أحيانا يكون أنسب مكان للدموع وسط زخات المطر، حيث تضيع العبارات مع حبات الثلج وتصبح البرودة مخدر للأوجاع، فيتوحد الحال في انسجام مطلق، بين قسوة البرد ولوعة الهجران، وتسكن بين جوانحنا رغبة الاحتضان.
على بساط من البياض ووسط عاصفة ثلجية اشتدت فيها قوة الرياح محذرتا الجميع من التقدم إلي هذه الأرض، كان هناك فتى يتقدم ببطء ذو أيدي عارية احمرت من الصقيع وجفون متجمدة جمعت أوراق الثلج فوق عينه ،و من شدة البرودة كان بخار كالسنة من النار البيضاء تخرج من بين شفتاه المشققة والزرقاء مع ذلك كان الفتى يواصل المضي قدما عكس الرياح، ورغم انه كان يرتدي حذاء للمشي على الثلج كان مع كل خطوة يخطوها كانت تغرس قدمه نصف متر في الثلج وذلك بسبب وزنه ففي الجانب الاخر على ضهره تحديدا احدهم كان ينعم بحضن دافئ من الخلف مغلقا اعينه ومستسلما لحامله بينما يغطي شعره ووجه طبقة من الثلج.
بعد مدة طويلة يتوقف ذلك الفتى عن المشي ليأخذ أنفاسه فيلحظ شيء بأعينه الزرقاء كان ضل مكعب كبير وراء الضباب فيبتسم لينزاح الثلج من على خديه المتيبسة ثم يهز ضهره ويقول بصوت عالي:
-انه مركز العاصفة كاتا . . كاتا ؟ هل انت مستيقظ ؟
يفتح كاتا اعينه ببطء لينزاح من على وجه بعض الثلوج ثم يقول بتأسف:
-أسف 'ليون' يبدو انني نمت لبعض الوقت..
ثم ينظر في الأرجاء للحظات مستوعبا لما قاله صديقه فيندهش ويتحرك بعشوائية مهملة فيسقط من على ضهره ليغطس في الثلج ، يعم الصمت لعدة ثواني ثم تخرج يده المحمرة من الثلج ليسند بها نفسه ويجلس على الثلج ثم يقول و الابتسامة تغطي وجهه:
-حقا وصلنا؟ . . هاي هاي هذه أول مرة تسمع فيها كلامي ظننت انك سوف تعود للمنزل بمجرد انني لم اعد بجانبك لألح عليك .. لكن ان تمشي كل تلك المسافة وانت تحمل صديقك .. أنت لا تفعل مثل هذه الأمور ليون.
يعيد ليون وضع قبعته الصوفية المتصلة بالمعطف على رأسه ثم يدخل يده في جيبه و يقول:
- اعتبرها هدية عيد ميلادك.
ثم يبتسم ويقول مضيفا:
-لا تنسى أيضا لقد وعدنا القائدة هيتوري بأن نكون أول من يصل الي قلب العاصفة فلأمر لم يعد مجرد فكرة غبية منك كاتا.
يقف كاتا بصعوبة على أقدامه ثم يمسح شعره و يغطي رأسه أيضا بانزعاج ثم يقول:
-حسنا حسنا ليتك تقف عند هدية عيد ميلادي.
ينظر ليون الي الأمام ناحية مركز العاصفة ثم يعيد النظر الي صديقه ويقول :
-هل يمكنك المشي لبعض الوقت؟ فمستوى الثلوج المتراكمة مرتفع هنا.
يهز كاتا قدمه ببطئ ثم يقول:
-اجل يمكن ذلك ببعض من المساعدة كما ان قدمي قد تخدرت لم أعد أشعر بالألم .
يقترب ليون من صديقه ثم يسنده على كتفه ويبدأ بالمشي فوق الثلوج بأحذيتهم العريضة مخلفين أثارا خلفهم.
بعد مدة ليست بطويلة أصبح الأثنين على بعد خمس أمتار من ذلك الشيء وقد كان مكعبا جليدا أبيض بطول 3 أمتار .
يترك ليون صديقه ثم يقول متعجبا بعدما توقفت الرياح وانخفضت شدة البرودة لتصبح الرؤية أوضح:
-هذا المكان ..! رائحة المكان عطرة.
يسحب كاتا جهازا من جيبه معطفه ثم يضغط على أحد الأزرار ويلوح به في الجو لبعض الوقت ينظر اليه ويقول:
-مستوى التلوث صفر في هذا المكان .
يلمس ليون المكعب الجليدي الأبيض ليتفحصه ثم يقول:
-أه هذه العاصفة تحمي... هذا المكان.
يعرج كاتا ليقترب من ليون الذي كان بجانب المكعب الأبيض ثم يقول مستغربا:
-هاي ليون الا تكون القطع المتماسكة من الجليد مثل هذه... شفافة عادة ؟
ينظر ليون إلى صديقه بعدما جذبه كلامه ثم أدخل أصبعه في الجليد حتى يلامس سطحا صلبا فتتغير ملامح ويقول:
-أنت محق ! أنها مجرد طبقة خفيفة من الثلج تغطي هذا الجليد من المحتمل أن نجد شيئا .. لكن لأستطيع الحفر بيدي أشعر أنها ستتجمد.
فيخلع كاتا وشاحه ويأخذ قارورة غريبة الشكل من الماء من حقيبته.
فينظر إليه ليون مستغربا ويقول:
-ما لذي تفعله ؟
يسوي كاتا وشاحه على شكل مستطيل ثم يسكب عليه الماء ويقول:
-أصنع مجرفة
ثم يأخذ وشاحه وبدأ يلوح به في الهواء حتى تجمد وأصبح صلبا، إذ بليون يضحك بغرابة ثم يهدئ ويقول:
-تبدو فكرة جيدة ..
يُطيل كاتا أكمام معطفه ويمسك بهم الوشاح الصلب ويبدأ بإزاحة الثلج عن الجليد من مقدمته حتى بدأ سطح المكعب بالضهور فيتوقف ويقول:
-أنظر هناك شيء ما أسود في الداخل.
فيرد ليون :
- أجل انا أراه..
أنت تقرأ
The Old Spirit X الروح القديمة
Fantasyأمطار ذو لون أزرق براق تمطر على مدينة أميكينشي'' أمطار التطور'' مدينة ضخمة في قارة نوكسين تمطر مجددا لتلعنها بسمها القاتل لذلك كان سكان المدينة يختبئون في منازلهم في كل مرة تمطر فيها ليس بسبب خوفهم من السموم التي تحملها الأمطار بل بسبب حكم الإعدام...
