بين أربع جُدران أقبعُ أنا و تصحبني الكثير من الذكريات التي لا و لن تعوض مهما طال الزمان ، لا صوت إلا صوت أنفاسي المثقلة المحملة بالحزن الدفين .. - لا ليس حزن ، لا يوجد بضعة حروف تُكَوِّن كلمة لتعبر عما بداخلي- و أيضًا صوت ابنتي التي لم يمضي من عمرها سوى ثمانية أيام فقط، ابنتي التي لم يُكتب لها أن ترى أمها ( نور ) التي ما لبثت أن وضعت ابنتنا حتى غادرتنا و تركتني أقاسي .
أخذت تبكي نور الصغيره - و كما أسميتُها كوالدتها - يوم ولادتها و كأنها تعي غياب أمها !
بكت كما لم يبكي رضيع قط . بعد أن وضعت ابنتنا أخبرني الطبيب أنها تريد أن تراني ، فدخلتُ مبتسمًا و أنا أحمل الصغيرة - التي كانت نسخة مصغرة منها- التي فُتِنتُ بها ، كانت نوري -و ستظل نوري- ممده على الفراش و وجهها يبدو عليه الإرهاق و هذا أقلقتي قليلاً .
كانت مغمضه عيناها لا تعي ما حولها ، فاقتربت منها و قبلت جبينها برفق ففتحت عيناها بضعف فابتسمتُ لها فهمستْ لي بصوت متحشرج : هي فين
فقربتُ الصغيرة اليها ، و ما أن رأتها و لمست بشرتها المخملية الرقيقة حتى أدمعت عيناها ، جَذَبتْها بوهن و استقرت الصغيرة نائمه علي صدرها فأمسكت نور بكفها الصغير للغاية و قربته إلى شفتيها لتقبله في حنان ، رفعتْ رأسها لتنظر إلى بعيون دامعة قائلة : هتسميها إيه
فابتسمت و انا أحمل كفها : اللي أنتِ عايزاه
فابتسمت بحزن لم ألحظه قائلة : سميها نور
فقلت لها بمزاح : و لما احب انده عليكي تيجو انتو الإتنين
فابتسمت و لم تعقب و سادت لحظات من الصمت و هي مغمضة عيناها فجلستُ بجانبها اتأملهما تاركًا نور الصغيرة كما هي في مكانها .
قطع تأملي صوتها تتأوه فقمت سريعًا قائلا لها :اجيبلك الدكتور
فأشارت برأسها ب لا و أشارت لي لأقترب و من الواضح انها كانت تريد شيء فاقتربت فهمست في أذني بنبره واهنه أكثر من قبل : خلي بالك من نور الصغيرة و ابقي احكيلها دائمًا عني .
رُغمًا عني أدمعت عيناي من كلماتها فنظرت بوجهها قائلاً بقلق بدأ يزداد مع شحوب وجهها : ايه يا نور الكلام ده ! .. انتِ تعبانه؟! أجيبلك الدكتور ؟
فأشرات برأسها بلا و حاولتْ حمل نور الصغيره من علي صدرها فساعدتها فطبعت قبلة علي عيناها الصغيرة فرمشت الصغيره إثر ذلك فابتسمت نور و لم تشيح بنظرها عنها و بعد برهه اعطتها لي فوضعتها علي مهد صغير بالغرفه و أشارت لي لأقترب مره أخري فاقتربتُ فاحتضنتني فحاوطها بذراعي انا الآخر بقلق صار إلي أقصاه و بعد ثوانٍ خارت قواها تمامًا فرفعت نفسي سريعًا لأجدها مغمضة العين و لا تتنفس ، شعرتُ و كأنما سُكب علي دلو من الماء المثلج ، حاولت إيقاظها و لم تستيقظ فخرجت سريعًا و أنا أصيح عاليًا بأنني في حاجه إلى طبيب ، فتم تلبية ندائي و دخل طاقم من الممرضات و يصحبهم الطبيب و بعد محاولات كثيرة باءت بالفشل لإيقاظها جاءني الطبيب قائلاً أن انتهي الأمر .
تلك الدقائق البشعة لا تفارقني ، عندما أنتهي العزاء و غادرت إلي منزلي الذي صار كئيبًا للغاية ، لم أدخله منذ أن رحلت صباحًا ، بمجرد ان خطت قدماي بالداخل و أنا أحمل نور حتي أدمعت عيناي ، كانت ترافقني أختي التي سترضع ابنتي فلديها رضيعًا يكبر نور بشهرين ، أعطيتها نور النائمة و طلبت منها ان تتركني وحدي .
تجولت قليلاً في البيت و أنا اتمنى أن ألمحها في اي ركنٍ و لكن لا يوجد أي شيء ، دلفت إلى غرفتنا ، لتدور برأسي العديد من لحظاتنا الخاصة ، المرحة، و حتي لحظاتنا أثناء مشاجرتنا، أغمضت عيني بألم ، و من ثم استجمعت قواي و فتحتها لتقع عيني علي قطعة من ملابسها ملقاه علي الفراش اقتربت و أمسكت بها و قربتها إلي أنفي علّي استنشق عبيرها مرة أخيرة ، و لكن لا شيء .. فقط رائحة قماش اشعرتني بالاختناق و لم أشعر إلا و أنا غارقًا في أدمعي لا أقوى علي فعل أي شيء .فتح عيناه و هو يلهث بشده فوجد نفسه في غرفته علي فراشه تلقائيًا تحركت عيناه الي المكان بجانبه فوجد نور!!
نور زوجته بجانبه نائمة و كل هذا كان حلم !!
لم يتمالك نفسه و أجهش في بكاء و هو محتضن نور بين ذراعيه مما افزعها فاستيقظت قلقه قائلة : مالك يا سيف في إيه ؟!
هدأ قليلا و مسح دموعه و ظل محتضنها فحاوطته هي الآخرى و بعد ثوانٍ ابعدته قائله بقلق و هي محتضنه وجهه بكفيها :مالك يا سيف ، فقال بصوته ذو البحة الطبيعيه: حلم وحش اوي ثم اكمل برجاء : ممكن تفضلي حضناني
فعدلت من وضعها و جذبته اليها لتكون رأسه علي صدرها و أخذت تمسح علي شعره فاحتضنها من خصرها و أخذ يفكر في الليله الماضيه قبل الحلم .
المشاجرة بينه و نور التي و انتهت بقوله لها انه تافهه و لا تشعر بمجهوده من أجل بناء حياه سعيده لهما و لابنتهما "عشق" عندما طلبت منه برفق أن يهتم كما كان في أول زواجهم و أنها تشتاق سيف زوجها الحنون، فانتهت الليله ببكاءها هي و بكاء عشق و بعدما ارضعتها دخلت الغرفه و تسطحت بجانبه علي الفراش دون أن تنظر بوجهه أو تعيره أي اهتمام.
أفاق من شروده علي صوتها قائله باهتمام : سيف انت كويس
فرفع رأسه و عدل من وضعه بجانبها قائلاً و هو يأخذ كفها و يقبل باطنه : أنا آسف ، انا و الله ما اقدر أعيش من غيرك
فابتسمت بحب و هي تمسح علي وجهه في حنان : مسمحاك فاقترب و طبع قبلة طويله علي جبينها فاحاطت عنقه بحب و ابتعد برأسه قليلاً هامسًا لها بصدق : بحبِك
و كاد ان يقترب مره اخري و لكن سمعا صوت عشق تبكي فنظر لها بيأس فضحكت قائله :معلش ، ثواني هشوفها فقال لها و هو مبتسم قبل ان يطيع قبله علي وجنتها : خليكي انا هقوم
و قام من فراشه الي المهد الصغير المجاور الذي تقبع به عشق فحملها و أخذ يهدهدها إلي ان هدأت و لكنها ظلت مستيقظة فنظر لنور بقلة حيلة فضحكت قأئله له : هاتها يا سيف
فجلبها و جلس بجوارها علي الفراش فثنت ركبتيها وجعلت عشق تستند بظهرها الصغير أليهما فصارت مقابله لهما و ابتسمت و هي تتأمل وجهيهما المألوفين فضحكا و قال لها سيف بمداعبه و هو يقرص وجنتها بيده برقه شديده: ينفع كده !!
فحركت يداها بحركه توحي بتجاوبها معه فقبل كفها الصغير المخملي .
-تمت-
ملحوظة: لو في فوتس كتتير ع البارت ده هنزل قصة تانيه بكره أو النهارده بليل ❤
شجعوني بليز😌❤
أنت تقرأ
خيالات ورديــة
Romanceمجموعة من القصص المختلفة ربما تَمُتّ للواقع بصلة ولكنها وردية، ربما ستجدين نفسك في واحدة من هؤلاء البطلات..💕