سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
قبل ما يزيد عن اربعين عاماً
يقف أمامها بشموخ ويضع يده في جيب بنطاله قائلا
هو: انتي طالق
هي بصدمه: ايه
هو: زي ما سمعتي مشوفكيش هنا تاني
هي وقد امتلأت عيناها الفيروزية بالدموع: ليه انا عملت ايه عشان تطلقني
هو ولم يرف له جفن: مزاجي زهقت منك
هي ببكاء ونبره صوت مرتعشه: بس بس انا حامل
هو بإبتسامة ساخره هحطلك فلوس في البنك تكفيكوا انتي وهو لحد ما تموتوا
ثم أولاها ظهره و تركها خارجا من تلك الفيلا
أما هي فجلست على الأرض تبكي بشده وهي تضع يد علي قلبها والاخري علي جنينها
هي: اااااااااااااااااه
لقد كسر قلب تلك الجميله وتركها وكأن شئاً لم يكن ولكن هذا هو يكسر قلوب الجميلات اينما وُجد هو مراد سالم الحناوي
عوده للحاضر
في احد القصور العريقه
حيث يُسمع صوت الكثير من الضجه والجلبه وحين تقترب تجد مجموعه من الرجال والنساء والاطفال في مختلف الأعمار يقفون في منتصف هذا الصرح العظيم الذي اقل ما يقال عنه أنه قصر
ثم فجأه هدأت الضجه وخفتت الاصوات ولم يبقي سوى صوت تلك العصا وهي ترتطم بدرجات السلم حيث يستند عليها رجل رغم التجاعيد التي تملئ وجهه الا أنها لم تستطع أن تخفي وسامته
أنه مراد سالم الحناوي ذا السبعين عاماً صاحب واحده من أكبر مجموعه شركات ومصانع في العالم فمصانعه تُصنع كل شيء من طعام وملابس وأدوية وسيارات ومستحضرات تجميل حتي أنه يملك مصنع للأسلحة والذخيرة خارج البلاد وشركاته تصدر وتستورد كل شئ يمكن أن يخطر على البال بالمختصر هو واحد من اغني أغنياء العالم فقد وهبه الله ذكاءاً لم يهبه لكثير من البشر فإستطاع أن يبني امبراطوريه عملاقه حيث أنه يملك أما مصنع او شركه او قصر في كل دوله من دول العالم
نظر في أوجه الواقفون أمامه واحدا تلو الآخر و إبتسامه حانيه تزين ثغره وفي داخله يردد
انا عارف إنكم مش هتسمحوني بسهوله بس انا لجأت له وهو مش هيخذلني ياااارب معايا
ثم قال بإبتسامه واسعه نورتوا قصركوا أقعدوا واقفين ليه
فجلس الجميع وجلس هو وبجانبه زوجته ثم أكمل حديثه قائلاً
مراد: طبعاً انا مش محتاج أعَرف عن نفسي انا قبلت الكل قبل كدا ودي بقي مشيرا علي المرأه بجانبه مراتي هدي ام عمر ورهف ثم اشار لأثنين من الموجودين واكمل ودلوقتي الدور عليكوا كل واحد يعرف نفسه وعيلته لباقي اخواته
فبدأ كلا منهم بتقديم نفسه من اليمن الي اليسار
بدأ الاول حديثه والذي كان يرتدي قميصاً أبيض اللون يرفع أول أكمامه وبنطال من الجينز ويتميز بقدر عالي من الوسامه فقد كان ساحرا بشعره البني وعيناه الخضراء وبشرته القمحيه قائلاً
أنا اسر مراد الحناوي 28 سنه بشتغل مدرس في مدرسة.......وخاطب مُدرسه زميلتي اسمها بسمه وبس كدا وانهي جملته بإبتسامه
ثم بدأ الثاني وقد كان يبدوا أكبرهم حيث كانت بعض الشعرات البيضاء تتخلل شعره الاسود الناعم وتلك البدله السوداء التي كان يرتديها كانت تزيده وقارا ولكن هذا كله لم يستطع أن يخفي وسامته الواضحة قائلا
انا سليم الحناوي 42 سنه صاحب شركات الفاروق للحديد والصلب ودي مشيرا علي الجميله التي تجلس بجانبه مراتي نهله ثم أشار إلى أحد الجوانب حيث كان يقف مراهق مستندا على أحد الحوائط ودا أبني يوسف 17 سنه ثم صمت كانت ملامح وجهه وهو يتحدث مقتضبة تدل علي انه لا يريد الجلوس هنا فحسب
بدأ الجالس الثالث بالتحدث وقد كانت إمرأه فائقة الجمال بشعرها المجعد الذي يتدرج لونه من الاصفر إلي البني وعيناها الزرقاء وفستانها اسود اللون والذي كان قصيراً للغايه بإختصار هي فقط كانت كتله من الجمال والانوثه تسير على الأرض
علا الحناوي 32 سنه ثم أكملت مشيره علي الجالس بجانبها مرات أحمد عز الدين اكبر محامي جنائى في البلد ودول ولادي زياد 10 سنين و كارما 8 سنين انهت حديثها بإبتسامه متكلفه
بدأ الجالس التالي بالتحدث بملامحه المشرقه ووجهه البيضاوي التي تزينه اللحيه وعيناه العسليه في الحقيقه كانت وسامته هادئه مقارنتاً بمن حوله ولكن ذلك الهدوء الذي يجذب الأنظار إليه
انا عبدالرحمن مراد الحناوي 35 سنه دكتور أطفال ثم أكمل بإتسامته العذبه التي ظهر علي أثرها غمارتين جعلوه أكثر جاذبيه قائلاً انا بجد فرحان جدا اني بقي عندي اخوات وكتير كمان ربنا يبارك لي فيكم
تحدث التالي والذي كان شاباً وسيماً جداً جداً بشعره الاسود الناعم وعيناه الزرقاء التي تشبه لون البحر وتلك البدله الرماديه التي تزيد وسامته وسحره وقد كان أكثر الجالسين شبهاً بوالده مراد
عمر الحناوي 25 سنه مدير شركات ومصانع الحناوي قال جملته الاخيره بنوع من التفاخر ولم يضيف شئ بعدها
تحدثت التاليه والتي كانت ترتدي جيب سوداء من النوع الطويل يعلوها قميصا وردي اللون و حجاب قصير يجمع بين اللونين يبرز بياض بشرتها وعيناها البنيه ورموشها الكثيفه قائله
انا ندي عندي 37 سنه ربه منزل بس دا عشان الأستاذ محمود جوزي مش بيحب إني أشتغل قالت كلماتها الاخيره وهي تنظر للجالس بجانبها بقليل من العتاب ثم أكملت محمود مهندس زراعي كنا زمايل في الكليه حبينا بعض وإتجوزنا بعد اما هو أتخرج كنت لسه في اخر سنه وجبنا علياء بعد سنه جواز ثم وضعت يدها علي أكتاف الاولاد الذي يجلسون أمامها ارضاً وتحدثت علياء حبيبتي عندها 15 سنه ونغم 13 سنه وعلي أخر العنقود 10 سنين وفرحانه إني هقعد معاكم هنا علي الأقل مش هقعد لوحدي لما محمود يروح الشغل والعيال يروحوا المدرسه وكان كل حديثها مصحوباً بإبتسامتها الجميله
تحدث التالي وقد كان شاب تختفي وسامته خلف تلك الملابس الباليه التي كان يرتديها فإن دققت النظر إليه سترى شعره الاسود المموج وعيناه التي لا تعرف لونها الحقيقي هل هي زرقاء ام خضراء ولكنه كان يبدوا أبسط الجالسين قائلاً
وحدوووه
رد الجميع عليه بتعبيرات مختلفه قائلاً لا إله إلا الله
أنا ياسين عندي تقريبا كدا 31 سنه أصل الصراحه مبحسبهاش بخليهم كدا ببركتهم ميكانيكي سيارات بس إيه أعجبكوا أوي يعني اللي العربيه بتاعته تعملها معاه يكلمني أنا في الخدمه برضو وأنا عندي اعز من إخواتي وخصوصا لما يكونوا زيكوا كدا حاجه أخر منجهه يعني طب والله دا الزفت اللي إسمه زينهم الاسطا بتاعي الله يقطعه مترح ماهو قاعد عمره ما هيصدق إني عندي إخوات نضيفه كده أنهي جملته الاخيره وصمت
ولكن إختلفت تعبيرات الوجوه حوله منهم من نظر إليه بإشمئذاذ والبعض بإبتسامه والبعض الآخر بلا مبالاه
قطع الصمت ذلك الصوت الرقيق الذي خرج من شابه كأميرات ديزني بجمالها ورقتها وجسداها الممشوق كانت تشبه شقيقها عمر ولكن أجمل بقامتها القصيره وشعرها الأسود الطويل الذي يكاد يصل لركبتها وبشرتها البيضاء كالثلج وعيونها الزرقاء التي أبرزها ذلك الفستان الأزرق الواسع التي كانت ترتديه ويصل لركبتها كانت أقرب للاطفال في هيئتها كما أن البراءه تشع منها و بإبتسامه ساحره قالت
أنا بقي رهف الحناوي آخر العنقود 20 سنه مهندسه مستقبلية وفرحانه أوي أنكم هتقعدوا معانا بجد أنا حبتكوا أوي ومتحمسه جداً للأيام الجايه و أحلي حاجه بقى إني بقيت خاله وعمه مره وحده ولا الحوجه لأستاذ عمر عشان يجوز ثم التفتت إلي عمر وأخرجت لسانها ثم ركضت هاربه من أمامه عندما كاد ينهض من مقعده
فإنفجر الجميع بالضحك علي منظرها وهي تركض ونطق يوسف وهو يشير اليها قائلاً بتعجب: انتو متأكدين إنها عندها عشرين سنه مش عشره
فإنفجر الجميع بالضحك مره اخري
رهف بزعيق مزيف: ولد سمعتك بص أنا نفسي أعمل كبيره علي حد من زمان وجتلي الفرصه أخيراً خد هنا
ثم اتجهت نحوه بخطوات سريعه فتحرك يوسف راكضاً بعيداً عنها فركضت خلفه وهي تهتف
رهف: أقف عندك أحسنلك أنا لو مسكتك هموتك
يوسف: مين دي اللي تموتني دا أنا أطول منك يلا يا اوزعه
والجميع من حولهم يراقبهم ويضحك
ثم خرج ذلك الصوت الحنون من فم إمرأه تظهر ملامح الطيبه علي وجهها الجميل ليقول
هدي: خلاص يا رهف كفايه علينا كدا النهارده فاصل ونعود دلوقتي معاد الغدا يلا يا جماعه اتفضلوا علي السفره
نهض الجميع متجهاً نحو غرفة الطعام فكان أول من تحدث
ياسين: بسم الله الرحمن الرحيم دي كلها سفره دي ولا سفرة علي بابا والاكل دا يكفي جيش مش عيله
هدى: قول اللهم بارك يا ياسين يا حبيبي
ياسين: اللهم بارك بس بجد دا تبذير يا خالتي أم عمر
وهنا انطلقت الكثير من الضحكات وتحدثت رهف من بين ضحكاتها
رهف: خالتي أم عمر إيه بس يا ياسين
ياسين بتعجب: طب أقولها إيه
هدي بإبتسامه: قول اللي إنت عايزه يا حبيبي كل حاجه منك حلوه
ياسين: إن شاء الله يخليكي يا خالتي أم عمر
ثم جلس الجميع علي المائده وكان أول من بدأ طعامه ياسين والذي اخذ ربع ذلك الديك الرومي الكبير الذي كان يتوسط المائده وبدأ يأكله بشكل عشوائي او بمعني أدق بشكل بدائي في بادئ الامر كان الجميع ينظر فقط بذهول ثم ما لبث أن تحولت تلك النظرات إلي نظره باسمه وأخري مشمئذه متعاليه تشعر القابع أمامها بالدونيه
رفع ياسين رأسه ليقابل تلك النظرات التي كانت كالسهام التي تخترق قلبه فترك ما بيده ونطق بحسره قائلا
ياسين: آسف بس دي اول مره اقعد علي سفره ومتعلمتش اكل بالشوكه والسكينه
ثم أخفض رأسه أرضاً فكان أول من اخترق الصمت
علا بقرف: يبقي متقعدش وتقرفنا بيئه أوي
نهض ياسين سريعاً ونظر إليها بغضب قائلاً
ياسين: أوعدك مش هقعد علي السفر دي غير لما أكون زي زيك
خرج سريعا من الغرفه متجاهلا النداءات خلفه فنهضت رهف سريعا لتلحق به
رهف راكضه: ياسين يا ياسين إستني يا أخي
ثم أمسكت بذراعه فتوقف ياسين ولم يلتفت إليها
ياسين: سبيني لوحدي شويه يا رهف
رهف: لا يا ياسين يلا تعالي معايا عشان تكمل أكل
ياسين: لا يا رهف مش هاجي وارجوكي سبيني لوحدي
رهف: طب خلاص أطلع أوضتك وأنا هاجي اكل معاك ارجوك يا ياسين دا أول طلب أطلبه منك
ياسين وهو يزفر انفاسه: خلاص ماشي يا رهف
رهف: يا داااااده يا دااااده زينب
زينب: أيوا يا رهف يا بنتي
رهف: لو سمحتي يا داده وري ياسين أوضته وطلعي لنا الغدا فوق
ثم اتجهت نحو غرفه الطعام واخبرتهم أنها ستتناول الغداء مع ياسين و ذهبت نحو غرفة ياسين دقت الباب ودخلت كان يقف يوليها ظهره ناظراً من النافذة نحو الحديقه فوقفت بجانبه ونظرت إليه وجدت دموعه تنزل بصمت ألمها قلبها لأجله كثير لم تعرف كيف تواسيه فإقتربت منه وضمته وأخدت تُربْت علي ظهره فإنفجر باكياً وهو يتحدث من بين شهقاته قائلا
ياسين: مش ذنبي إن أمي مقلتلهوش إنها حامل مش ذنبي إن جوز امي خرجني من المدرسه مش ذنبي إني طلعت ميكانيكي مش ذنبي إني اقل منكم في كل حاجه مش ذنبي والله مش ذنبي
خرجت الكلمات من قلبها الذي تمزق الآن من كلماته وهي ما تزال تحتضنه
رهف: متقولش الكلام دا إيه أقل مننا دي ثم ابتعدت عنه وهي تنظر بعينيه لتكمل
الإنسان باللي موجود هنا مشيره لقلبه مش بالمظاهر المظاهر خداعه واللي انت بتقول عليه إنك أقل مننا بسببه دا سهل جدا تتعلمه ثم أمسكت بيده وهي تمسح بقايا الدموع من علي وجهه باليد الاخري وهي تقول أنا هنا جمبك هعلمك كل حاجه وهنغير شكلك ولبسك هتبقي أحسن واحد فينا متفقين
طبع قبله علي يدها وهو يقول
ياسين بإبتسامه: متفقين يا أحلي أخت
وبعد تناولهما الغداء ومحاولات رهف لتعليمه الاكل بالشوكه والسكين تركته وإنصرفت
نظر الي الباب المغلق خلفها وهو يقول بشرود
ياسين: شكلي هاخد حاجه تانيه أهم بكتير من اللي كنت جاي وناوي أخدها
وبعد فتره إستدعاه والده فذهب إليه
ياسين بجفاء: نعم
مراد: إقعد يا ياسين
ياسين: لا إتفضل قول عايز إيه عشان أمشي
مراد وهو يمد يدهه بورق نحوه: خد دول أوراقك الرسميه كلها بإسم ياسين مراد الحناوي
أخذ منه الأوراق دون النظر بها قائلا
ياسين: متشكرين أي أوامر تانيه
مراد: سامحني يا ياسين أنا عارف إني قصرت معاك أكتر واحد في أخواتك بس انا هعوضك هعوضكم كلكم
ياسين بسخريه: تعوضنا إنت تعرف كل واحد فينا عاش إزاي وهو بيتربي من غير أب من غير سند عمرك ماهتقدر تعوضنا عن حاجه إحنا أه جينا هنا زي ما إنت عايز بس عشان الفلوس أدي لكل واحد فلوسه مش هتلاقي حد جمبك هتبقي لوحدك زي ما سبتنا كل السنين دي لوحدنا وجاي دلوقت تقول هعوضكوا فوق إنت عمرك ما هتكون أب لحد مننا ثم تركه وأنصرف
بعد قليل من الوقت كان يجلس في غرفته وفجاه سمع صوت صرخات قادمه من الأسفل ففتح الباب وانطلق بإتجاه مصدر الصوت فوجد........إلي اللقاء في الفصل القادم بعد غد
أستغفر الله العظيم وأتوب اليه
أنت تقرأ
أنحن عائله؟!
Non-Fictionأنحن عائله؟! عائله كبيره أفرادها لا يعرفون بعضهم البعض لكل منهم حياته وشخصيته المستقله وفجأة يجدوا أنفسهم مضطرون للعيش معاً تحت سقفٍ واحد سجناً فُرِض عليهم كما أسماه بعضهم .... فهل الدم بينهم وحده سيكون كافياً ليصمدوا في ذلك السجن أم شخصياتهم وحياته...