ورحلَ، لكنه لم يترك صدعه يؤذي سواه. وفضّل انهاء ذلك قبل أن تفقِده وهو على قيد الحياة.

لم تعتقِد أنها ستبقى لتكرر أسئلتها، ولن تصرخ في وجه الحائط بـلماذا حينَ تفقده مجددًا؛ لأنها أيقنت أنّ بعضَ الأشياء قد خُلقت لتبقى قليًلا كي نعيشها كاملة، وأنها لمّا ترحل كما يفعلُ كلّ شيء آخر، ستبقى كما لا يفعلون. وكان هو ما سيحيا ويظلّ باقيًا للأزل عندها.

رأيتُ هيڤنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن