O.S إنترنت

42 9 29
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

.
.
.
.
.
.
.

الساعة 3:55

" ماتيلدا ، أقسم إن لم تتركي الهاتف حالا ، فإني سأقطع عنك
الإنترنت حتى العام القادم "

و كالعادة ، اخترقُ صوت والدتي الذي ليس بحادٍ أبدا ، طبلة أذني المسكينة ، تعيد تشغيل أسطوانتها ، التي أحفظها عن ظهر قلب ، كنتُ مستلقيةً
على سريري أتقلب من حين إلى آخر كالفقمة بكل كسل ، لا يهمني ما يحدث في العالم الخارجي بصراحة ،
استمع لصياحها و تهديداتها اليومية العقيمة

لا بأس ، لقد تعودت
هذا قد أصبحت كأني أعيد تشغيل شريط يومي كل يوم من بداية العطلة الصيفية ، تأتي كل يوم و توبخني
اسمع القليل من المحاضرات المملة عن الحياة الصحية التي تتناقض مع حياتي ، فأنا أقضي معضمها مستلقية أمسك هاتفي

أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي كما يزعمون ، أتحدث مع أصدقاء الإنترنت بمواضيع عشوائية ، و غالبا تافهة بلا معنى

أهدر وقتي و مجهودي بلا أي فائدة تذكر كما تقول والدتي ، حسنا أنا لا أنكر ذلك ، لكني لازلت أفضل حياتي الهادئة البسيطة

لكن يبدو أن أمي قد ذاقت ذرعا مني هذه المرة
دخلت غرفتي ترتدي مئزر المطبخ الأحمر هذا يوضح ما كانت تفعل لتتذكرني فجأة ، و أخذت تقترب من منطقة خصوصيتي تلك الدائرة الحمراء التي رسمتها لنفسي ، و هي تكاد تحطم الأرضية من الغيظ بخطواتها ، تكتفت أمامي غاضبة من تصرفاتي الامبالية

و عندما لم تجد أي ردة فعل تذكر مني غير رمشاتي المتكررة
سحبت الهاتف من بين يدي و كأنه حشرة مقرفة ، تمسكه بأطراف أصابعها

عدلت جلستي بهلع ، أنا كنت أرا طفلي العزيز يعامل كالقمامة ، قمت بإبعاد خصلاتي الفاحمة عن عيني ، لم أبعد مقلتي عن طفلي
ثم بدأت باللعب بطرف منامتي الرمادية القصيرة و التي تحوي الكتير من الخربشات الملونة ، صنعت وجها بريئاً
لعل و عسى تشفق أمي العزيزة و ترجع طفلي

" أمي الحبيبة هل تستطيعين إرجاع الهاتف من أجلي !؟ "

شكلت العديد من القلوب بيديّ و أناملي أقوم بصنع أصوات حاولت جعلها ظريفة قدر المستطاع ، محاولة إقناع أمي الحبيبة كما تعلمون !

نظرت لي بامتعاض و هي لاتزال على نفس الوضعية ، واضعة يدها اليسرى على خصرها و تمسك هاتفي بالأخرى و تهز رجلها بضجر و لم تنسى طبعا أن ترفع حاجبها بشكل أخافني قليلاً ، و مع كل هزةٍ تهتز الكعكة المصنوعة من شعرها ، أنا فعلياً لم أكن أسمع ما كانت تهذي به فقد كنت مركزة مع الكعكة الهتزة تلك

( إنترنت || O.S )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن