محمود درويش

236 9 0
                                    

لا أريد من الحب غير البداية. هو الحب كذبتنا الصادقة. هذا هو الحب.. أني أحبك حين أموت وحين أحبك أشعر أني أموت. أدرب قلبي على الحب كي يسع الورد والشوك. لا أحد يتغير فجأة ولا أحد ينام ويستيقظ متحولا من النقيض للنقيض.. كل ما في الأمر.. أننا في لحظة ما.. نغلق عين الحب ونفتح عين الواقع.. فنرى بعين الواقع من حقائقهم ما لم نكن نراه بعين الحب.. في عين الحب. حين ينتهي الحب أدرك أنه لم يكن حباً.. الحب لا بد أن يعاش لا أن يتذكر. يعلّمني الحب أن لا أحب ويتركني في مهب الورق. من لا يملك الحب، يخشى الشتاء. الحب مثل الموت وعد لا يردّ ولا يزول ليس الحب فكرة.. إنه عاطفة تسخن وتبرد وتأتي وتذهب.. عاطفة تتجسد في شكل وقوام، وله خمس حواس وأكثر.. يطلع علينا أحيانا في شكل ملاك ذي أجنحة خفيفة قادرة على اقتلاعنا من الأرض.. ويجتاحنا أحيانا في شكل ثور يطرحنا أرضا وينصرف.. ويهب أحيانا أخرى في شكل عاصفة نتعرف إليها من آثارها المدمرة.. وينزل علينا أحيانا في شكل ندى ليلي حين تحلب يد سحرية غيمة شاردة، للحب تاريخ انتهاء كما للعمر وكما للمعلبات والأدوية.. لكني أفضل سقوط الحب بسكتة قلبية في أوج الشبق والشغف كما يسقط حصان من جبل إلى هاوية هل في وسعي أن اختار أحلامي، لئلا أحلم بما لا يتحقق. أمّا أنا، فسأدخلُ في شجر التوت حيث تُحوّلني دودة القزّ خيطَ حريرٍ، فأدخلُ في إبرة امرأةٍ من نساء الأساطير، ثمّ أطيرُ كشالٍ مع الريح. والتاريخ يسخر من ضحاياه ومن ابطالهم.. يلقي عليهم نظرة ويمر. أتيتُ ولكني لم أصل.. وجئتُ ولكني لم أعد. سنصير شعباً حين لا نتلو صلاة الشكر للوطن المقدَّس، كلما وجد الفقيرُ عشاءَهُ.. سنصير شعباً حين نشتم حاجبَ السلطان والسلطان، دون محاكمة. أحببتك مرغما ليس لأنك الأجمل بل لأنك الأعمق فعاشق الجمال في العادة احمق. سأَصير يوماً ما أُريدُ.. سأصير يوماً طائراً، وأَسُلُّ من عَدَمي وجودي.. كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ اقتربتُ من الحقيقةِ، وانبعثتُ من الرمادِ.. أَنا حوارُ الحالمين، عَزَفتُ عن جَسَدي وعن نفسي لأُكمِلَ رحلتي الأولى إلى المعنى، فأَحرَقَني وغاب.. أَنا الغيابُ.. أَنا السماويُّ الطريدُ. هل في وسعي أن اختار أحلامي، لئلا أحلم بما لا يتحقق. أمّا أنا، فسأدخلُ في شجر التوت حيث تُحوّلني دودة القزّ خيطَ حريرٍ، فأدخلُ في إبرة امرأةٍ من نساء الأساطير، ثمّ أطيرُ كشالٍ مع الريح. والتاريخ يسخر من ضحاياه ومن ابطالهم.. يلقي عليهم نظرة ويمر. أتيتُ ولكني لم أصل.. وجئتُ ولكني لم أعد. سنصير شعباً حين لا نتلو صلاة الشكر للوطن المقدَّس، كلما وجد الفقيرُ عشاءَهُ.. سنصير شعباً حين نشتم حاجبَ السلطان والسلطان، دون محاكمة. لا أتذكر قلبي إلا إذا شقه الحب نصفين أو جف من عطش الحب. وقلت له مرة غاضباً كيف تحيا غدا.. قال لا شأن لي بغدي إنه فكرة لا تراودني وأنا هكذا هكذا لن يغيرني أي شيء كما لم أغير أنا أي شيء فلا تحجب الشمس عني.. فقلت له: لست اسكندر المتعالي ولست ديوجين فقال: ولكن في اللامبالاة فلسفة إنها صفة من صفات الامل. أحببتك مرغما ليس لأنك الأجمل بل لأنك الأعمق فعاشق الجمال في العادة احمق. سأَصير يوماً ما أُريدُ.. سأصير يوماً طائراً، وأَسُلُّ من عَدَمي وجودي.. كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ اقتربتُ من الحقيقةِ، وانبعثتُ من الرمادِ.. أَنا حوارُ الحالمين، عَزَفتُ عن جَسَدي وعن نفسي لأُكمِلَ رحلتي الأولى إلى المعنى، فأَحرَقَني وغاب.. أَنا الغيابُ.. أَنا السماويُّ الطريدُ. عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني. قصب هياكلنا وعروشنا قصب.. في كل مئذنة حاو ومغتصب.. يدعو لأندلس إن حوصرت حلب. وليسَ لنا فِي الحنين يَد.. وفي البُعد كان لنا ألف يَد.. سلامٌ عليك، افتقدتكَ جدًا.. وعليّ السَلام فِيما افتقِد.. بلَدٌ يُولَدُ من قبر بَلَد.. ولصوصٌ يعبدون الله كي يعبدهم شَعبٌ.. ملوكٌ للأبد وعبيدٌ للأبد. علينا الا نلوم المفجرين الانتحاريين.. نحن ضد المفجرين الانتحاريين، لكن يجب علينا أن نفهم ما الذي يدفع هؤلاء الشباب للقيام بتلك الأفعال.. إنهم يريدون تحرير أنفسهم من هذه الحياة المظلمة.. إنها ليست الإيديولوجية، بل اليأس. كل نهر، وله نبع ومجرى وحياة.. يا صديقي.. أرضنا ليست بعاقر كل أرض، ولها ميلادها.. كل فجر وله موعد ثائر.. وها أَنَذَا أستطيعُ الحَياةَ إلى آخِر الشَّهر.. أَبذُلُ جُهدي لأكتُب ما يُقنعُ القَلبَ بالنَّبض عِندي.. وما يُقنعُ الروح بالعَيش بَعدي.. وفي وُسع غاردينيا أن تُجدّد عُمري.. وفي وُسع امرأة أن تُحدّد لَحدي. في اللامبالاة فلسفة، إنّها صفة من صفاة الأمل. ولنا أحلامنا الصغرى: كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة.. لم نحلم بأشياء عصية.. نحن أحياء وباقون، وللحلم بقية. *كأن يديك المكان الوحيد.. كأن يديك بلد.. آه من وطن في جسد. النسيان هو تدريب الخيال على احترام الواقع. هناك حب يمر بنا فلا هو يدري ولا نحن ندري. من سوء حظي نسيت أن الليل طويل ومن حسن حظك تذكرتك حتى الصباح. ما هو الوطن.. ليس سؤالاً تجيب عليه وتمضي.. إنه حياتك وقضيتك معاً. فارسٌ يُغمد في صدر أَخِيِه خنجراً بإسم الوطنْ ويُصَلِّي لينال المغفرةْ. *ما هو الوطن.. هو الشوق إلى الموت من أجل أن تعيد الحق والأرض.. ليس الوطن أرضاً.. ولكنه الأرض والحق معاً، الحق معك، والأرض معهم.

    ~کْتٌـأّبً ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن