الروح وإنكسار ظلها

24 3 14
                                    

الخسارة لا تكون على هيئة اشخاص فقط  ف اقسى الخسارات هي خسارة الشغف بعدها ستغدو اعماقك فارغة ..
في غرفة الفندق تلك وعلى مقربة منه تقف شاخصة أمامه ،وعلى إنحناءة عنقها قطرة ماء تنسدل بهدوء، عيناه عالقة بها تتابع تسلل مجراها بحذر وعرق بارد يتدفق من مسامات يده وهو يقبض على دفتر ورقي بيده اليسرى، للوهلة الأولى قد يخيل لك أنه تمثال متجمد لولا إرتعاشة يده اليمنى التي كانت تحمل سيجارة تكاد تنطفيء من فرط إهماله لها.

لا شيء يفصله عنها سوى بضع سينتمرات وطاولة؛ هو في مأزق كبير. .

تصاعدت أنفاسه في موجة الإنفعالات التي تجتاحه كأنهيار سد مغرق كبير ليجد نفسه سابحا في بحر ذكرياته المتلاطم الأمواج، وفجأة توقف عند لحظة معينة كانت تمثل حاجزا من الإنكسار والألم؛ أسماء ووجوه،عبارات وأشرطة من المواقف والصراعات، وفي خاطره لا زالت صور نابضة بالحياة وأخرى تنازعها قاتمة كالحة كشياطين الغضب،تتراقص وتوعد وتشير إليه بسببابتها ،غصة مؤلمة في حلقه واللسان منعقد في ألم رهيب يعتصر المبادئ والعقائد والقيم ولكنه يعي وبصدق إحساسه أين يكمن الطريق  .

أشرقت الشمس ولا زالت عيناه شاخصة نحوها وكأن المكان يضج به وبها ،وتصاعدت الأنفاس في دقائق بدت كالدهر في ثقل وطأتها عليه.

امتدت يده لتعانق رأس الزجاجة ولأول مرة ارتشف العصيان من ثغرها كشربة جزع وقلبه ينبض لوعة وبفكر يقظ تسبب في إنهاء محكمة ظله الكامن في سؤال.

عادت إليه هدأة الروح وتبدد معها الشك ،ولكن مما لا شك فيه مطلقا بأن أمرا جللا قد وقع.

جلس منتبها مدركا أن نار فضوله المستعرة قد خمدت جذوتها بعد أن طال أمد إشتعالها ،هذا ما شعر به بعد زلزال عظيم أودى بهاجس إتسم أناه بالصبر الجميل بعد أن أتقن صقله بمهارة مع الأيام؛ وها هي لحظة الحقيقة دقت أجراسها.

الآن أضحى حرا فقد ذهبت أعظم مخاوفه

وإنهارت معها حصون الريبة

وتداع كيانها.

إختلجت دواخله بمشاعر لم يسبق له معرفتها، واقدامه الراسخة بثبات صارت تأخذه بعيداً ليتقدم بخطى ثابتة توشك أن تسابق الريح وبقامة تطاول في شموخها قمم الجبال.

ذاك الفتى الذي لم يلتفت يوما لسرعة ما يدور حوله سوى من الجانب الأدق الذي لا يبصره سواه، لسان حاله يقول قد انطوى العالم بين كفيه الناعمتين.

فالتغيير مؤلم ولكن لا شيء يضاهي ألم البقاء عالقا في اللامكان حيث لا ينتمي المرء ،تائه في دوامة منغلقة على اللاشيء 

خرج من غرفته منتشيا بلذة النصر ومضى نحو عالم جديد ،غاصت خطواته في زقاق ضيق المسار حتى وصل إلى ساحة وفي نهايتها مقهى جميل، جلس فيه وعينيه محدقة في برج باسق يطل على صفحة ماء نقية،كنقاء وجهه وصفاء سيرته.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 02, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

"كلمات مبتورة الساقين " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن