--
اليوم أدركتُ الحياة جيداً.. أشخاص يشفقون عليّ، أشخاص يصبون كل غضبهم عليّ.. أشخاص يقومون بالتمييز العنصري.. أشخاص يتهمونني بالتكبر. أشخاص يقدون على حياتي البغيضة.
لا أعلم ما الذي يحدث بالضبط في حياتي.. لا أمتلك حبيباً لكنهم يظنون العكس.. والدتي تفضل أخي عنا كلنا.. أعني لما تفضله بحق الجحيم.. هل لأنه الفتى الوحيد..
أعلم أنها لا تهتم، لكنها حقا لا تهتم. لا أمتلك العديد من الأصدقاء, كل ما أحب فعله هو الرسم والكتابة... بذكر موضوع الرسم، لطالما كان لدي شغف حقيقي في الرسم.. كنتُ أستطيع أن أوقف كل شيء في حياتي من اجل أن أرسم.. لكن لم يهتم لي أحد.. بسبب أن أبي وعدني مرة بأن يدخلني في صفوف الرسم,, لكنه لم يفعل.. لذلك تغاضيتُ عن الأمر.. وفقدتُ شهيتي في الرسم.. أعود إليه حينما تنقلب حياتي رأسا على عقب.. فالرسم لمدة عشر دقائق كافي لي لأعود لرشدي.. لأمنع نفسي من السقوط لأسفل..
لكنني توقفتُ عن فعل ذلك.. كون كل شيء في حياتي مرهون بما أفعله في أوقات فراغي.. الكتابة، الرسم، الاستماع للأغاني، مشاهدة الأفلام.. فهم يرون أنني أضيع حياتي الدراسية بتلك الأشياء التافهة بنظرهم..
توقفتُ عن كتابة يومياتي لمدة عام,, لأن أمي بقيتْ تصرخ في كل مرة تراني بها أكتب في دفتري.. توقفتُ عن الرسم كذلك لأركز على دراستي اللعينة التي لن تنفعني في شيء..
لقد جربتُ العديد من الأشياء في حياتي.. تحصلتُ على أول خفقان قلب، وأول انكسار قلب.. جربتُ شعور الخيبة.. جربتُ البرود التام لأبقى بعيدة عن المشاكل.. جربتُ شعور الوحدة.. دمرتُ ثقتي بنفسي بسبب أشخاص لا يستحقون..
في كل مرة تراودني أفكار انتحارية.. أقول أن كل شيء سيهون.. سيهون وينتهي الأمر.. فمشاكل الأمس التي كنتُ أراها كبيرة قد ولّتْ، وأنا الآن أواجه مشكلاتٍ أخرى.
ثم ماذا..
لا أحد يهتم.
أبكي لساعات طويلة.. في مرات عديدة أضع يدي على فمي لأمنع الشهقات من الخروج، لا أهتم إن مت أو عشتُ.. فكلاهما واحد..
أحبذ الموت على العيش في هذه الحفرة السوداء.. الحفرة السوداء أقع فيها حين استيقظ صباحا، أدرك حينها أنه يوم آخر سيضيع في المدرسة اللعينة.. أرى الجميع، الكل مشغول بنفسه، الكل يعاني .. بإمكاني رؤية ذلك في أعينهم. مازلتُ في حفرتي السوداء. أعود إلى المنزل.. الجميع يصرخ.. أمي تتحدث في الهاتف، أبي يشهد فيديو ما ويضحك، بينما إخوتي يتشاجرون.. أضع السماعات.. أدخل الغرفة.. يشدني سريري إليه، أبقى تحت غطائي الأسود.. لا أتحرك.. لا أحد يلاحظ أني أهملتُ دراستي.. لا أحد يلاحظ أني بقيتُ على السري كل تلك المدة.. يأتي الليل.. أراجع ما حدث.. أضم قدماي إلى صدري.. أشد الغطاء بقوة..
تبدأ طقوس الليل.. البكاء ثم لوم نفسي على كل شيء.. أحمل هاتفي.. أتفقده للمرة المليون.. لعل أحدهم يأخذ هذا العبء. لكن... لا أحد.. أفسر كل شيء.. خيانة أبي لأمي.. حزن أمي الدائم ومحادثاتها الطويلة على الهاتف..إكتئاب أختي بسبب الدراسة.. شجار إخوتي.. عدم إمتلاكي لأصدقاء.. أحلامي المهدمة.. طموحاتي المتلاشية..كوني بشعة حد اللعنة.. كوني وحيدة..
أحاول الخروج.. التفكير بإجابية,, قراءة بعض كتب التنمية.. لكن.. القراءة ليستْ من ضمن طقوس الليل..طقوس الليل وحدها من تجعلني لا أفشل في إطلاق عنان دموعي أمام البشر.. وحدها طقوس الليل من تجعلني أستيقظ بأمل.. لأني قد استطعتُ إخراج الطاقة السالبة من روحي..
أغير ملابسي.. أغسل نفسي.. وجهي.. وأجول الغرفة مراراً وتكراراً.. أطرح السؤال.. ماذا لو؟ ... أنام.. ساعتان وأنهض.. ونفس الروتين.. كل يوم.. لا شيء يتغير.. حتى ولو رسمتُ.. أجد نفسي أعود إلى كل هذا مرارأ وتكرارً..
الكتابة لن تغير شيئاً في حياتي.. لكنها المنفذ الوحيد لي.. لن تستطيع أن تعبر عن الغصة المتكونة الآن في حلقي والتي تسبب لي القشعريرة وتقلصات في بطني كلما كتبتُ شيئاً قريباً من الحقيقة..
أنت تقرأ
اكتئاب لعين
Randomنلوم العالم كله على كآبتنا هذه..بينما نستمع لأغاني التحطم.. أغاني تصف حالتنا غير المستقرة، تردد أنه لا يهم، سيمر كل شيء.. لكن لا.. لطالما أردتُ أن أجد شخصاً يخبرني أن كل شيء سيكون بخير.. يخبرني بأنه يشعر بما أعانيه، يخبرني بأنه عانى لكنه نجا.. لكن أ...