الرساله الاخيره

32 1 0
                                    


"I was chocking in the ground,

 building my rain up in the cloud, 

falling like ashes to the ground"

الثالثه بعد منتصف الليل. تقف في شرفة غرفتها المظلمه، تشعل السيجارة الخامسه او ربما كانت السادسه. لم تكن تطيق رائحتها يوما ما، بل و كانت تكره كل من يشعل سيجارة امامها. تغيرت كثيراً عن ستين يوماً مضت.لم تكن هكذا يوما، كانت اكثر حيوية و بهجه، تملأ ضحكتها ارجاء المكان، تدرك وجوها عندما تسمع صوت قهقهات الاخرين يعلو. اما الأن، فهي مجرد شبح لفتاة لا تقوي علي الابتسام مجدداً، مجرد ابتسامه، اصبحت تفعل كل شيء كانت تستنكره علي الاخرين، تدخن مرات عديدة يومياً، تتلذذ بأذى نفسها، وكأنها تقول لها:" هنيئاً لك ما فعلته به يوماً". اصبحت تعشق السهر و النوم طوال النهار، لا تطيق ضوء الشمس، تعشق انغماسها في الظلمه طوال الوقت، تشعر و كأن ظلمة الليل تشبهها  كثيراً، فيما عدا انها لم تعد تؤمن ان لكل ليل فجر يغلب نوره الظلمه. باتت تسمع الموسيقي الصاخبه التي لم تكن لتتحمل ضوضائها قبل ان تمر بكل ما مرت به، قبل ان تقضي الحياة علي ما بقي من حطام روحها، ربما لأنها الان اقل ضوضاء مما يدور برأسها. تملأ عينيها دموع تأبي النزول، ربما لو تمردت و هربت من عينيها لتمرد سائر جسدها عليها، لتتهشم علي الارض مثل زجاج مكسور، او ربما تصرخ بأعلي صوتها لعل احدهم ينتبه انها ليست بخير.

"PAIN, you made me a, you made me a believer, believer.!"

حتي تلك الضوضاء لم تعد تقوي علي سماعها. اطفأت الاغاني و همت الي الداخل، اعدت بعض الشاي، لم تحبه يوماً ما ولا تدري لمَ هو بالتحديد الذي اختارته لتنفيذ تلك المهمه، لمَ لم تختار القهوة رغم انها كانت تحبها كثيراً، ربما ارادت ان تبتعد هذه المره عن اي خذلان جديد، لن تتقبل ان تخذلها قهوتها فاختارت الشاي رغما عنها و عن رغبتها و رغبة قلبها. علي أيةِ حال لا يهم، فهي لا تتذكر ان قلبها اراد شيئاً من قبل و كان صائباً، كل اختياراته اودت بها الي جحيم هذه الغرفه المظلمة التي تأبى دخول الشمس او الضوء، فلن يكون هناك فرق كبير بين اختيارها الشاي او القهوه، يضعون السم في العسل فهل سيأبى القيام بما كُلِّف بها إن وُضِع في الشاي! احضرت عدة اوراق و قلمها المفضل. نظرت اليه بتمعن، كثيراً ما كانت تستخدمه لتكتب اليه ما تشعر في نوتة صغيره اوراقها ملونة. تذكرت كم مرة كتبت له انها اشتاقت اليه كثيراً، و كم مرة كتبت له ما عجز لسانها عن البوح به. تذكرت المرة الاولي التي التقت فيها اعينهم، و ذلك الدفئ الذي شعرت به عندما تشابكت اصابعهم، ربما كان هذا الدفئ  لتشابك ارواحهم، لم تشعر بكل هذا القدر من السعاده من قبل. هربت من عينيها جمرة متقده، و سرعان ما طردت كل تلك الذكريات من رأسها، فهذا ليس الوقت المناسب ابداً لتصحو فيها كل تلك المشاعر، ربما انها لم تمت بعد. اشعلت شمعة صغيرة علي زجاج مكتبها و امسكت بكوب الشاي الذي اعدته و اخذت تشربه ببطئ ثم بدأت بتدوين بعض الكلمات علي ورقة:-

"حتي من قرروا انهاء مسرحية حياتهم السخيفه كانوا يملكون قلباً نقياً، لم يتحمل قسوة هذا العالم. هؤلاء البشر، خلفاء الله في ارضه، قد حطموا قلوب الانقياء منهم و نعتوهم بالسذج. اما بعد، فقد قرر احد هؤلاء السذج انزال الستار لانهاء تلك المسرحية السخيفه التي يعيشها كل يوم رغماً عنه. إلي كل من حطموا داخلي كل شيء جميل، الي الحبيب الاول و الاخير الذي قرر ان يخبرني انني لا اعني له شيئاً، و نعتني بالمجنونة مراراً و تكراراً، ذلك البعيد القريب الذي ارغمني علي عيش قصة حب وهمية لا صحة لوجودها. إلي اصدقائي ، هؤلاء من ظننتهم السند و الملاذ من طعنات الحياه، كنت مخطئة، فأنا الان غارقة وحدي في ظلام دامس يحاوطني من الخارج و الداخل، اختنق بدخان سيجارتي التي اصبحت رفيقتي الوحيدة، اما انتم فلم اجد منكم نبراساً يضئ عتمتي. الي ابي و امي، تركتوني وحيدة في هذا العالم دون سابق انذار، دون ان تخبروني كيف لي ان اتعامل مع كل هذا الألم، سامحوني فلم اعد احتمل كل هذه الضوضاء في عقلي، الي لقاء ابدي بعد دقائق."

                                                                                            تمت 

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Sep 21, 2019 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

الرساله الاخيرهWhere stories live. Discover now