4

1.2K 97 6
                                    

كل المتاعب التي وَجَبَ عليها أن تكون بعد بلوغي العشرين ، أتت إليِّ منذ عمر العاشرة ، التواء الكلمات في لساني جعلني من أولئك المعاقين ، بُطء لساني جعلني من أولئك المُبْعَدون بعمدٍ واضح ، في السنتين الأولى لم أراني بحاجةٍ إلى أيٍّ من أصدقائي الذين ابتعدوا عنيِّ ، كنتُ مشغولاً بالنظر إلى كتب أخي التي تركها خلفها ؛ لم تكن لديه الفرصة لإختيار الأفضل منها لأقرأه .

و أحببتُ الأدب .

تخليتُ عن مشاهدة الرسوم المتحركة اليابانية و وضعتُ عينيِّ على الصفحات المخطوطة
تركتُ دراستي تهوي و علاماتي تتراخى و لم أُحس بإختلافي الذي نَفَرَ الجميع منيِّ إلى الأبد .

ثم أحببتُ الموسيقى الصاخبة .

حديثي قلَّ و انعدم ، و كلَّما تحدثتُ حاولتُ التخلُّص مما اتحدثُ به
أحببتني صامتاً و لم اعلم بأن محبتي للصمت كانت صدمةً عصبيةً فقط .

في عمر الثانية عشرة كنتُ الطفل الوحيد الذي يستطيع كتابة قصيدةٍ كاملةٍ ثم يَخطُّ السلم الموسيقي لمعزوفة بيتهوفن التاسعة ، كان اختلافي حينها أصعب مما استطيع به الإختلاط مع الفتية الأخرين ، و اتذكر . . يومي الأول في المدرسة بعد وفاة أخي .

أإضطرابُ لساني يعني إضطرابَ سمعي ؟

لا .. اعتقد بأنني لم اختلف عن الفتية الأخرين بما استطعتُ تحقيقه في سنتين ، أنا الفتى الذي قَتَلَ أخيه الطيب ؛ لم استطع ارتداء قناع البسمة حتى اللحظة ، و لا اعلم ما شعور أن تضحك بشدَّةٍ حتى تلْمَع العينين ، آه ؟

اعتقد بأنني حظيتُ بذلك ؛ لفترة ، لكنها كانت كذبةً ضخمةً جداً .

الجميع يَعبُر المحن و يتفوَّقُ على تعاسته
لماذا ما زلتُ واقفاً كطفل العاشرة و لم اعبر ذلك الجسر ؟

لهذا الحد أنا هَرِم ؟

أبهذه الصورة أنا كئيبٌ جداً ؟

حديثي عن معاناتي مع والداي يَسهُل عليَّ تلخيصها في سطرٍ أو اثنين ؛
كانت متعلِّقة في نجاتي بإضطراب اللسان ، يريدون أن أكون الوريث المستحق للشركة بلسانٍ فصيح ، يبتغون اخراس الألسن بوضعي في المقدمة بديلاً لأخي الميت .

نظروا إلى هشاشتي و كئابتي و انفجار المرارة تحت عينيِّ
ثم أشاحوا بعيداً ليُحمِّلوني وزر الممات و ذنب النجاة دون أخي

أنا اللون الأسود الذي يظهر جَليَّاً في منزلِ مَن فَقدَ عزيزاً ، لكن لا أحد يلاطفني بلونٍ مختلفٍ كي أعيش طويلاً ؛ قبل ثلاثةِ سنوات احتجتُ إلى صديقٍ واحدٍ أُوجِّهُ بعذوبة كلماته الندم ، قرَّرت الخروج من دائرة الوحدةِ قليلاً و ارتديتُ لباساً أنيقاً لا ينتمي لونه إلى لون السواد الخاص بألبستي و بي ، أردتُ أن اظهر بالمظهر الذي يدلُّ على وجود شخصٍ يُحب الحياة لكنه ما زال في العاشرة .

و . . تعلْمتُ بأن الأخرين ينفرون ممن لا يشبههم .

نمتُ في المشفى تلك الليلة فلقد أصابني ضيقٌ رئوي و اختناقٌ تنفُّسي ، ليس من المهم أن اكتب عن شعوري في عدم حضور والداي لأنني كتبتُ ما يكفي ، أكتبت ما يكفي حقاً ؟ تلك الليلة وقعت بأكملها على روحي كندبة ، لماذا لم ينظر إليِّ أحدٌ في الحفلة ؟

لأن لا أحد يكترث بصحبة فتى قَتل أخيه .

لأن لا أحد يريد مصاحبة فتى ينطق الكلمة عدةَ مرات .

كيف لي أن احقد عليهم و أنا لست مثالياً ؟

ارتكبتُ بي جُرماً عندما قفزت بنفسي إلى تلك الحفلة ، كان يجب أن ابقى في المنزل ناظراً إلى وجهي في مرآة الحمام كما المعتاد ، لا اعلم لِما عينيِّ رَطبةٌ بالدموع حتى اللحظة و في كل لحظات حياتي ؟ أينما كنتُ سأجد عينيِّ محتقنة برطوبةٍ مزعجةٍ و كأنني موشكٌ على البكاء ، السخيف بأنني أصبحتُ قليل البكاء !

لا يوجد أحدٌ يؤمن بمينقهاو ، لقد كتبتُ قصيدة و لم استطع قرائتها أمام قبر أخي خشيةً من الساعات التي سأقضيها أمامه ، سينزعج حتماً من حالة لساني كما والداي و الأخرين ، هو سريعٌ في الحديث بالمناسبة .

شفتيه نحيلة
لديه زاويتان حادتان في شفتيه
و هناك بروزٌ طفيفٌ في منتصف شفَّته العلوية
يملك عينيِّ سوداء ، شعرٌ أسودٌ قصير
يحظى بأنفٍ مدبَّب و ذقنٍ ليس بالمحدب
أظافره لا تنمو ، عظامه طويلة و صُلبة
يحب ارتداء الأقمصة التي لا تحتاج إلى ربطات عنق
و القبعات التي تشبه في تفصيلها لقبعة شارلوك هولمز
و البناطيل الزرقاء الثقيل قماشها و يكره الجوارب و الأحزمة

كان رقيقاً في ملامحه و في تربيتته على رأسي و في قصائده التي يكتبها و يخبِّئها ، لقد اطَّلعت عليها إذ أنها في غرفته ، لم أُعطيه الفرصة ليقرِّرَ ما يفعله به ، كم أنا لئيمٌ يا مَن تقرأ ؟

من الرقم واحد إلى الرقم عشرة ، ما هو تقييمي في اللؤم ؟

اعتقد بأنني اكسر حاجز الرقم عشرة .

يبدو كأنني سلبتُ منه حياته التي لم يرتِّبها بعد .

كان يسخر من ذراعاي النحيلة قائلاً ،

ما ستفعل بها عندما تَكبُر ؟ يجب عليك قصُّ الساعات !!!!

و حتى لحظة كتابتي هذه القصة أراني مجرد عبء ، ما الذي فعلته بحقِّ رب السماوات عندما أحببتُ الأدب و الموسيقى الصاخبة ؟ أخذتُ ما لديه لأُصبحَ ماذا ؟ لستُ إلا طفلاً غبياً ألزم أخيه الأكبر برؤية رسومٍ يابانيةٍ و هو يقود السيارة ؛ آه من السياراتِ و الجسور و الأنهار و أحزمةِ الأمان .

MAIL NOTICE - JUNHAO حيث تعيش القصص. اكتشف الآن